حجمُ الإنسان
العادي الآخر يحتل في مخي حيزًا كبيرًا. سَمِّه مجاملةَ، سَمِّه أدبًا، نِفاقًا،
احترامًا، مداهنةً، تقديرًا، اعترافًا، ديمقراطيةً تشاركيةً، إلخ. صدّقْ أو لا
تُصدّق فهذا شعوري العاطفي الإنساني الصادق نحو الآخر المُغايِر مهما كان اللون
السياسي لهذا الآخر. فأنا إذن لا أستطيع قيادة الآخر ولا أصلح لتمثيله في المجلس
البلدي. سَمِّه تواضعًا، سَمِّه جُبنًا، خوفًا، تنازلاً، هروبًا مِن أو تخلّيًا عن
تحمّلِ المسؤولية السياسية، إلخ. صدّقْ أو لا تُصدّق فهذا هو مواطن العالَم.
أما حجمُ
القائد السياسي فلا يأخذ من حجمِ مخي إلا النزر القليل، وذلك لأنني لا أترك
دَمغجتَه تمر إلى عقلي إلا عبر غِربالٍ ثقوبُه ضيقة جدا جدا. وهو عندي في الدركِ
الأسفل في سُلّمِ الكائنات الحية وأعتبره بشرًا لا إنسانًا، نوعٌ من البشرِ أقل
درجة من الحيوان وذلك لأن الحيوان يخضع لِـ"قانون البقاء للأصلح"
لِـمكتشِفِه "داروين"، هو أقل درجة من الحيوان لأنه يخضع لِـ"قانون
البقاء للأسوأ والأخبث والأنذل والأوسخ والأكثر انتهازية والأشد عُدوانية"
لِـمكتشِفِه "ماكيافال". يبدو لي أن عُدوانيةَ هذا الأخير عدوانيةٌ
مُكتسبةٌ وليست عدوانيةً غريزيةً كما هي عند الحيوان. سَمِّه تكبُّرًا، سَمِّه
ثقةً في التحليل الشخصي، تحرّرًا من كل القيود، يساريةً فوضويةً، غُرورًا، نرجسيةً
مُفرِطةً، تساميًا وتعالِيًا على الواقع، صوفيةً ثقافيةً، إلخ. فأنا إذن لن أصدقَ
وعودَ أي قائدٍ سياسيٍّ مهما كانت إيديولوجيته حتى ولو أقسم أمامي على القرآن
الكريم، وأنا امريءٌ لا يُلدَغ مِن جُحْرٍ مرتين، فإن لدغني مرة فتبًّا له وإن
لدغني مرتين فتبًّا لي، وهو لم يفتأ يلدغ غيري مرات ومرات فتبًّا لهم ألف تبّةٍ
وتبًّا له مليونَ تبّةٍ.
بلغني أخيرًا أن حزبَ "حركة
النهضة" شَرَعَ في تكوين مرشحيه للانتخابات البلدية القادمة في إدارة شؤون
البلدية. شيءٌ جيّدٌ لم يفعله - على حد علمي - أي حزبٍ من الأحزاب التونسية
الأخرى. لكن سبق لهذا الحزب أن درّب وزراءه في الترويكا ونوابه في المجلس التأسيسي
في أمريكا وبريطانيا على إدارة الشؤون السياسية. فهل أتَوْا بما لم يأتِ به
الأوائل؟ النتيجة هزيلة جدا والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه!
سامية عبّو لم تتمرّن - على حد علمي - على الأداء السياسي الجيّد، لا في أمريكا ولا في بريطانيا وهذا النقص - بين معقفين - لم يمنعها مِن مساءلة السادة الوزراء بِحِرفية وصدقٍ ونزاهةٍ وشجاعةٍ، يحسدها عليها أعتى البرلمانيين في العالَم، ومثلت أغلبية الشعبَ أفضل تمثيل وأوصلت صوتَ المواطن إلى أولِي الأمر. ولكن على مَن تقرئين زابورِكِ يا سامية؟
سامية عبّو لم تتمرّن - على حد علمي - على الأداء السياسي الجيّد، لا في أمريكا ولا في بريطانيا وهذا النقص - بين معقفين - لم يمنعها مِن مساءلة السادة الوزراء بِحِرفية وصدقٍ ونزاهةٍ وشجاعةٍ، يحسدها عليها أعتى البرلمانيين في العالَم، ومثلت أغلبية الشعبَ أفضل تمثيل وأوصلت صوتَ المواطن إلى أولِي الأمر. ولكن على مَن تقرئين زابورِكِ يا سامية؟
يقول الفردُ العاقلُ الواقعيُّ أن
القائدَ السياسيَّ شرٌّ لا بد منه، وأنا الفرد الحالِمُ نصف العاقل أقول أنه صحيحٌ
هو شرٌّ ولكن ليس لا بد منه، وحلمُ اليوم هو واقع الغد. أنهي بالأمل في مستقبل
الإنسانية بصرخة الفيلسوف الفرنسي المعاصر العظيم إدڤار موران"يجب إعادة أنسنة الإنسانية".
إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 26 مارس 2017.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire