حسب تجربتي الشخصية المحدودة
والمتواضعة، أنا لا أعترف بـحب الحبيب لـحبيبته أو الحبيبة لـحبيبها ولا بـحب
الصديق لـصديقه ولا بـحب التونسي للتونسي ولا الغني للفقير ولا السليم للمريض ولا
المسلم لأخيه المسلم ولا المربي لتلميذه.
أعترف بـحب واحد أحد، أعترف بحب
الوالد للمولود ما لم يبلغ أشدّه مهما كان
الوالد ومهما كان المولود إنسانًا أو حيوانًا أو نباتًا (حتى السيزيام بالنسبة للأطفال).
حب الوالد للمولود حب غير
مكتسب، حب موروث مكتوبٌ في الجينات عند الإنسان والحيوان والنبات: الإنسان والحيوان
لا يختلفان في رعاية أبنائهم والتضحية من أجلهم ولو بحياتهم دون انتظار جزاء أو
شكور. أما النبات فحبه لسلالته ضمني غير مرئي: أسوق لكم أبلغ مثالٍ للتوضيح عند
نبتة الفول: تنبت، تورِق، تنمو، تكبر، تزهر، تثمر وفورًا تموت. تترك جنينًا نسميه بذرة،
مُزَوّدًا بفلقتين غنيتين بغذاء اسمه النشا، زادٌ حياتي يساعده على التحول من
الحياة البطيئة إلى الحياة النشيطة. تموت النبتة الأم بعد أن تضمن الحياة لجنينها.
أتوجد تضحية أعظم من هذه التضحية، أيوجد حب أنبل من هذا الحب؟ لكنه حب موروث مكتوبٌ
في الجينات. من حسن حظ الكائنات الحية، هو حب لم يتغير منذ ملايين السنين وعند
الإنسان لا يتأثر بتغير الحضارات، فالمواطن المصري الفرعوني كان يحب أولاده مثلما
يحب المواطن المعاصر أولاده بالضبط.
هذا لا يعني البتة أنني لا
أعترف بحب الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم أو حب الصوفية لله أو القساوسة
للمسيح أو الهنود لبوذا أو روميو لجوليات أو قيس لِلُبْنَى. أكتفي بالقول فقط أنني
لم أعشه وأتمنى من كل قلبي أن أجربه قبل أن أموت!
إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر"
(جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 22 مارس 2017.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire