jeudi 6 avril 2017

إلى متى ستدومُ القطيعةُ ويُعمّرُ الخِصامْ بين العقلِ والنقلِ، ومتى سيَحِلُّ في حضارتِنا العربية الإسلامية بينهما الوئامْ؟ فكرة فيلسوف حمام الشط وجليسي اليومي في المقهى حبيب بن حميدة. صياغة وتأثيث مواطن العالَم

 وُلِدت الفلسفةُ العقلانيةُ بعيدًا عنّا في الغربِ وتحديدًا في اليونان منذ 25 قرنًا، خمسة قرون قبل ميلاد المسيح وإحدى عشر قرنًا قبل هجرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.
عادَتْها الحضارةُ الغربيةُ المسيحيةُ، حاربتها بشراسة وضراوة أكثر ألف مرة مما فعل معها المسلمون: قمعت دُعاتَها ورموزَها وشرّدت تلامذَتَهم وأتباعَهم ومريدِيهم، نفت أكثرَهم، قطعت ألْسُنَ بعضهم، رَمت بِبعضهم في قاع البئر حتى الموت البطيء، شَوَتْ لحمَ بعضهم على نارٍ هادئة وهم أحياء مقيّدِين معلقين مصلوبين على رؤوسهم وقتلت أكثرهم، وليس بِبعيدٍ - أي في القرن 17م - حاكمت وأدانت وفرضت الإقامة الجبرية على أفضلهم، مُكتشفُ كروية الأرض عالِم الرياضيات الشهير ڤاليلي (المصدر: هاشم صالح).
خاصمتها دون هوادةٍ طِوال 17 قرنًا اعتقادًا منها أن الدين أتاها بالأجوبة الشافية والكافية لكل أسئلة الحياة ولم تعد في حاجة لعقول الفلاسفة واستغنت عن تشغيل العقل واستبدلته بوصفات النقل، وصفاتٍ جاهزةٌ بسيطةٌ مطمئنةٌ ومريحةٌ لِضميرِ الغني والفقير، الأول يفرح ويستفرد بِغناه والثاني يرضى بِفقره بل يراه ابتلاءً ويعتبره تكفيرًا عن أخطائه الوهمية وتخفيفًا من العقاب يوم القيامة ورحمةً من السماء.
بدأت تتراجع عن موقفها وترجع عن زَيغِها وتهتدي إلى الطريق المستقيم إثر صدمة محاكم التفتيش في نهاية القرن 15م في إسبانيا والبرتغال. تراجعت تحت وقعِ مطارِقِ الفلاسفة وسلّمت بالضربة القاضية وانسحبت من السلطة مكرهة لا بطلة وجبرًا تصالحت مع غريمتها وابنتها الفلسفة العقلانية الإغريقية وعلى أساسها شرع الغربُ الحديثُ في البناء والترميم والإصلاح وبدأ نهضته مع نبيه البشري العبقري الموهوب المنبثق من بيئته الأرضية غير المبعوث من السماء، الفيلسوف ديكارت. اللهم يا حنّان يا كريم ابعث من بيننا ديكارتًا مسلمًا عربيًّا من صُلبِنا يكشف لنا العقلانية الكامنة في رسالتك المحمدية ما دمنا لم ننتجه بأنفسنا كما نبهتنا وحذرتنا في قرآنك الكريم يا أرحم الراحمين، ألم تقل لنا "لا يغير الله ما بِقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم" فلماذا لا نفقه هذه الحكمة ولا زلنا ننتظر خلاصًا من السماءْ دون جُهدٍ ولا عناءْ ونتوهم قدومَ  مهديٍّ منتظرْ لا يُرجَى من انتظاره غير الكسلِ والشرْ.
للأسف لم تجنِ الحضارة  الغربية المسيحية من انتصار العقلِ على النقلِ إلا الربحُ والرفاهُ المادي لفائدة أقلية من البورجوازية على حساب أغلبية من الأجراء المفقرين عمالاً وفلاحين. باسم العقلانية الباردة والمتوحشة استحوذت البورجوازية بالقوة على ثروات العالم الأحفورية والمكتسبة بعرق الأجراء، أقنانُ الحداثة وعبيدُها الجُدُدُ.

أما قصةُ الحضارة العربية الإسلامية مع الفلسفة العقلانية الإغريقية فمسارٌ مختلفٌ ومخالِفٌ. حقبةٌ جاهليةٌ في الجزيرة العربية، ثوّرها الإسلام ونوّرها فتوهمنا مثل اليهود والمسيحيين أن الخلاص كله يأتي من السماء وحدها وليس لنا إلا الدعاءْ وكما ذكرتُ أعلاه الانتظارُ دونَ جُهدٍ أو عناءْ. اكتشفناها في القرن 9م، أي قبل الغرب بخمسة أو ستة قرونٍ، وتحديدًا في عهد المأمون خلال الخلافة العباسية مؤسس جامعة بيت الحكمة سنة 830م. نشطت الترجمة في دار الإسلام وعمّت الحداثة (المصدر: أدونيس) وانتشر حب المعرفة بغض النظر عن مصدرها. استفدنا منها أيما استفادةٍ ووظفناها أفضل توظيفٍ، شجرة أقلمناها وكيّفناها ووزرعناها وسقيناها ورعَيناها وطورناها، وبفضل عقولِ فلاسفتنا المسلمين عُجمًا وعربًا أثمرت في ربوعنا رياضيات ولوغاريتمات وفضائيات ومِعماريات وفلاحيات وطِبًّا وعلومًا لأول مرة تجريبية. دام الزواج والود والوئام بيننا وبينها قرابة الثلاثة قرون ثم حصل ما لم يكن في الحسبان، دَبَّ الشقاق وحصل بسرعة الطلاق، رجمناها ومِن بلادنا وأمخاخنا شر طردةٍ طردناها، واحتفاءً بِنفيِها في نهاية القرن 12م، أشعلنا نارًا وقودُها كُتُبُ ابن رُشد. ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم، أي منذ ثمانية قرون، دخلنا في عصرِ النكبة ودخل الغرب عصرَ النهضة، والمفارقة الكُبرى أن نكبتَنا بدأت على أنقاض جثة ابن رشد ونهضتِهم شُيِّدت على كَومَةٍ من كُتُبِ ابن رشد، الفيلسوف العربي والقاضي الشرعي المسلم.

خاتمة:
طردناها فذهبت ولم تعُد، ولم تطأ قدمها أرضنا منذ ذلك التاريخ المعلومْ والمَكلومْ. فإلى متى سيدوم بيننا وبينها الخصامْ، ولماذا لا نستعجل بيننا وبينها الوئامْ؟ ولماذا لا نعتذر عما صَدَرَ منا في حق صاحبة العقل التمامْ، ونطلب عفوَ عالية المقامْ، ونعقد عليها من جديد ونستقبلها في ديارنا بالزغاريد والأنغامْ، لعل الله ذو الجلال والإكرام يمنّ علينا بِذرية أصلح من ذريتها مع أولاد الأعمام، ونحقق بمعيتها تصالحَا بين العقل والنقل وبين العلم والإيمان؟

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 6 أفريل 2017.
Haut du formulaire



mercredi 5 avril 2017

حكاية واقعية معبِّرة لو يتعظ اليساريون التونسيون! مواطن العالَم

 الحكاية كما رواها لي (في مقهى البلميرا بِحمّام الشط الشرقية) صديقي وزميلي اليساري رضا بركاتي أخو نبيل بركاتي العضو السابق بحزب العمال وشهيد القمع البورڤيبي سنة 1987: "في بداية الستينيات زار الحزبُ الشيوعي التونسي (قبل حَظْرِهِ مِن قِبل بورڤيبة سنة  1963) دولةَ الصين الشيوعية للمشاركة في مؤتمرٍ عالمي للأحزاب الشيوعية. وَجَّهَ له الحزبُ الشيوعي الصيني سؤالا عن هيكلته في تونس فأجاب: لدينا تمثيلياتٍ في الجامعات ومكاتبَ في بعض الجهات وحضورٌ في المنتديات الثقافية. ردّ الصيني متعجِّبًا: نحن نعلم أن الشعبَ التونسي مسلمٌ بنسبة 99% ، ونعلم أيضًا أن أكثرهم يرتادون المساجدَ والجوامعَ. فهل لديكم حضورٌ في هذه الفضاءات؟ قال التونسي مرتبِكًا: وما صِلتنا نحن الشيوعيون بهذه الفضاءات الدينية؟"

تعليقي: مِن المفروض أن يكون المناضلُ الشيوعي داخل شعبه كالسمكة في الماء كما قال ماوتستونڤ (الزعيم الصيني الشيوعي ومؤسس الصين الشعبية الحديثة سنة 1945)، ونحن نرى اليوم اليساريين في تونس كالألواحِ فوق الماء، يطفون ولا ينفذون للأعماق! وعِوض أن يقاوموا الظلمَ والفقرَ نراهم يتعالون على هُويةَ شعبهم الإسلامية ويجهلون تراثَه وينسون أو يتناسَون أن ماركس قد قال أن الدين هو صرخةُ المظلوم، باستثناء المناضل اليساري طاهر الطاهري رئيس جمعية حماية واحات جمنة. وأول الفقراء والمظلومين في تونس هم الأجراء عُمّالاً وفلاحينَ، وإن هَجَرَ هؤلاء الأخيرين الأحزابَ اليساريةَ فالمشكلة في هذه الأحزابِ وليست في الأجراء لو كان اليساريون صادقين مع يسارِيتِهِم ومتماهين مع شعبِهِم في آن.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 6 أفريل 2017.
Haut du formulaire



مشارَكة متواضعة في الجدلِ القائمِ حول موضوع الأطروحة التي تُشكك في كروية الأرض ودورانها حول الشمس. مواطن العالَم

 لماذا أقول "مشارَكة متواضعة"؟ هذا واقعٌ وليس تواضعًا في ظاهره تواضعٌ وفي داخله تكبّرٌ مغلّفٌ بتواضعٍ مغشوشٍ هو أنكَى من التكبّرِ الحقيقي نفسه. أولا أنا لستُ مختصًّا في علوم الفضاء ولا في الهندسة الجيوفيزيائية، بل مختصٌّ فقط في ديداكتيك البيولوجيا وأستاذ علوم الحياة والأرض، ونحن معشر أساتذة هذه المادة ناقِصِي تكوين في الجيولوجيا بالذات. ثانيًا لم أقرأ الأطروحة المعنية، وحتى وإن قرأتُها فلستُ مؤهلاً لِدحضِ ما ورد فيها، والعلمُ لا يُردُّ عليه إلا بعلمٍ وفي نشريات علمية مختصة ومرقّمَة (Une revue scientifique spécialisée et cotée)، نشريات غير موجودة للأسف الشديد في جميع دولِ العالَمِ العربِي. ثالثًا، العلماء أنفسهم لم يؤتُوا من العلم إلا قليلاً - ومرجعيتي في حكمي هذا علمية وليست قرآنية - فما بالكَ إذن بِطالِبِ علمٍ وناقِلِه من أمثالي، لم يؤتَ من العلم إلا قليلُ القليلِ.
دون إطالة سأدلِي بِدلوي في الموضوع من خارج الموضوع معتمدًا ومركزًا على المنهجية العلمية (La méthodologie) التي تعلمتُها خلال سبع سنوات بحث علمي (AEA-DEA + Doctorat) وهي مناقضة في مجملها للحس العام السائد (Le sens commun dominant):
-         العلم - يا سادتِي يا كرامْ - تراكمٌ وبناءٌ على بناءْ (Accumulation et Constructionوليس وحيًا من السماءْ أو اكتشافًا معلقًا في الهواءْ (Une découverte brusque et spontanée)) فلا تتوهموا إذن أن علمًا قد ينبثق يومًا من جامعةٍ عربيةٍ قاحلةٍ جدباءْ ولو عاش أينشتاين في الصحراء لأصبح في أحسن الحالات أمهرَ صياد غزلانٍ وضِباءْ ولو درس في تونس أو دمشق أو صنعاء لَتخرّج أستاذُ رياضيا تٍ أو فيزياءْ!
-         العلم - يا سادتِي يا كرامْ - يلزمه مخبر والمخبر يلزمه ميزانية وميزانية العرب تُصرفُ على الانحراف والبذخ والرشوة ونشر الخرافات الجوفاءْ! وخاصة مخابر الفضاء فميزانياتها تفوق ميزانية جامعات العرب جمعاءْ!
-         البحث العلمي - يا سادتِي يا كرامْ - أصبح اليوم جماعيًّا (Travail d`équipe) أو لا يكون؟ والاختصاص العلمي توسع بدرجة أنه لم يعد في وسع عالِمٍ واحدٍ أن يُلِمَّ بجميع فروعِه فلم يعد إذن في مقدورِ عالمٍ معزولٍ مهما كانت عبقريتُه أن يؤكد بمفرده أو يدحض نظرية علمية وهو قابِعٌ في صومعته أو باحثٌ نشِطٌ في مخبره المتواضع.
-         يا سادتِي يا كرامْ، يبدو لي - والله أعلم - أن جميع أطروحات الجامعات العربية ليست إلا نُسَخًا باهتةً لعلومٍ غربيةٍ فاتها الغربُ من زمان، ولا أستثنِي أطروحتي رغم أنني حصلتُ عليها تحت إشرافٍ مشتركٍ في غالبيته فرنسي (UCBL1).

ملاحظة: سمعتُ مُؤطٍّرَ الطالبةِ - التي يُقالُ أنها متفوقةٌ - الأستاذ جمال الطوير في قناة "نسمة" يقول أنها لم تستند في بحثِها على الدين ولم تستشهد بِآية قرآنيةٍ واحدةٍ، وأنا أصدقه إلى أن يأتي ما يخالفُ ذلك والسلام.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 5 أفريل 2017.
Haut du formulaire



mardi 4 avril 2017

شجرةٌ مبارَكةٌ انبثقت في قريةٍ مباركةٍ. مواطن العالَم

شجرةٌ مبارَكةٌ انبثقت في قريةٍ مباركةٍ. فروعُها ثلاثةٌ: فرعٌ ثابِتٌ صامِدٌ أكبرُ أحمرُ صافٍ قانٍ قدرُه عالٍ عُلوَّ هامتِه، فرعٌ أوسطُ أحمرُ بدأ يغزوه الاخضِرارُ وفرعٌ أصغَرُ أخضرُ بدأ يغزوه الاحمِرارُ. الله لا تُحمِّرنا كلنا ولا تُخضِّرنا كلنا، وابقِنَا يا حَنّان شجرةً متعدّدة الألوان،  واجعلْ عائلتَنَا يسودُها الحبُّ والاحترامْ ولا يَقرُبُ ساحتَنَا الخِصامْ ويؤلِّفُ بين قُلوبِنَا الوئامْ، وابعِدْ عنَّا أولادَ الحرامْ يا ذُو الجَلالِ وَالإكرامْ.  

lundi 3 avril 2017

روابط حقوق الإنسان في العالَم: مكسبٌ أم ماكياج لانعدام حقوق الإنسان؟ نص ميشال أونفري. تعريب مواطن العالَم، مؤمنٌ بحقوق الإنسان وضحيةٌ لِـحقوق الإنسان الغربية الرأسمالية

"انتفاضة ماي 68 في فرنسا فتحت البابَ على مصراعيه لِـعولمة الرأسمالية الليبرالية وتحرير السوق من كل الضوابط الاجتماعية. ومن أجل تبليعِنا هذه الحربوشة المُرة وُظِّفت فلسفة الأنسنة (L`humanisme) وإيديولوجيا حقوق الإنسان اللتان استُعمِلتا كأدوات إيديولوجية (Des adjuvants idéologiques) لتأبيد الفقر وتجميل استغلال المؤجّر وتجبير الكسر المتكرر لظهر الأجير.
انتشار البؤس (La misère) بكل أشكاله المُزرِية والمتعددة وتفشيه في جميع بلدان العالم (الفقيرة منها والغنية، في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يعيش أربعون مليون ساكن تحت خط الفقر)، وارتفاع منسوب الاستلاب (L`aliénation)، وغياب قوانين المنافسة الحرة النزيهة والشفافة: ثلاثة أدواء لم تجد لها من علاجٍ لدى مُشعوذي حقوق الإنسان سوى الصدقة المنظمة بشفقة وإذلال وإهانة وسخرية ودعاية مُمَسرَحة سخيفة. ولِـتبريرِ الفقرِ أخلاقيًّا وتغطيةً لـعجزِهم عن تحقيق العدالة الاجتماعية الفعلية، التجأ  أنصار الأنسنة - فرسان حقوق الإنسان وتُجار الأوهام ومرتزقتهم المثقفين - إلى مَكيجة وجه الاستغلال الرأسمالي البشع المُرعِب وستر تشوهاته وتجميله وإخراجِه في شكل  مؤسسات خيرية خادعة ومُخادِعة مثل جمعيات  المتطوعين ومهرجانات التبرع المشهدي عبر الحفلات البورجوازية الخيرية وعبر التلفزة (Le téléthon). وكل ما بدا الفقرُ للمستغِلين قابلا للاحتمال من قِبل المستغَلين بل ودينيًّا مستحبًّا تكفيرًا عن الخطيئة الأصلية (Le péché originel)، كل ما بدت إزالته للفقراء صعبة بل مستحيلة وغير وارِدٍ التفكير فيها."

تعليق مواطن العالَم:
-         الغربُ المسيحي بِـتاريخه الاستعماري الأظلم ومحاكم تفتيشه الدينية القروسطية ونازيته وفاشيته وستالينيته: ألا يخجل من نفسه عندما يَسِمُ ديننا وحضارتَنا بالتطرف والعنف والبربرية؟
-         منذ حرب الخليج الأولى، قتل الغربُ قرابة أربعة ملايين مسلم: ألا يُفكر قليلا قبل أن يعتبر كل المسلمين إرهابيين محتمَلين؟
-         أمريكا التي حاصرت العراق اقتصاديًّا وتسببت بصفة واعية ومباشرة في قتل مليون طفل عراقي: ألا يستحِي رئيسها الحالي من نفسه عندما يَحرِم المسلمين من دخول بلاده بعنوان حمايتها من عنفنا؟
-         فرنسا حطمت ليبيا بقنابل طائراتها في ظرف أسبوع أو أسبوعين: ألا تحق اللعنة على حكامها من ديڤول إلى ساركوزي؟
-         الغربُ المؤسسُ لـدولة إسرائيل العنصرية والداعِم لسياستها الاستيطانية والمُسلِّح لجيشها الغاصِب والراعي السخي والمساند المتحمس لِـصلفِها وعنجهيتها وبربريتها وتوحشها وعدوانيتها المجانية طيلة 69 سنة: ألا يتحرّج من تصنيف "حماس" منظمة إرهابية؟

خاتمة:
وإذا أتتك مذمتي من ناقِصٍ (الغرب المسيحي) فهي الشهادة بأنه (الغرب المسيحي) ليس ناقصًا فقط بل وقحٌ وقليلُ تربيةٍ وعديمُ ذوقٍ!


إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 3 أفريل 2017.

Source bibliographique: Politique du rebelle. Traité de résistance et d`insoumission. Michel Onfray, Ed Grasset, 1997, page 194
Haut du formulaire



dimanche 2 avril 2017

يا يساريو تونس أفيقوا، إن العالَم يتغيّر مِن حولِكم ولو بُعِث معبودُكُم ماركس لَغيّر بَيانَه بِـبَنانِهِ: الماركسية أفيون المثقفين اليساريين التونسيين، والبروليتاريا التونسية لا وجود لها كطبقة واعية بقوتها ووحدتها. فهل كُتِب علينا أن ننتظر مهديًّا لا يُنتظر؟ فكرة مستوحاة من ريمون آرون وميشال أونفري وميشال فوكو وعبد الله العروي وهاشم صالح وأمين معلوف والعُمَرَيْنِ رضي الله عنهما وجليسي اليومي الفيلسوف حبيب بن حميدة. تونسة مواطن العالَم، يساري غير ماركسي

 رفاقي وأحبابي، أيها المثقفون اليساريون التونسيون الحزبيون، لن أنكركم ولن أتنكر لكم لكنني في نفس الوقت لن أتنكر لأهلي ولن أنكرهم أيضًا ما حييتُ، اعذروني فَهُمُ في مَعَزَّتِكُم أو أكثرَ قليلاَ: ألا مَن كان يعبد منكم لينين أو ستالين أو ماو، فإنّ ثلاثتهم قد ماتوا وسقط جدار برلين وتفتت الاتحاد السوفياتي وتبرجزت الصين الشعبية وتحالفت الجبهة الشعبية انتهازيًّا مع رموز التجمع - أعداء الأمس والشعب واليوم - في جبهة الإنقاذ ودخل العمال والفلاحون أفواجًا في الأحزاب الإسلامية واعتنق الشبابُ السلفيةَ الجهاديةَ - عن قناعة وتصحّر فكري أنتم أحد صُنّاعِه - ولم تنفع فيهم لائكية فرنكوفونية منبتّة ومستوردة. أما مَن كان منكم صادقًا ونزيهًا ويريد خدمة العمال، فإن العمال  في الحقول والمصانع والمساجد والجوامع وليسوا في المنتديات اليسارية أو الأحزاب الماركسية أو الكتب النظرية. ومَن كان منكم ينتظر خلاصًا من  الطبقة البروليتارية التونسية، فإن العمال التونسيين لا يمتلكون حتى اليوم وعيًا طبقيًّا بقوتهم ووحدتهم. فما أنتم اليومَ فاعلون؟ وهل ستظلون على انبتاتكم مُصِرّون ولأهلكم مُقصون ولبيئتكم متنكرون؟  أفلا تتعظون وتتفكرون إن كنتم بالفعل لشعبكم خادمين كما تدعون؟ ألم يحن الوقت أن تصبحوا لمستقبل شعبكم بنائين ومن تراث أجدادكم تحتطبون ومع هُويتهِم متصالحين؟ كفاكم تفحصًا في كُتبٍ مستوردة وانظروا في واقع بلدانكم لعل الحل فيه تجدون؟ ومَن يكره هُوية أمه وأبيه فلا خيرَ يُرجَى منه لأهله وذويه! ومَن يعترف بذنبه فلا تثريب عليه! ومَن يزاوج ويصالح بين فكره وواقعه، يطوّر فكرَه ويغير بإذن الله واقعَه! ومَن يتنازل لِـبَنِي قومِه، يتعالى في عيونهم ويكسب ثقتهم! ومَن يتنكر ليساريتِه يفقد مصداقيتَه! والمرء يُعرّف بتعدد هُوياته فهي تُغنيه وتُثريه ما لم تتناقض مع مكتسباته وموروثاته! والإنسان ابن بيئته، فيها خُلِقَ وفيها ترعرعَ وفيها جذورُه حتى ولو عانق فكرُه السماء!

أصْدُقُكُم النصحَ، ولست بأعلمِكُم وقد أكون أقل نضالية من أصغرِكُم، لا شيء يُنتظر من ثورة بروليتارية كلاسيكية، لا اجتماعيًّا ولا ثقافيًّا ولا اقتصاديًّا ولا سياسيًّا، جرّبها نصف العالَم ومن حسنِ حظه فَشَلْ. هذا لا يعني أن الليبرالية الرأسمالية هي نهاية التاريخ كما يدّعي مُنظِّروها وفلاسفتها واقتصاديوها ومثقفوها ومرتزقتها. يبدو لي أنه ما زال لليسار الديمقراطي في البلدان العربية الإسلامية مستقبلٌ، يسارٌ متصالح مع هُوية مجتمعِه، يتكلّمُ بلسانِه وينطقُ بمنطقِهِ ويقدّسُ رموزَه، ولنا في الاشتراكية الديمقراطية في البلدان الأسكندنافية نموذجٌ يُحتذى به دون استنساخ أعمى. يجب علينا إذن تصوّر استراتيجيات جديدة للنضال والفعل السياسي، استراتيجيات تكون مبتكرةً ومتأقلمةً مع تراثِنا الثقافي والحضاري والديني وفي نفس الوقت غير متناقضةٍ مع التراث المعرِفي والحقوقي في العالم.

واهمٌ مَن يتصور أن كل السلطة محتكرة من قِبل النظام الحاكم (Le macro-pouvoir) ولو أزحناه فُزنا بالجنة الأرضية. غشاوةٌ نزعها عن أعيننا "فوكو"، بارك الله فيه وجازاه الله خيرًا له ولذرّيته مِن بعده. فالسلطة مبثوثة في مفاصل المجتمع ومتنقلة في عروقه وهي أقرب إلى كل واحد فينا من حبل الوريد (Le micro-pouvoir)، في الشرطي والحاجب، في المدرّس والقيّم، في الجزّار الخضّار، في الطبيب والممرّض، في الأجير والمؤجّر، إلخ. تمسِك بنا ولا نمسِك بها، تتحكم فينا ولا نتحكم فيها، لكنها يدٌ معلومةٌ وليست يدًا خفيةً أو قوةً غيبيةً تدير شؤونَنا وتقرر مصائرَنا كما تشاء، هي ليست إلاهًا مجردًا متعاليًا، فالله واحد أحد لا شريك له ولا وريث ولا وَلدْ، هي ملموسةٌ في الواقع وليست هُلاميةً ساكنةً في غول اقتصاد السوق كما يحاول أن يوهمونَنا أصحابُ السوق مصّاصو الدماء وأعداء الإنسانية.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 2 أفريل 2017.
Haut du formulaire



samedi 1 avril 2017

ما هي مواصفات الفرد التونسي الذي أنتجه النمط الحضاري الرأسمالي المافيوزي خلال ستين سنة والذي يدافع عنه لطفي لعماري وبرهان بسيس ونوفل الورتاني وسمير الوافي ومعز بن غربية وسامي الفهري ونبيل القروي وتوفيق بن بريك ومية القصوري وحمزة البلومي ومحمد بوغلاب وبوبكر عكاشة والطاهر بن حسين ومريم بالقاضي، "كلاب" جرّاية و"كلاب" لطيّف وغيرهم كثيرٌ من المرتزقة البائعين ذممَهم للذي يدفع أكثر ويفسد أكثر؟ فكرة ميشال أونفري. تَونسة مواطن العالَم

 لقيطُ حضاراتٍ. ليس بِـملحدٍ وليس بِـمسلِمٍ، شِبْهْ شِبْهْ. نصفُ جاهلٍ نصفُ مثقفٍ. مغرورٌ محدودٌ. طيّعٌ لرئيسِه صلبٌ مع مرؤوسيه. ضعيفٌ مع الأشدّاء شديدٌ مع الضعفاء. خبيثٌ خبثُه مكشوفٌ. يعبد الفلوسَ ولا يعصَى لها أمرًا فإن لم تكن بين يديه فهي تعرف أقرب السُبُل إليه. عاشقٌ للحيلة وتاركٌ للفضيلة. نبي مختص في التفاهات والأفكار البتراء وحب الذات الصغيرة. أناني حتى النخاع. مستهلك للأساطير والخرافات. ثقيل الظل لم تغير من قِيَمِه السوقية ثورةٌ بأكملها. غيرُ مهذبٍ. غيرُ قارئٍ. قصيرُ الذاكرةِ. مُنبتٌّ يرى نفسَه أكثر أصالةً من أصلِه. يتكلم لغات ولا يتقنها. قابل للرشوة والارتشاء في آن. ضد العنصرية في الخارج وعنصري في تونس. مع المرأة في المقهى وضدها في المنزل. يحترم أمه ويحتقر أم أولاده. انتهازي بامتياز. ثوري الخطاب رجعي الفعل. ربي يخليه لُمّو!

يبدو لي أن هذا النوع من البشرِ التونسي لا يحتاج إلى مخ يفكر به، فنخاعٌ شوكيٌّ يكفيه لقضاء حاجاته الحيوانية، دون تعميمٍ طبعًا على كل التونسيين الآخرين الشرفاء الفقراء وهم والحمد لله كُثْرٌ.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 1 أفريل 2017.

Source bibliographique: Politique du rebelle. Traité de résistance et d`insoumission. Michel Onfray, Ed Grasset, 1997, page 193
Haut du formulaire