الندوةُ الثقافيةُ التي نظمتُها البارحة حول
كتاب "الربيع العربي بين الحتمية التاريخية والمؤامرة الإمبريالية"
لصاحبه النفطي حولة.
تدخّلٌ قُدِّمَ في نقطتَين اثنَتَين:
1. النقطة الأولى كانت حول المقاربة الهيـﭬيلية لمفهوم الدولة:
أعني بها الدولة العقلانية
(L’État hégélien)،
أي الدولة الحالية
المجسمة في الغرب، آخر شكل للدولة في التاريخ حسب أعظم فيلسوف عرفته البشرية،
الفيلسوف الألماني هيـﭬل (La fin de l’histoire). أما دُولنا العربية القُطرية الحديثة،
الماضية منها والحالية، فهي ليست دولا عقلانية بالمرة. كنا ننتظر من الثورات
العربية أن تؤسس لنا دولاً عقلانية، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن: عَوّضْنا
شبه الدولة، التي كانت عندنا، باللادولة أو الفوضى أو الحرب الأهلية، مثل الذي
يحدث عندنا الآن في ليبيا وسوريا واليمن، أما نحن في تونس ففي منزلةٍ بين
المنزلتَين.
2. النقطة الثانية كانت حول الركود
(L’immobilisme) السائد عندنا وفي كل عالَمنا العربي من المحيط إلى الخليج:
ركودٌ عندنا، تقابله حركية عند عدوّنا
إسرائيل (Mobilité et progression)، نحن نحارِب وهي
تنتصر، نحن نقاوم وهي تحتل، وكلما قاومنا أكثر، النتيجة وللأسف الشديد هي تحتل
أكثر، احتلت القدس ثم الجولان وفي صفقة القرن ضمت غَور الأردن. هم لا يتخاصمون
فيما بينهم ونحن نتقاتل فيما بيننا، ما أصغرنا: وهّابي ضد إخواني، شيعي ضد سُني، قومي ضد إسلامي، ليبرالي
ضد يساري، سلفي ضد علماني، والله أصبح أمرُنا مخزيًّا، وأضحك منا أمة لا إله إلا
الله وجميع الأمم العجم. تَلحّفْنا بالقومية، ما نفع، بالاشتراكية، ما نفع،
بالإسلام السياسي، خضناها حروبًا أهلية شرسة ودموية! نتعلّل بالإمبريالية
والإمبريالية لا تبرّر كل خيباتنا، أو لماذا انتصرت على الإمبريالية الغربية شعوبٌ
صغيرة صاحبة إرادة كبيرة مثل الشعب الكوبي أو الفيتنامي أو الكوري الشمالي، وعجزنا
نحن الشعب العربي الكبير. شعبٌ كبير ذو إرادةٍ صغيرةٍ! لم نر جنديًّا إمبرياليًّا واحدًا
يحارب في الجزائر -مع الشق "أ" أو مع الشق "ب"- خلال عشريتها
السوداء (90-2000)، حربٌ أهلية قَتَلَ فيها الأخُ أخاه الجزائري (200 ألف قتيل)، والاثنان
يكبّران باسم الله، والله نفسه يقول: "وَمَن يقتل مؤمنا متعمدًا فجزاؤه جهنَّم"، ورسوله يؤكد: "إذا التقى
المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار". فكم منّا من المؤمنين والمسلمين، يا الله ويا رسول
الله، سيصلَوْنَ
نارَ جهنّم يا تُرى؟
إمضائي: "وإذا
كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 17 فيفري 2020.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire