dimanche 16 février 2020

ندوة ثقافية لأوّل مرة في "مقهى الشيحي التعيسة التي لم تَعُدْ تعيسة"، احتفاءً بالكاتب الجديد، صديقي ورفيقي النفطي حولة. مواطن العالَم


الجهة المنظمة: محمد كشكار (كنتُ أنظمُ كل ندواتي الثقافية بقاعة الاجتماعات بمقر بلدية حمام الشط. ضيّق عليّ الكاتب العام للبلدية بأسلوب تعامله البيروقراطي المتكلس، فها أنا ألتجئ لأوّل مرّة إلى تنظيم ندوة بـ"مقهى الشيحي التعيسة التي لم تَعُدْ تعيسة").
الزمن: الأحد 16 فيفري 2020 من الساعة العاشرة إلى الثانية عشرة صباحًا.
الكتاب: "الربيع العربي بين الحتمية التاريخية والمؤامرة الإمبريالية"، الطبعة الأولى، تونس 2019، 310 صفحة، الثمن    22 د. ت.
الحضور: 16 مشاركا.

نَصُّ تقديمي للكاتب والكتاب:
أ‌.        أبدأ بتقديم الكاتب:
 أولا هو صديقي الذي تشرفني صداقته وعمرها تقريبًا ثلاثون عامًا، ثلاثون، منهم عشرون في النضال النقابي المشترك في الاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس، لكنه يفوقني وبالكثير الكثير في مجال النشاط السياسي قولاً وفعلاً. تربطني به علاقة تقدير واحترام، علاقة بين شخصين أعتبرها نموذجية، لأننا نختلف إيديولوجيًّا وهذا الخلاف لم يفسد بيننا للود قضية، ومرافعاتنا المتناقضة والمتعددة في دار اتحاد بنعروس كانت محل إعجاب وتندّرٍ لطيفٍ من قِبل رفاقنا المشتركين. هو يساري قومي عربي مسلم، وأنا يساريي أممي إنساني، قوميته ليست قومية معادية لغير العرب (c.à.d nationaliste non chauviniste) وأمميتي أنا ليست أممية منبتة عن بيئتها العربية الإسلامية (Citoyen du Monde indigénisé). طلبَ مرة صوتي في انتخابات النقابة الجهوية للتعليم الثانوي ببنعروس، منحتُه له دون تَردُّدٍ، طلبه مرة ثانية في انتخابات المجلس التأسيسي في "قائمة الجمل"، وأخذه دون عناءِ الإقناعِ. أقولها بصدقٍ في حضوره، وقلتُها بصدقٍ أيضًا في غيابه، قلتها وأكررها دون مجاملة أو مبالغة، أكادُ أجزمُ أنه.. أصدَق.. و.. أنظَف.. و.. أنزَه نقابي عرفتُه في حياتِي، وهو أول نقابي في بنعروس بشّرنا بقدوم الثورة من الجنوب، بشّرنا بقدومها قبل وصولها بثلاث سنوات، بشّرنا بها سنة 2008 بمناسبة احتفائنا بالمرحومة زوجة عدنان الحاجي في القاعة الكبرى للاجتماعات بمقر الاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس.

ب‌.    أنتقلُ الآن إلى نقد الشكل، وهو في رأيي لا يقل أهمية عن نقد المضمون:
-         الأخطاء المطبعية التي رصدتها في الكتاب، تجدها مفصّلة ومسطّرة بقلم الرصاص في النسخة التي أتممتُ قراءتها البارحة، وعددها 11 خطأ، وهذا العدد في نظري ليس بغزير وقد ارتكبتُ في كتبي مثله أو أكثر منه قليلاً، لكن التدارك أراه واجبًا في الطبعة الثانية.
-         الأخطاء الإملائية التي رصدتها في الكتاب، وتجدها أيضًا مفصّلة ومسطّرة بقلم الرصاص في النسخة التي أتممتُ قراءتها البارحة، وعددها 8 أخطاء. أكتفي بعرض اثنَين منها، ووالله لو لم يكن الكاتبُ المُكرَّمُ صديقي، لَما ذكرتهما في مثل هكذا مناسبة، مناسبة تكريمِ مُبدِعٍ: 1. في صفحة 12، كتبتَ كلمة "يرئس وزير الخارجية الوفد الإسرائيلي"، ورسمتَ الهمزة على النبرة، وهي في النحو تُرسَم على الألف لو كانت منصوبة، "يرأس"، أو على الواو إذا كانت مرفوعة، "يرؤس". 2. في صفحة 154، كتبتَ كلمة "يؤكد مدى تواطؤه"، رسمتَ الهمزة على الواو، والصواب "تواطئه"، الهمزة على النبرة، لأنها ليست في آخر الكلمة. وبما أنني لستُ مختصًّا في قواعد اللغة العربية، لم أتأكدْ أن الأخطاءَ هي فعلاً أخطاءٌ، إلا بعد أن استشرتُ فيها مُنجِدًا ناطقًا متحرِّكًا، فصيحٌ ضليعٌ في اللغة العربية، اسمه لسعد النجار.
-         لماذا لا تستعمل حرف الـﭬاء مكان القاف في كلمات مثل ﭬفصة والرﭬاب؟
-         التكرار، في الجمل والأفكار داخل الكتاب، الذي أشرتَ إليه أنتَ بنفسكَ، بإمكانكَ تفاديه في الطبعة القادمة، مما قد يخفف من عدد الصفحات، تقتصد 20 صفحة على أقل تقديرٍ.

ج‌.    أمرُّ الآن إلى الصفحات التي توقفتُ عندها طويلاً، فشدّتْ انتباهي 12 نقطة في محتوى هذا الكتاب:
1.     في صفحة 11، ذكرتَ وبإطراء حركة "كفاية" المصرية. لكنك وفي إطار دفاعك عن أطروحتك القائلة بأن الربيع العربي هو مؤامرة إمبريالية مرتبطة بالثورات الشرق-أوروبية الملونة، وددتُ، أنا، لو ذكرتَ علاقة هذه الحركة بالذات بحركة "أوتبور" الصربية المشبوهة، وإليكم ما قرأته حول هذه العلاقة في صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الشهرية، عدد ديسمبر 2019: "سنة 2009، قَدِمَ إلى بلغراد وفد مصري يضم 15 مناضلا ينتمون إلى حركة "كفاية" وحركة "6 أفريل"، جاؤوا لتعلم إستراتيجيات الإطاحة السلمية بمبارك، ثم رجعوا إلى مصر وأنشئوا 50 ورشة في 15 مدينة مصرية بشهادة طارق الخولي، عضو سابق في حركة "6 أفريل" ومسؤول على تنظيم المظاهرات. رفعوا لافتات تزينها "قبضة اليد السوداء المرفوعة"، كُتِبَ تحتها شعار "اليد تزلزل القاهرة!". نشروا على الأنترنات كُتيّب يفصّل ويدقق عناوين المؤسسات التي يجب مهاجمتها (مقر الإذاعة والتلفزة، مراكز الشرطة، القصر الرئاسي)، ويوضّح كيفية تحييد الجيش بالورود والعناق، ويفسر طرق مراوغة الشرطة أو محاولة إقناعها بالانضمام إلى صف الثوار".
2.     في صفحة 95، ذكرتَ وأشكرك،  ذكّرتَ بالدور المشبوه للجمعيات الغربية غير الحكومية، الناشطة في تونس وفي العالَم أجمع، مثل "فريدم هاوس" الأمريكية والألمانيتين "روزا لوكسامبور" و"فريديك إيبيرت" (أول رئيس اشتراكي-ديمقراطي لجمهورية وايمار، اغتِيلتْ في عهده المناضلة والمُنظِّرة الشيوعية روزا لوكسامبور).
3.     في صفحة 99، تعرّضتَ للتوظيف السياسي لشبكات التواصل، وددتُ، أنا، لو استشهدتَ بكتاب الفيلسوف زيـمونت بومان "الحياة السائلة" (Zygmunt Bauman, La vie liquide, Ed. Fayard/Pluriel, 2016).
4.     حول صفحة 120، أسألكَ: إذا كانت حركتا "الإخوان" و"الوهابية" لا تختلفان إلا في بعض الأشكال كما ذكرتَ، فكيف تفسّر القطيعة القائمة بينهما اليومَ؟
5.     في صفحة 122، فقرة أعجبتني، أريد أن أشْرِككم في قراءتها لأنني أراها تُلخِّصُ جانبًا من فكر الكاتب، جانبًا أوافقُ فيه تمامًا صديقي النفطي حولة: "نسأل الرئيس الديمقراطي جدًّا (يقصد المرزوقي بعد مشاركته في "مؤتمر أصدقاء سوريا" المنعقد في تونس يوم 24 فيفري 2012)، متى كانت أمريكا ديمقراطية مع شعبنا العربي؟ ألم نشاهد ديمقراطيتها التي غطّت الأرض والبحر وحتى السماء بقنابلها الفسفورية والعنقودية في مياهنا وأراضينا سواء في فلسطين عبر دعمها اللامشروط للعدو الصهيوني أو في العراق أو في لبنان أو في ليبيا؟ هل سنتعلم الديمقراطية من أمريكا عدوّة الشعوب التي أجرمت في حق الشعب الفتنامي والهنود الحمر؟" أضيفُ إلى صرخة صديقي جملة واحدة فقط: " هل سنتعلم الديمقراطية من دولة "بطلة في السفالة" و"عبقرية في العدوانية"، دولة شنت -ومنذ استقلالها- مِائتَيْ حربٍ استباقية على دول أخرى ظلمًا وبُهتانًا؟".
6.     في صفحة 189، أسألكَ:  إذا كان الهدف من وراء محاربة داعش في موصل العراق هو تفكيك محور المقاومة (سوريا-حزب الله-إيران) كما أكدتَ، فكيف تفسر مشاركة جيش الحشد الشعبي في هذه الحملة التي قادتها أمريكا وموّلتها السعودية، وهو، أعني الحشدَ، حَربةٌ إيران منغرسة في خِصْرِ العراق؟
7.     في 10 صفحات، منها المتقارب ومنها المتباعد، تعرضتَ بالنقد لحزب النهضة، وفي صفحة 202، توجهتَ بأخطر نقد لرئيسها الشيخ راشد الغنوشي عندما زار أمريكا باستدعاء من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذي أسسته وترعاه منظمة  "إيباك" الصهيونية بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية، وصرّح في جريدة "ستاندرد الأمريكية" بتاريخ 10. 12. 2011، وقال: "لا عِداءَ لإسرائيل في الدستور التونسي الجديد. إن النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي لا يعنيني لأنه شأن الفلسطينيين والإسرائيليين. وأن برنامجي الانتخابي لا يتضمن ما يمنع إمكانية نشوء علاقة مع إسرائيل". وددتُ، أنا، لو قرأ كتابك نهضاويٌّ مستنيرٌ، وحضر معنا اليومَ لأرى هل سيُكذِّبُ هذا التصريحَ أم يعلِّلُه ويُبَرِّرُه.
8.     في صفحة 209، أدنتَ الموقف المتخاذل للإخوان من القضية الفلسطينية،  الموقف المتمثل في تصريحات الغنوشي والقرضاوي وغليون، فأين تضع شقيقتَهم إذن، أقصدُ حماس الفلسطينية الإخوانية المقاوِمة، كما وصفتها أنتَ بنفسك في صفحة 272؟
9.     في صفحة 215، فرحتُ عندما قرأتُ الجملة التالية: "ومِن هنا يصبح مصطلح التآمر خاليًا من كل مدلولٍ". لكنّ فرحتي لم تدم طويلاً، وبعد 8 صفحات بالضبط، وجدتُك تتراجعُ عن هذه الفكرة الرائعة وتكتب الآتي: "وبما أن مشروع المؤامرة على سوريا بصفتها دولة ممانعة مُعَدٌّ سلفًا". أنا أرى أن مشاكلنا القومية هي ناتجة عن تفاعل مستمر بين العوامل الداخلية والعوامل الخارجية.
10.                        في صفحة 215، عرّفتَ شارون كجزار صبرا وشاتيلا، صحيح لكن وددتُ، أنا، لو أضفتَ جَنْبَ شارون، اسم الجزار الفعلي والمباشر في حي صبرا وشاتيلا، أعني اليد التي نفذت الجريمة فعليًّا، وهي حزب الكتائب اللبناني وعلى رأسه أمين الجْمَيِّلْ، رئيس لبنان الأسبَق.
11.                        في صفحة 234، فرحتُ ثانية عندما صنفتَ نفسك في شق القوى الوطنية التي لا تقبل التدخل الخارجي، بقطع النظر عن دكتاتورية الزعماء واستبدادهم ضد إرادة شعبهم، بالزعماء قصدتَ بشار والقذافي وصدام والبشير وذكرتهم بالاسم واللقب.
12.                        أنهِي تدخّلِي هذا بتعليقٍ بسيطٍ على عنوان الكتاب "الربيع العربي بين الحتمية التاريخية والمؤامرة الإمبريالية"، يبدو لي أنك أسهبتَ وبسخاء أدبي في تحليل الإشكالية الثانية في العنوان "الربيع العربي مؤامرة إمبريالية"، ومررتَ مرور الكرام على الإشكالية الأولى "الربيع العربي حتمية تاريخية " رغم أهميتِها.

إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 16 فيفري 2020.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire