الأيتام هم المؤمنون بالديمقراطية دون
طمع، إلا في نمو تونس وتنميتها وتقدمها.
الأيتام هم التونسيون الذين لا
يأتمرون بأوامر الخارج، غربا أو شرقا.
الأيتام هم المهمَّشون غير المنتمين
حزبيا ولا إيديولوجيا ولا مذهبيا ولا طائفيا ولا جهويا.
الأيتام هم الحالمون دَومًا بغد أفضل
لتونس وللتونسيين.
الأيتام هم الشجعان الذين قاموا
بالثورة التونسية من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011، وقبل وبعد هذا التاريخ.
الأيتام هم الذين سُرقت من بين أيديهم
ثورتهم، لا بسبب غبائهم بل بسبب نبذهم للعنف والإقصاء.
الأيتام هم المغيَّبون قصدا في
المنابر الإعلامية على الفضائيات التونسية قبل و بعد الثورة.
الأيتام هم الذين لم ينساقوا وراء
هواجس وهمية مثل الخوف على الإسلام في مجتمع تونسي مسلم منذ خمسة عشر قرنا وهم مَن
اقتدوا بالرسول الكريم، محمد صلى الله عليه وسلّم، عندما دعا إلى العدل والمساواة
بين الناس بـ"التي هي أحسن" وهو وحيد و أعزل إلا من إيمانه بعظمة
الإنسان جنب عظمة الله.
الأيتام هم الذين لم يدعوا العصمة
لأنفسهم ولا لإيديولوجياتهم وأفكارهم وآرائهم، فحتى الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم-
لم يدّعيها لنفسه ولا لأصحابه.
الأيتام هم الذين لم يستبيحوا دماء
المسلمين مثل دم شكري بلعيد ودم لطفي نڤض ودماء ما يقارب المائة ألف من إخوانهم
العرب المسيحيين والمسلمين السوريين، شيعة وسنة وعلويين نصيريين ودروز وأكراد وملحدين
ولاأدريين وبهائيين.
الأيتام هم الذين يرددون دوما ويعملون
بحديث الرسول الكريم، محمد صلى الله عليه و سلّم: "قطرة دم مسلم أغلى من
الكعبة الشريفة"، أما المتطرفون الإسلامويون المتاجرون بالدين لخدمة أغراض
إقليمية دنيوية رخيصة و دنيئة، فهم ينافسون العدو الأمريكي و الإسرائيلي في إراقة
دماء إخوانهم المسلمين و غير المسلمين في تونس و ليبيا ومصر وسوريا والعراق والباكستان
وأفغانستان والسودان والصومال وفلسطين واليمن والشيشان وكشمير ومادريد و لندرة ونيويورك.
الأيتام هم الذين يرددون وراء جان بول
سارتر، فيلسوف الحرية ومناصر سابق لجبهة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار
الاستيطاني الفرنسي: "الإيديولوجيات، حرية عند تشكُّلِها وظلم وجور واضطهاد وطغيان
عند اكتمالها".
الأيتام هم الذين يرددون وراء محمد
إقبال، شاعر وفيلسوف الإسلام بلا منازع، عندما قال قولته العميقة: «إن النبوة
لتبلغ كمالها الأخير في إدراك الحاجة إلى إلغاء النبوة نفسها»، ومحمد بن عبد الله
هو خاتم الأنبياء ولا نبي بعده فليتحمل الإنسان مسؤوليته على أفعاله، شرا كانت أم
خيرا. وقد صدق الصّدِّيق، رضي الله عنه، عندما صاح في الناس صيحته الشهيرة والمدوية
بعد وفاة الرسول ولا زال صداها لم ينقطع ولم يمّح طيلة خمسة عشر قرنا: "من
كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت".
الأيتام هم الذين يرددون شعر أولاد
أحمد: "أحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد، صباحًا مساءً وقبل المساء وبعد
المساء ويوم الأحد".
الأيتام هم الذين يعتقدون كما يعتقد
ڤاستون باشلار، الفيلسوف الفرنسي وناقد المعرفة بلا منافس، بـأن "الحقيقة هي خطأ
مُصحَّح باستمرار".
الأيتام هم الذين يرددون شعر وحِكَمَ
جمال الدين الأفغاني، مؤسس النهضة الإسلامية: "ملعون في دين الرحمن... من
يسجن شعباً.. من يخنق فكراً.. من يرفع سوطاً.. من يُسكت رأياً.. من يبني سجناً..
من يرفع رايات الطغيان.. ملعون في كل الأديان.. من يُهدر حق الإنسان.. حتى لو صلّى
أو زكّى وعاش العُمرَ مع القرآن".
الأيتام هم الذين يؤمنون مثل كارل
ماركس، فيلسوف العدالة الاجتماعية، بـأن "الدين زفرةُ الإنسان المسحوق، روحُ
عالَمٍ لا قلبَ له، كما أنّه روحُ الظروف الاجتماعيّة التي طُرِد منها الروح".
الأيتام هم الذين يعشقون قولة
موهانداس كرمشاند غاندي، نبي مَن لا نبي له ونابذ العنف ومبتدع المقاومة السلمية وبطلها
وشهيدها الأشهر: "أنا مستعد للموت من أجل عديد القضايا، لكنني في الوقت نفسه
لست مستعدا للقتل من أجل أي قضية".
الأيتام هم الذين يقدّرون قولة حسن
البنّا (دون تبني فكره جملة و تفصيلا)، الداعية الإسلامي المصري و مؤسس حركة
الإخوان المسلمين: "إن الناس قد بنوا لهم أكواخاً بالية من عقائدهم .. فلا
تهدموا عليهم أكواخهم فيتنكرون للحق ولكن ابنوا لهم قصراً من العقيدة السمحة...
فيهدمون أكواخهم بأيديهم ويدخلون القصر". أترجم قولته بلغة علوم التربية
الحديثة: "أنا أعمل جاهدا من أجل الحث على التغيير الذاتي للتصورات غير
العلمية (المفاهيم العامة غير الدقيقة أو السحرية والغيبية أو العقائد الأسطورية والخرافية
الشائعة)، وأسعى إلى تفكيكها من الداخل وتسليط الضوء على كل جوانبها وزواياها وتشريحها
وتشخيص نقاط ضعفها ومرافقة حامليها إبستمولوجيا وبيداغوجيا عند التركيب لكي يعيدوا
البناء الذاتي المعرفي لتصورات علمية جديدة مكانها".
الأيتام هم الذين يرددون صرخة محمود
درويش، شاعر الإنسانية والمقاومة الفلسطينية: "احتمَي أبوك بالنصوص فدخل
اللصوص".
الأيتام هم الذين يطبقون قولة عمر بن
الخطاب، رضي الله عنه: "كونوا دعاة إلى الله وأنتم صامتون. قيل: كيف ذلك يا
فاروق؟ قال: بأخلاقكم". ولم يقل بفتاويكم أو قميصكم أو جلبابكم أو نِقابكم أو
حجابكم أو ختانكم للبنات أو إرضاعكم للكبير أو شربكم لبول البعير.
الأيتام هم الذين يؤمنون كما يؤمن عبد
الله العروي، الفيلسوف والمؤرّخ المغربي اليساري المتصالح مع بيئته المغربية
الأمازيغية الإسلامية العربية، بأن "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن
إذا ما قرر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق
بمنطقه، أن يخضع لقانونه".
الأيتام هم الذين لا ينظرون - كما
نصحهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه - إلى صيام أحد ولا صلاته ولكن ينظرون إلى صدق
حديثه إذا حدّث وإلى أمانته إذا أؤتمن.
الأيتام هم الذين يرون مثل ما يرى أبو
يعرب المرزوقي، فيلسوف "النهضة" المستقل، أن "للشريعة في الواقع
وجهان: وجه تربوي ووجه ردعي. فلو طوّرنا الوجه الأول فقد نستغني عن الوجه الثاني".
الأيتام هم الذين يعملون بصمت، يفلحون
الأرض وينشرون العلم والمعرفة ويعالجون المرضى ويكنسون الطرقات ويحترمون قانون
الطرقات ولا يفرضون الأولوية.
الأيتام هم الذين لا ينتظرون أن تصل
النار إلى باب بيتهم لكي يتحركوا لإطفاء الحريق.
الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و
البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال
جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 8 فيفري 2013.