بْجَاهْ رَبِّي قٌولُولِي
يَاخِي القرآن مْتَاعْ شْكُونْ؟ مْتَاعْ المسلمين ولَّ مْتَاعْ العالَمِين؟ مواطن
العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (Didactique de la Biologie)
كل ما بَنَى علماء الغرب
عِلمًا وتَكْنَلَجُوه ولنا صدّروه وكأنهم من أجلنا اخترعوه، إلا وصاح بعض
المتعصبين منّا وقالوا أنهم في القرآن وجدوه. لنفرض جدلا أن ما يدّعونه صحيح: فهل
القرآن ملكية خاصة حكرًا على المسلمين دون غيرهم؟
على حد علمي المتواضع، هو
رسالة للعالمين (حسب تأكيد رب العالمين نفسه وحسب قول خاتم النبيّين وأشرف
المرسَلين)، مسيحيين ويهود وبهائيين وهندوسيين وبوذيين وحتى الملحدين والناس أجمعين.
أأنتم وحدكم تمثلون العالمين أيها المسلمون؟ أليس الذي هداكم بقادِرٍ على هداية
غيركم؟ وإلا فكيف تفسرون إسلام روجيه ڤارودي، أحد مؤسسي الحزب الفرنسي ومنظر
الإلحاد سابقا، وهو في التاسعة والستين من عُمُرِهِ؟ وقد قدم هذا الفيلسوف للإسلام
خدمات فعلية تعجز عشرات الآلاف منكم على تقديمها. ألم يقل رسولنا الكريم صلى الله
عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة (الإسلام)، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". فمن المروض إذن أن القرآن
قرآنهم كما هو قرآننا! فبماذا نتباهى إذن نحن المسلمون؟ بما نملك أو بما يملك
الجميع؟ زد على ذلك أن إعجاز القرآن هو إعجاز يرجع فيه الفضل لله وحده سبحانه
وتعالى وليس لنا فيه أي استحقاق. فهل يحق لنا نحن المسلمون أن نتباهى بما يمنّه
الخالق على مخلوقاته جميعا؟ أو ننتحل صفة من صفاته؟ عطفه وكرمه ورحمته شملت الناس
أجمعين ولم يقل أنه خص بها المسلمين وحدهم. وعلى حد علمي أيضا لا يعرف أحدٌ غيره
مَن سيشمله عفوه وعلى مَن سيسلّط غضبه؟
نمسك بالمصحف ونرفعه هوية وحيدة لنا
في وجوه غير المسلمين، لا نفرّق بين صالح وطالح منهم، وكأنه إنجاز من كدّنا وعمل
أيدينا. وهم يعرضون علينا علمهم طواعية ومصلحةً ويشرّكوننا فيه ويفتحون أمامنا
طريقا للنجاة ولو عملنا بالعلم لفزنا كما فازت بلدان إسلامية وغير إسلامية. نحن
نهددهم بجهنم وبئس المصير وكأن جهنم بأيدينا أقفالها! أو كأننا نعلم مسبقا، أهُم
أم نحن سُكانها؟ ألا يجازي الله عباده على قدر أعمالهم؟ أوَ نحن أنجزنا حتى ننتظر
يوم القيامة ثوابًا على إنجازنا؟ أليس الجواب بائن من عنوانه؟
هل اخترعنا دواءً واحدًا يشفي مرضًا
واحدًا؟
هل صنعنا مركبةً سريعة واحدة، بريّة
كانت أو جويّة أو بحريّة؟
هل سهلنا التقارب والتواصل والتحابب بين البشر كما فعل
مخترعو الهاتف والتلفاز والسكايب والفيسبوك والتويتر؟
هل صدّرنا قمحًا للمحتاجين؟
هل استقبلنا لاجئين أم كنا لهم مهجرين؟
هل قرأنا القرآن؟ نعرفه، نعم، نعمل بفلسفته، لا! وهل
في العالم مَن لا يعرفه؟ نحترمه، نقدسه، ونحفظه معززا مكرّما في
"الأرجانتيير". وهل يوجد عاقلٌ لا يحترم الكتب المقدسة؟ أما المستشرقون
منهم فقد قرأوه وتفكروه وتدبروه وللغاتهم ترجموه. نحن اكتفينا بتقبيله وترتيله كالببغاوات
خمس مرات في الصلاة دون خشوع ولا تقوى. وهل إذا قرأناه فهمناه؟ "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ"َ. ومَن هم الراسخون في العلم"؟ هم ورثة الأنبياء. وهل
يمكن اليوم لعالِم واحدٍ أن يكون راسخا في العلم؟ وهل القرآن سهلٌ إلى درجة أن
يفسره الغزالي وحده أو القرضاوي وحده ؟ مع احترامي للشيخين الجليلين. وما دام
القرآن يحوي العلوم كلها إيحاءً وتلميحًا وليس تعليمًا وتفصيلاً، فالأفضل أن يتولى
تفسير آياته وتأويل معانيه فريقٌ غير متجانس من العلماء، ألسني وفيلسوف
وإبستمولوجي وبيولوجي وأنتربولوجي وبسيكولوجي وفيلولوجي وسيميولوجي وسوسيولوجي
أديان وفنان وطبيب ومن المستحسن أن يكون بينهم عالم أو اثنان غير مسلمين وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
شخصيا حفظت جزءً صغيرا منه في الصغر
وقرأته وتفسيره في الشباب ولم أتبين عمق مقاصده إلا بعد الدكتورا والمتشابهات فيه
أكثر من المحكمات لذلك يحق لي أن أقول أن لكل زمن قرآنه أي تأويله فالنص ثابت في
المكان والمعني متحرك وعابر للأزمان، تلك حكمة لا يعلمها إلا هو!
كفانا تكبرا وتفاخرا بما في القرآن
وأكيد ليس فينا وهذا التقييم لا يحتاج إلى حجة أو دليل لأنه جلي واضح وضوح الشمس في الأصيل (نستطيع رؤيتها ولا تعمينا
أشعتها)! كفانا احتكارا لمُلك عالمي عمومي مشترك. كفانا اغتصابا لحقوق غير
المسلمين المشروعة في القرآن! أليسوا هم أيضا من خلقه؟ ألم يخلقهم سبحانه عنّا
مختلفين وذلك لحكمة يعلمها ونحن نجهلها؟ أليس هو القائل: "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"؟ (أكيد هو).
أفيقوا بنُو ديني واصحوا من أوهامكم!
ألم يقل لكم بصريح العبارة: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم"؟ (أفضل وأبلغ وأقصر تعريف عندي للعَلمانية). كفانا انتظارا لمُغيثٍ
قال لنا أنه لن يأتي! أنكذبه -أستغفر الله- ونقول: لا، سوف يأتي! لقد غير أسلافنا
ما بأنفسهم فغير الله ما بهم: فتحوا الأمصار، ملكوا نصف العالم، أحيوا الفلسفة
اليونانية وهي رميم، اكتشفوا الجبر وعلم البصريات واللوڤاريتم والصفر والإكس (L`inconnu X) والتشريح وبعض النجوم والكواكب. ومذ تشبثوا بالقرآن نصا وجمدوه معنى
ومنعوا الاجتهاد ولم يعملوا بما حثت عليه الفلسفة اليونانية السابقة لنزول القرآن
ولم يتفكروا في معنى أولى آيات القرآن "
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ
الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ
وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي
عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ
الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"،
منذ القرن الثاني عشر ميلادي ساءت أحوالهم وقعدوا والله لا ينصر القوم القاعدين
حتى لو كانوا من المسلمين كما لا ينجي من الغرق غير السباحين حتى ولو كانوا من
المسلمين. والقرآن لا يشرفه الكسالى الفاشلون من أي دين يكونون.
كيف يتجرأ مسلم جاهل ويرفع القرآن مكفرا في وجوه علماء للإنسانية نافعون أو في وجوه
سياسيين لشعوبهم مستنهضين محررين من أمثال باستور وميندال وغاندي ومانديلا؟ ألم
يقل عمر رضي الله عنه: "انصحوا الناس بصمت". قالوا: "كيف يا
عمر". قال: "بأخلاقكم وسلوككم". فمَن يا ترى ينصح اليوم الناس
بصمت؟ أأنتم أم هم؟ وَمَن يَقْتُلُ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ دون حَقِّ
؟ أأنتم أم هم؟ ضعفاء الأنفس منهم فعلوها فينا والمجاهدون في سبيل الشيطان منا أجهزوا على المتبقي منا.
بالله عليكم قولوا لي مَن ربكم ومَن ربهم؟ أليس رب
واحد أحد، الله الصمد؟ أوَ أنتم للتوحيد أيضا محتكرون؟ اتقوا الله في دينكم
و"وَقُلِ اعْمَلُوا
فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ". هم عملوا فبارك
الله أعمالهم. وأنتم، مَن أنتم؟ أم لديكم اعتراض على مشيئته؟
أخيرا من فضلكم أجيبوا على سؤالي: بْجَاهْ رَبِّي قٌولُولِي يَاخِي القرآن مْتَاعْ
شْكُونْ؟ مْتَاعْ المسلمين ولَّ مْتَاعْ العالَمِين؟
شخصيا أقول مْتَاعْ الناس أجمعين مسلمين وغير مسلمين. ولو جيدا قرأتموه لَوجدتم فيه
تمجيدًا لهم، هم العاملون. ولو تمعنتم فيه أكثر لَاكتشفتم فيه تقريعًا لكم، أنتم
القاعدون، الذين لا يقرأون وبأول النزول لا يعملون. فكيف يا ترى دون العمل والعلم
ستفلحون؟ اتركوا علم الله لله وأرونا علمكم. ألم يهبكم الله مع القرآن عقلا؟
فلماذا هم تمسكوا بواحد مما عندكم ففازوا ؟ وأنتم فشلتم منذ أن أهملتم العقل
متصورين خطأ أنكم فزتم بالقرآن وفاتكم أن
القرآن بلا استعمال العقل يبقى كلام الله لكن لا يستفيد منه البشر حتى لو كانوا من
المسلمين ولربهم صباحا مساء راكعين خاشعين. ضاعَ بسبب "ذكائكم" الأول
والثاني!
وإذا كنتم فعلا "خير أمة
أخرِجت للناس" كما يقول عنكم القرآن فاثبتوا للعالَم أحقيتكم بهذا الشرف.
أستغفر الله، يبدو لي أنه لا يقصدكم بهذا الوصف! فالأمة الأسكندنافية أحق منكم
بهذا الوسام الرباني يا مسلمين غير مسلمين. ألم يقل ابن تيمية شيخ السلفية وأنا في
هذه أوافقه تماما: "دولة عادلة كافرة خيرٌ من دولة مسلمة ظالمة"
والسلام.
إمضائي:
على كل مقال يصدر عَنِّي قد
يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
"وإذا كانت كلماتي لا
تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
بالفلاقي، فدّيت مِن تعاليق
بعض القرّاء: "حقّك اكتبت هَكَّ ولّ هَكَّ". والِّلِّشاهي شهوة إديرها
في عشاه والِّلِّعندو فكرة مخالفة لفكرتي ينشرها في جورنالو وقِيلوني لله يرحم
والديكم. أنا شيخ شايخ فلا تطيِّروا من رأسي السكرة الصوفية وأخيرا أقول لكم: ربي
عندي فيه بَايْ وفي القرآن عندي بَايِينْ والله لم يبنِ بينه وبيني لا حْجابْ ولا
حْجابينْ ويرحم والدين مخترع الفيسبوك ولو كُتِبت له النار ككافر وكُتِبت لي الجنة
كمسلم لرَجوتُ الله أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولو كان بإمكاني لَمنحته
مكاني!
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 22 ماي 2016.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire