samedi 8 janvier 2022

فكرة قرأتها في كتاب: "انظر و تمعّن ما فعله بعض أهل السنّة بتاريخنا و حاضرنا و مستقبلنا" (جزء 2). نقل مواطن العالم

 


كتاب عبد الله العروي "السنّة و الإصلاح" الطبعة الأولى 2008 , المركز الثقافي العربي, بيروت, 224 صفحة

 

تنبيه ضروري

ما أنشره في هذه السلسلة من نقل، تحت العنوان المشترك "فكرة قرأتها في كتاب"، لا يمثل بالضرورة موقفي الفكري بل هو عبارة عن مذكّرة خاصة، أعتمدها شخصيا عند الرجوع إلى الكتاب الأصلي. هذه الاقتباسات لا تغني عن قراءة الكتاب كاملا. يجب إذن توخّي الحذر الشديد في التعامل مع ما ورد فيها لأن لا تصل إليكم فكرة الكاتب ناقصة أو مشوّهة. أنشر هذه السلسلة مساهمة مني في رد الاعتبار لفن ثامن مهدّد بالانقراض، اسمه "مطالعة الكتب.

 

نص عبد الله العروي

غلاف  الكتاب

على شكل جواب على تساؤلات امرأة أجنبية مسلمة، يكتب العروي هذا الكتاب. و هي تساؤلات تتناول صورة الإسلام. و كيف يقدم نفسه، و كيف ينظر إلى الأديان الأخرى، خاصة و أن السيدة: مسلمة، بحكم الانتماء، و تعيش في محيط تتعدد فيه الأديان

عبر الرد يطرح العروي تصوره الشخصي، الفردي، متجاوزا ما يمكن أن نسميه ثوابت، إلى رحابة حرية التفكير و الفهم، أمينا لمنهجه التاريخاني الذي "يعني اكتشاف الواقع المجتمعي الذي لا يدرك حقا إلا في منظور التاريخ، فما يحرك المجتمع ليس الحق بقدر ما هو المنفعة

صفحة 130

من كانوا يتطلعون إلى أن تحكم باسم الله الجماعة،... فإنهم الخوارج بمعنى العصاة المتنطعون الرافضون لكل قيادة و ضبط و ترويض.

من كانوا يفضلون أن يحكم باسم الله، الأخيار الأشراف هم المؤلفة قلوبهم، من لم يعتنقوا الإسلام إلا في آخر لحظة و الذين كانوا في الغالب أصحاب نفوذ و حنكة سياسية عريقة.

من كانوا لا يتصورون أن تورث سلطة النبي،... إلا كما تورث الطبائع و العادات، أي داخل البيت و حسب العرف، فهم الشيعة.

... أن المؤهلين للفوز و الغلبة هم أشراف مكة.

فهم الذين سيفرضون فهمهم للنص. بسلوكهم و بآرائهم سيضعون أسس السنة، أي كيفية تطبيق النص الأزلي على الواقع البشري المتحول.

... الشيعة لا يعارضون فكرة السنّة بقدر ما يتشبثون بسنّة مخالفة. أما الخوارج فإنهم لا يرضون بأية سنّة، بأي تقليد مستقرّ و متراكم.

صفحة 132

كل ما نقوله عن التراث السنّي، سلبا أو إيجابا، ينسحب على مقابله الشيعي، إذ الأصول واحدة، و المنهج واحد، و المصطلح واحد.

لذا، و عكس المذهب الخارجي، لا يمكن للمذهب الشيعي أن يرشح نفسه بديلا على المجتمعات السنّية.

الإسلام المعروف في التاريخ هو إسلام الجماعة.

و الاسم يطابق المسمى. هو إسلام أنشأته جماعة معينة عبر عملية طويلة بدأت مبكرا، في المدينة نفسها

صفحة 133

واضح إذن أن الإجماع، رأي عدد محصور من الأشخاص، هو الذي يحدد المعنى النظري و المقصد العملي للنص.

قد يرى البعض، لأسباب بديهية، أن هذا الموقف غير ملائم لكل الظروف و أنه يجب تعديله في حالات خاصة. الأمر وارد و الرأي مقبول. لكن من ناحية المنطق ما يقوله أنصار السنّة، عبر الأجيال، في غاية القوة و التماسك.

صفحة 134

في هذا التلازم بين التاريخ و المجتمع و النص تكمن قوة السنّة الإسلامية، و ربما كل سنّة متواترة.

... هذه النخبة المحنكة (أسياد مكة) كانت تنصح بإغفال المشكلتين (مسألة الإيمان عند الخوارج و مسألة الحكم الشرعي عند الشيعة) أصلا و النهوض بما هو أهم و أنفع: تشييد مملكة الإسلام.

صفحة 137

ما نلاحظه فترة بعد أخرى (في التاريخ الإسلامي): تقدّم و ثراء على مستوى الفكر، و على مستوى الواقع ضحالة و تعثّر.

صفحة 142

طريق هذه الجماعة وحده سالك، من حاد عنه هلك.

صفحة 143

تراجع العقل لصالح النقل و لم يسترجع حيويته إلا مع بوادر حركة النهضة.

تراجع الباطن لصالح الظاهر، سيما بعد أن غزا التصوف الطبقات الشعبية الأمية. فأفرغت المفردات من مضمونها الفلسفي.

صفحة 146

تخصص كتب السنة فصولا طويلة للعلم... حصر العلم في ما هو شرعي.

... العلم من  هذا المنظور، كالإيمان لا يزيد و لا ينقص. فهو منذ الأزل كامل، ثابت، جاهز، موهوب (إضافة مواطن العالَم: هذا التعريف يناقض تعريف العلم الحديث الذي هو بطبيعته ناقص أبدا و غير كامل، متحول دوما غير ثابت، مبتكر غير جاهز، مصنوع بمجهود العلماء غير موهوب من الله). لم يبق إذن إلا أن نعرف حكمه الشرعي، أي أن نميز المحمود منه عن المكروه و المباح، النافع دينا و دنيا عن الضار أو المجاني أو المسلّي (الملهي).

صفحة 147

الأمية صفة حميدة فيحسن الحفاظ عليها. العلم فرض كفاية ليس إلا (الهامش 7 صفحة 147: " إن الشريعة لم توضع إلا على شرط الأمية. و مراعاة علم المنطق في القضايا الشرعية مناف لذلك." الشاطبي، المصدر نفسه، ج  IV ص 337.

بيد أن القائلين بهذه الرأي الصارم...ليسوا بلداء أو ضعاف العقول، بل بالعكس أصحاب فطنة و حذق... فيحق القول إن حالهم يكذب دعواهم.

صفحة 148

النتيجة واضحة و هي أن منهج السنّة، اعتماد الإتباع و نبذ الابتداع، يؤدي حتما، بوعي أو بغير وعي، إلى ثقافة سمع و لسان (الهامش 8 صفحة 148: انظر طه حسين، الأيام، حيث يروي المؤلف كيف تعلم المنطق و الحساب رغم أنه لا يبصر)، في تعارض بارز مع ثقافة عين و يد التي قوامها الملاحظة و الممارسة.

صفحة 157

لعبة الفقيه المستفتى هي رفضه الفصل بين الاختيارات المتاحة للبشر و رفع القضية إلى حكم الله...و بما أن الأمر كذلك، يتسلى الفقيه بإيراد كل الاحتمالات في انتظار أن يفوت الأوان و لم تعد فائدة في إبداء أي رأي بعد أن يكون الواقع قد ثبت و ترسّخ ( الهامش 15 صفحة 157: هل المكس شرعي أم لا ؟ هل واجب المسلم أن يهاجر إذا تغلب العدو الكافر على وطنه ؟ لا يزال الفقهاء يتنازعون في مثل هذه القضايا حتى بعد أن تكون الأحداث قد تجاوزتها.).

مع مرّ الأيام ينمو الكلام في الله و يتفرع، بينما الكلام في شؤون البشر، في السياسة و المجتمع، يخبو و يذبل، مع أنه الأصل و الأساس.

 

صفحة 182

إذا صح أن مذهب الخوارج استعار من روح القبيلة العربية المشبعة بحب الحرية و المساواة، فإن مذهب الإرجاء متأصل في تذمر الموالي – و ما أكثرهم في عهود الإسلام الأولى ! – و امتعاضهم من وضعهم الاجتماعي المتدني.

صفحة 184

الهامش 9: "أعلم الناس بما لم يكن و أجهل الناس بما كان" هكذا كان يصف أبا حنيفة خُصومه من أصحاب الحديث.

صفحة 185

يعدد ابن حزم ... الجرائم و الشنائع التي حرضت عليها أو أجازتها كل الأديان السماوية بلا استثناء. قد يستغرب القارئ المعاصر أن يصدر هذا الكلام من رجل كابن حزم، لكن الرجل لا يناقض نفسه إذ العقل في نظره آلة منطق تفصل بين الصواب و الخطأ لا دليل أخلاقي يميّز الخير عن الشر (الهامش 11 صفحة 186: " الركوع و السجود لولا أمره بذلك و تحسينه إياه، لكان لا معنى له"..."تشويه النفس، الختان، الإحرام، طاعة فقط" المرجع نفسه ص 146 إلى 159).

صفحة 199

تمنّي (السنّة) الناس بتحقيق كل ما يحلمون به. تراكم الوعود: سأريكم كيف بدأ الكون و كيف انبرى الزمن. سأطلعكم على أسرار الحياة و الموت، ألغاز الحركة و السكون، الصحة و السقم. و مقابل هذا أطالبكم بأمر بسيط، إقامة شعائر تدل على الطاعة و الانقياد، التواضع و الزهد. من يستطيع رفض عرض سخي مثل هذا ؟

كثيرا ما نسمع أن من يعتمد العلم الموضوعي يحكم آجلا أو عاجلا، على السنّة بالتلاشي و الانقراض. الواقع هو ما أُثبت في الفقرات السابقة، ما يقضي على السنّة بالتقادم هو الزمن الذي، كالجنّي، ينفلت من القمقم و يسري في الهواء كاشفا الندوب المخيفة، باعثا الصدى المواكب لخطاب السنّة.

تقول هذه: لا تتمثلوا أبدا بالخالق بل بالرسول، ثم تزيد، ساهية، في كل لحضة و في كل حال. فتفتح الباب لجدال لا نهاية له. ثم بعد حين تدرك الخطأ فتستدرك: لا تغلو في السؤال، لا تلحوا في التوضيح، اتركوا مجالا للمتشابه، المتداخل، اللامميز. العقل، كالجسد، رفيق غير أمين، النفس وحدها تستحق الاهتمام، بها يتعلق المصير.

بماذا أجيب ؟

صفحة 203

بعبارة أدق، إذا صح، كما تقرر السنّة، أن عدالة الله ليست عدل البشر، فيجب، بالمقابل، أن لا نجعل من العدالة البشرية عدلا إلهيا. سهت السنّة عن هذا الاستنتاج، فساعدت على إحياء طغيان كسرى و قيصر، كذّبت بتصرفها ما تردده بلسانها: تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

صفحة 204

السنّة اختزال مستمر، اختزال الوحي في الشرع، ثم اختزال الشرع في عمل مجموعة محدودة من الأفراد. فتأتي القاعدة الصارمة: الطريق السوي هو تقليد هذه الجماعة، في الكبيرة و الصغيرة، و المداومة على التقليد (العض عليه بالنواجذ) جيلا بعد جيل دون ميل أو حيد.

تصل السنّة إلى هذه الخلاصة مرغمة، تجنبا للمفارقات التي أقضّت مضاجع الخصوم. تفعل ذلك و تقبل مسبقا كل النتائج.

إلا أن هذا الموقف، إن كان مبررا داخل المجتمع الإسلامي، لا قدرة له على الصمود في وجه التحديات الخارجية، سيما بعد أن يكون العدو قد اقتحم الدار و استقر فيها.

الاستعمار غزو و تسلط. يفسد القرى و يذل أعزتها. فلا يلبث أن يفجر بمحض وجوده النظيمة الفكرية و العقائدية و الخلقية التي عملت السنّة طوال قرون على تركيبها و تجليتها. تتجدد الوضعية التي وصفها ابن حزم، تتكافأ الأدلة عند الجميع، مع قلب الأدوار إذ يصبح المسلمون هم أهل الذمة (الهامش 17 صفحة 204: لم يعد الإسلام في موقع الحكَم بين الملل و النحل كما كان أيام ابن حزم. و هذا ما تصر السنّة على نفيه. قد تكون محقة لو اقتصر الأمر على العقيدة، إن هي عمقت التحليل و تعرضت بكفاءة لما يقول به الخصوم اليوم، لا ما كانوا يقولونه في الماضي لأنهم تغيروا و غيروا مقولاتهم عبر القرون).

لكن السنّة مخطئة يقينا في المجالات الأخرى، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، إلخ، و هو حصرا ما نتكلم فيه.

الاستعمار هو الحدث بامتياز، فيه تتجمع محركات التاريخ. لم يعد في وسع أحد تجاهل آثاره. يحل الاستعمار ما عقدته السنّة، ينثر ما نظمته، يضيء ما ألحت على طمسه. يقوم بعملين متناقضين: يعيد إلى النور ما ليس بسنّة، و في الوقت نفسه يمنعه من أن يتطور إلى سنّة مضادة، إلى بديل.

هذا هو منحى الإصلاح الحديث، السر في ظهوره و في إخفاقه.

يخفق مشروع الإصلاح (مشروع الأفغاني و عبده و الكواكبي و غيرهم) لأنه يتم في ظل الاستعمار. لا مستقبل لأية عقيدة بديلة و هي تعارض في آن السنّة و ما – بعد السنّة.

و المأزق لا ينتهي بذهاب الاحتلال (الاستعمار المباشر)، لأن الوضع الذي ولّد الاستعمار الغربي يستمر بمميزاته الجوهرية، أهمها التوافق على جميع المستويات. الاستقلال السياسي لا يرفع عنا صفة الأقلية الثقافية، التي تتأثر و لا تأثر، تمانع و لا تبادر، تستدرك و لا تبدع، حتى و إن كانت لها أغلبية العدد.

في نظر الآخر، أي الأغلبية الثقافية، كل واحد منا، أيا كان مُقامه، يعرّف تلقائيا بالسنّة، أكان مواليا لها أو معترضا عليها (الهامش 18 صفحة 205: يتعامل المجتمع الغربي، في إطار قوانينه الوضعية، مع الإسلام كما لو كان دينا عشائريا فئويا و مع الشريعة كما لو كانت عادات قبلية، تماما كما كان فقهاؤنا يتعاملون مع الشرائع الأخرى، يسمحون بأن يستمر تطبيقها حفظا للأمن و الاستقرار داخل دولة الخلافة. على فقهائنا اليوم أن يفهموا أن منطق الذمّة هو ما يطبق على الأقليات الإسلامية، و يستنتجوا من هذا الوضع النتائج اللازمة).

علينا إذن، لكي نتحرر فكريا، لنواجه مشاكلنا في العمق، أن نتخطى، على الأقل نظريا، منظور الغير، أي علينا أن نقفز فوق حدود الزمن و المكان.

صفحة 206

تؤكد السنّة على أن واجبها هو إظهار العقيدة بإقامة الشعائر. بقولها هذا تكرس حكم الحدث رغم أنها تظن العكس. تنكر التاريخ فلا ترى أنه يمكر بها.

لا ترى مثلا أن الشعائر ليست على مستوى واحد. بعضها، كالختان و الحج و الهدى، يخلد الانتساب لإبراهيم، إثباتا لصحة و دوام الوعد. بعضها كالجمعة و الزكاة و الصدقة و الجهاد، يؤسس الجماعة و يحفظها. بعضها كالصيام و الصلاة، يكسر الشهوة المهددة لالتحام المجتمع. و بعضها كالشهادة يطمئن الفؤاد.

المكوّن الأخير، الذي ينعت عادة بلب أو عين الدين، وحده عصيّ على مؤثرات الزمن و المكان. أما سواه فينتمي إلى الحدث. هو حادث متأثر بكل حادث لاحق، فيدخل بالضرورة تحت حكم العلم الموضوعي من أرخيولوجيا و لغويات و اثنولوجيا، لإلخ.

و النص المؤسس نفسه يشير إلى هذا الأمر عندما يذكر الأمد أو الفترة، و هو ما يتوسع في بسطه و شرحه كل من الحديث و الفقه و علم الكلام.

الرق مذكور في القرآن. أحكامه مبينة، من ضمنها الدعوة إلى إنهائه بتحرير الرقاب. له إذن أمد، لأحكامه بداية و نهاية، نسخ بمعنى آخر.

صفحة 207

هناك سؤال شهير: لنطبقه على أنفسنا: ما هو حيّ و ما هو ميت في وجداننا ؟

نخر الاستعمار السنّة و لا يزال. عرقل الاستعمار الإصلاح و لا يزال.

صفحة 208

تود السنّة لو تحبسنا في زاوية و تلزمنا الاختيار، إما شريعة سماوية قارة و إما قوانين بشرية متغيرة. بموقفها هذا، و عكس ما تظن، تؤبد الحاضر المظلم. هل يوجد على وجه الأرض و طول التاريخ سوى أوامر من بشر؟  و هؤلا ء المتحكمون إما مغرورون يدّعون اتصالا دائما و مباشرا مع الخالق ، بدون أدنى برهان، و إما متواضعون يعترفون أنها (القوانين) من اجتهادهم (الهامش 21 صفحة 208: "قل لا أقول لكم عندي خزائن الله" آية 50 س 6 الأنعام، " و لا أعلم الغيب و لا أملك لنفسي ضرّا و لا نفعا" آية 188 س 7 الأعراف، " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم واحد" آية 6 س 41 فصّلت).

الحذر، مجرد الحذر، بصرف النظر عن خطورة الوضع، يدعونا إلى تفضيل المتواضع على المتكبر، من يطرح مقترحه للنقاش، يقبل أن يجرب، يعدل، و ربما يلغي مؤقتا إلى حين تبرز فرصة جديدة لتجريبه مرة أخرى.

يتنصل النصارى من ضغط الكنيسة بتولي فن الإغريق و قانون الرومان. يتحرر كبار مفكري اليهود من نير الشريعة و قيودها باصطناع العلم التجريبي و الفن. يقلل البوذيون من استغراب غيرهم بالتأكيد أن ما لديهم هو فلسفة حياة و أسلوب عيش ليس إلا.

السنّة، أية سنّة، تنعقد و تنحل بمغالبة العلم و الفن و السياسة.

صفحة 209

إذ نقرر ما سبق نكون قد أدركنا السنّة و تجاوزناها. لحظة الطلاق نقرها من وجه و تقرنا من وجه.

تود السنّة أن تنقد كل شيء فيها، و أن تنفي كل شيء ليس منها، مع أنها تحمل في بنيتها آثارا لا تنكر و لا تمحي مما ترفض.

و تلك الآثار الباقية، شاهدة على ما قبل مكة و الوحي، و شاهدة كذلك على ما بعد المدينة و الغزوات، نسلمها بصدر رحب و بكامل الاطمئنان إلى البحث العلمي و بالتالي إلى منطق السياسة. ليقل في شأنها الباحثون، المسلمون و غير المسلمين، ما يشاؤون، لا ضرر علينا من أقوالهم.

ترى السنّة في اختيارنا هذا تراجعا و استسلاما، و نرى فيه نحن وعد إحياء و تجديد.

صفحة 212

نستبعد العلم و السياسة، فيم نتكلم إذن ؟ في معينهما المشترك. سميه بأي لفظ شئت، سيدتي، أما أنا فإني أرضى بكلمة عادية، متداولة، مفهومة للجميع منذ العهد الهلستيني، أعني لفظة فن بالمعنى الأوسع، الذي يشير إلى النفس و ضرورة تهذيبها المستمر.

كلامنا عن النفس و نزواتها، ما نضبط منها و لو لفترة و ما لا نقوى عليه رغم محاولاتنا المتكررة.

خلاصة السنّة لا تتغير: جهالة أو إيمان.

خلاصتنا، وعيا بالحال و كشفا عنه، حال بعد – سنّة، هي : مجاهدة أو تذوّق.

 

إمضائي

 

يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد

 

لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي

 

التاريخ: حمام الشط في 13 أكتوبر 2010.

 

 

 

 

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire