dimanche 5 mai 2019

"تديّن أغلبية المسلمين المعاصرين": أسمنتٌ مغشوشٌ! مواطن العالم



جاكلين الشابي، عالِمة الأنسنة والإسلاميات - Anthropologue et islamologue - قالت: "الدين يخلق مجتمعًا، والمجتمع يخلق دينَه".
عالمنا العربي-الإسلامي، عالمٌ مربوطٌ بأسمنتٍ مغشوشٍ، أسمنت "تديّن أغلبية المسلمين المعاصرين": الإسلام جاء رحمة للعالمين، دين التوحيد جاء للسلام والتوحيد بين الحضارات والأمم، ونحن جعلنا منه عاملَ تفريقٍ وفتنةٍ وعنفٍ وإرهابٍ. أقصينا غير المسلمين من رحابه، وكأنهم ليسوا من مخلوقات الله ولا يستحقون رحمته سبحانه. ظلمنا أنفسَنا وما ظلمنا أحدٌ، "جَنَتْ على نفسها براقش".
الرسالة المحمدية وحّدت بيننا وخَلقت منا أمة واحدة وحضارة واحدة بعدما كنا أممًا متعددة وحضارات مختلفة - عرب، أمازيغ، فرس، أتراك، منغول، تتار، أوروبيون، هنود، إلخ -  ونحن خلقنا دينًا على مقاس أنانيتنا وجشعنا وشهواتنا البهيمية، دينًا لا يمت لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم بصلة، ليس بسبب تعدد مذاهبه بل بسبب تناحر مذاهبه وتقاتل مريديها من شيعة وسنّة وسلفية.
بأيدينا أشعلناها، أشعلناها حروبًا أهلية، دموية، ضارية، شديدة، عنيفة، وفتَّاكة في أفغانستان ومالي ولبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن ونيجيريا والصومال والسودان. والبلدان الإسلامية - التي سَلِمَت من الحرب الأهلية - أصابها التهريب والفساد والإرهاب والهوانْ، مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب والأردن وباكستانْ. انفردنا بالحالة القُصوى ولم نر لحالنا مثيلا، لا في الغرب ولا في الصين ولا في الهند ولا في برّ بني عريانْ.

إمضاء مواطن العالَم: و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 5  ماي 2019.



samedi 4 mai 2019

صمويل هنتنڤتون، أخطأ وأصاب في نظريته "صِدامُ الحضاراتِ"! تأليف أمين معلوف، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم



نص أمين معلوف:
أصاب هنتنڤتون خاصة في صدام الأديان (1996). نظريتُه، ورغم فضاعتها فقد أيدتها الأحداث المتتالية سريعًا في أوائل القرن 21م.
أخطأ كثيرًا عندما تنبأ بأن هذا الصدام سوف يقع بين "دار الكفر" و"دار الإسلام" (التسميات بين معقّفين من عندي، معلوف كتب: Les différentes aires culturelles)، وسوف يعزز اللحمة بين المنتسبين لكل دارٍ.
يبدو أن العكس هو الذي حصل: ما يميز عالمنا اليوم ، ليس انصهار المجموعات الصغيرة داخل المجموعات الكبيرة (العالم الغربي، العالم العربي-الإسلامي، إلخ.)، بل العكس أي السعيُ الحثيثُ لتجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم في جو مشحون بالرداءة والخساسة والعنف والحِدّة والفظاظة والحِقد والإقصاء والكراهية والتمييز والعنصرية.
نحن نرى اليوم أن ظاهرة العنف والتجزئة في "دار الإسلام" أصبحت ظاهرة للعيان ولا تحتاج إلى تحليلٍ أو برهان. يبدو لي أننا قد أخذنا عهدًا على أنفسنا بتجميع كل مساوئ هذا الزمن الردى وضخمناها إلى حد العبثية. نجحنا والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه، نجحنا في تشويه صورتنا في عيون غير المسلمين ومن فرط ذكائنا لم نغفل عن تشويهها في عيوننا نحن، أقصدُ المسلمين الوسطيين غير المنتمين للإسلام المتزمّت أو الإسلام العنيف. أشعلناها وبأيدينا، أشعلناها حروبًا أهلية، دموية، ضارية، شديدة، عنيفة، وفتَّاكة في أفغانستان ومالي ولبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن ونيجيريا والصومال والسودان.
(إضافة مواطن العالم: والبلدان الإسلامية - التي سَلِمَت من الحرب الأهلية - أصابها التهريب والفساد والإرهاب والهوانْ، مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب والأردن وباكستانْ. انفردنا بالحالة القُصوى ولم نر لحالنا مثيلا، لا في الغرب ولا في الصين ولا في الهند ولا في برّ بني عريانْ).
أما الحالة الأدنى فنجدها أيضًا في العالَم غير الإسلامي، في أسكتلندا وإيرلندا المملكة المتحدة، كاتلونيا أسبانيا، كورسيكا فرنسا، كوزوفو سربيا، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، دول الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي سابقًا (كانوا 9 دول ثم أصبحوا اليوم 29)، إلخ.

يبدو لي أن بوادر الانقسام بدأت تبرز وتكثر في كل مجتمع وعلى مستوى الإنسانية جمعاء، وفي المقابل بدأت عوامل الوحدة تتناقص. يبدو أن العالم كان مربوطًا بأسمنتٍ مغشوشٍ.
(إضافة مواطن العالم: جاكلين الشابي، عالِمة الأنسنة والإسلاميات - Anthropologue et islamologue - قالت: "الدين يخلق مجتمعًا، والمجتمع يخلق دينَه".
عالمنا العربي-الإسلامي، عالمٌ مربوطٌ بأسمنتٍ مغشوشٍ، أسمنت "تديّن أغلبية المسلمين المعاصرين": الإسلام جاء رحمة للعالمين، دين التوحيد جاء للسلام والتوحيد بين الحضارات والأمم، ونحن جعلنا منه عاملَ تفريقٍ وفتنةٍ وعنفٍ وإرهابٍ. أقصينا من رحابه غير المسلمين، وكأنهم ليسوا من مخلوقات الله ولا يستحقون رحمته سبحانه. ظلمنا أنفسَنا وما ظلمنا أحدٌ، "جَنَتْ على نفسها براقش". الرسالة المحمدية وحّدت بيننا وخَلقت منا أمة واحدة وحضارة واحدة بعد ما كنا أممًا متعددة وحضارات مختلفة - عرب، أمازيغ، فرس، أتراك، منغول، تتار، أوروبيون، هنود، إلخ -  ونحن خلقنا دينًا على مقاس أنانيتنا وجشعنا وشهواتنا البهيمية، دينًا لا يمت لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم بصلة، ليس بسبب تعدد مذاهبه بل بسبب تناحر مذاهبه وتقاتل مريديها من شيعة وسنّة وسلفية).

إمضاء مواطن العالَم:
الاستقامةِ الأخلاقيةِ التي أتبنّاها تتجاوز الاستقامةِ الأخلاقيةِ الدينية لكنها لا تنفيها، لا تناقضها ولا تعاديها بل تكمّلها وتحميها: الأولى تُمارَس على المستوى الفردِيِّ (La spiritualité à l`échelle individuelle)، وهي فردية أو لا تكون، وقد تتوفّر عند المتدين (Le croyant) وعند غير المتدين (Le non-croyant)، وقد يكتسبها الفرد من الدين (الجهاد الأكبر) أو من الفلسفة أو من الاثنين معاً كحالتي. أما الثانية فلا تُكتسَبُ إلا من الإيمان بِدينٍ معيّنٍ، ولا تهم غير المتدينين، وهي كالدين اجتماعية أو لا تكون (La spiritualité d`une société ou d`un état).
الهُوية هُويّات، أنا مواطن العالَم، كشكاري، ڤَصْرِي-شِتْوِي، حَمَادِي، جمني، حمّام-شطي، تونسي، شمال إفريقي، أمازيغي، عربي، وطني، قومي، أُمَمِي، مسلم، عَلماني، يساري غير ماركسي، عربي اللسان، فرنكفوني، محافظ، حداثي. كل هُوية تُضافُ إليّ، هي لشخصيتي إغناءُ وكل هُوية تُقمَعُ فيّ هي إفقارُ.
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

Référence: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, mars 2019, 332 p, 22 €, p. 245

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 5  ماي 2019.



مشروعٌ واعدٌ، قد يبدو لقابِرِي الأحلامِ مشروعًا طوباويًّا! مواطن العالَم



مشروعٌ واعدٌ أو تسويةٌ تاريخيّةٌ (Un compromis historique) أو فرصةٌ ذهبيةٌ رُمِيت في مزبلة التاريخ، مشروعٌ يتمثل في التأليف بين الإيديولوجيات المتناقضة (الرأسمالية والشيوعية). طُرِح في إيطاليا السبعينيات بين الحزب الشيوعي (أنريكو برلنڤير) والحزب الديمقراطي المسيحي (ألدو مورو)، لم يعجب القيادة السوفياتية، فشل وقُبِرَ في روما مع مورو في الصندوق الخلفي لسيارة يوم 16 مارس 1978. اغتالته منظمة شيوعية إرهابية تُدعَى "الألوية الحمراء".
من الرأسمالية نأخذ الحرية والديمقراطية، ومن الشيوعية العدالة الاجتماعية.  الدعوة للوفاق لم تكن فخًّا منصوبًا للشيوعية، بل على عكس ذلك بالضبط، كانت لها المنفذ الأخير للنجاة من الفخ القاتل الذي بدأ يضغط عليها منذ الانتفاضة المجرية سنة 1956، ثم ربيع براغ سنة 1968، ثم غزو أفغانستان سنة 1979. قتلها هذا الفخ سنة 1989 ودُفِنت الشيوعية تحت أنقاض جدار برلين (المصدر: أمين معلوف، غرق الحضارات، ڤراسّي، 2019).

في تونس، ماذا يمنعنا من التأليف بين مشاريع مختلفة: الدساترة والتجمعيين المتحولين بعد الثورة لليبرالية والقوميين واليساريين والإسلاميين؟  من ذا أتومٌ ومن ذاك أتومان.. حرية وديمقراطية + عروبة + عدالة اجتماعية + محافظة. والله العظيم أنا أعتبر نفسي اليومَ مواطن تونسي، محافظ، حر، ديمقراطي، عروبي، وأومنُ بالعدالة الاجتماعية.

إمضاء مواطن العالَم: و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 4 ماي 2019.


vendredi 3 mai 2019

ماذا جلبت النظرية الماركسية للأقليات في العالم؟ تأليف أمين معلوف، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم (كِلانا لم يعد ماركسيَّا وفي نفس الوقت كِلانا بقي غير معادي للماركسية)



نص أمين معلوف:
سألتُ نفسي، ألا يوجد في تاريخ الشيوعية، منذ البداية، سوء فهمٍ كبيرٍ، رُوِّجَ بطريقة واعية، وغير واعية، من قِبل المؤسسين والتابعين وحتى المعارضين لها. سوء فهمٍ، نستطيع أن نسميه كالآتي: وَعْدُ ماركس بالخلاص لم يكن حكرًا على العمال بل شمل أيضًا الأقليات. وهكذا فَهِمَ رسالتَه كثيرٌ من الناس.
ليس صدفةً أن يكون مؤسس الحزب الشيوعي العراقي من الأقلية المسيحية الكلدانية. وُلِدَ الرفيق فهد في بغداد سنة 1904. أعدِمَ في ساحة عامة سنة 1949.
ليس صدفةً أن يكون مؤسس الحزب الشيوعي السوري من الأقلية الكردية (إضافة مواطن العالَم:  بعض مؤسسي الحزب الشيوعي المصري والحزب الشيوعي التونسي ينتمون للأقليات. ماركس نفسه كان من أصل يهودي، تنصّرت عائلته حديثًا).
ليس صدفةً أن ينضم للحركة الشيوعية العالمية كثير من يهود روسيا وألمانيا وبولونيا وبلدان أخرى.
ليس صدفةً أن يدخل عرب 48 وبكثافة إلى الحزب الشيوعي الصهيوني بعد النكبة. كان آنذاك التنظيم الوحيد الذي يسمح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية على قدم المساواة مع اليهود دون الشعور بعقدة خيانة هويتهم العربية.

قالوا للأعمى: ماذا تشتهي؟ قال: قفة من العيون!
وماذا يشتهي أفراد الأقليات؟ يشتهون تجاوز هوياتهم الضيقة والانصهار في هوية أرحب! لقد وجدوها في الهوية الشيوعية الأممية. وهذا الشيء في حد ذاته يُعتبر تحررًا وتطورًا، ليس بالنسبة للمناضلين أنفسهم بل للمجتمع كله. المنتمون الجدد أصبحوا يعتبرون أنفسهم ثوارًا ضد الاستلاب وضد استغلال الإنسان للإنسان، وأصبح بعضهم يفتخر بخيانة الطبقة البورجوازية أو الأرستقراطية التي ينحدر منها، ولن يقبلوا بسهولة أن يُقال لهم أن انتماءاتهم الدينية أو العرقية قد تكون سببًا من أسباب انخراطهم في الحركة الشيوعية.
أنا نفسي (أمين معلوف)، وكمنتمٍ لأقلية لبنانية مسيحية، شملتني هذه الموجة، لكنني دخلت ثم بسرعة وبعد عام انسحبت وفهمت أنني لست من طينة المناضلين ولا حتى التابعين (إضافة مواطن العالَم: بما أنني أنتمي للأغلبية السنية في تونس، لم أكن في حاجة للانتماء وربما لذلك السبب لم أنضم في شبابي الماركسي لأي تنظيم شيوعي في تونس السبعينيات). لم أقطع علاقاتي مع أصدقائي المنتمين ولم أحتفظ من الشيوعية إلا بالمبادئ التي لا تتناقض مع مبادئي القديمة التي تتمثل في الإيمان بعالمٍ لا يُظلم فيه أي بشرٍ بسبب لونه أو دينه أو لغته أو عرقه أو جنسه أو جنسيته أو ميولاته الجنسية أو انتمائه الطبقي.

هل كانت البلدان العربية ستتطور لو لعبت فيها الأحزاب الشيوعية دورًا أهم؟
لا أعتقد ذلك بل أنا مقتنعٌ بعكس هذا الاحتمال المتفائل خاصة بعد ما رأينا ماذا فعلت الأحزاب الشيوعية في البلدان الشيوعية: ظهر فيها زعماءٌ نُسخٌ مصغرة من ستالين عوض أن تحصل فيها معجزات تنموية. من هذه الناحية، لا أشعر بأي نوعٍ من الندم أو الحنين.

Référence: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, 332 p, 22 €, p. 96

إمضاء مواطن العالَم
الاستقامةِ الأخلاقيةِ التي أتبنّاها تتجاوز الاستقامةِ الأخلاقيةِ الدينية لكنها لا تنفيها، لا تناقضها ولا تعاديها بل تكمّلها وتحميها: الأولى تُمارَس على المستوى الفردِيِّ (La spiritualité à l`échelle individuelle)، وهي فردية أو لا تكون، وقد تتوفّر عند المتدين (Le croyant) وعند غير المتدين (Le non-croyant)، وقد يكتسبها الفرد من الدين (الجهاد الأكبر) أو من الفلسفة أو من الاثنين معاً كحالتي. أما الثانية فلا تُكتسَبُ إلا من الإيمان بِدينٍ معيّنٍ، ولا تهم غير المتدينين، وهي كالدين اجتماعية أو لا تكون (La spiritualité d`une société ou d`un état).
الهُوية هُويّات، أنا مواطن العالَم، كشكاري، ڤَصْرِي-شِتْوِي، حَمَادِي، جمني، حمّام-شطي، تونسي، شمال إفريقي، أمازيغي، عربي، وطني، قومي، أُمَمِي، مسلم، عَلماني، يساري غير ماركسي، عربي اللسان، فرنكفوني، محافظ، حداثي. كل هُوية تُضافُ إليّ، هي لشخصيتي إغناءُ وكل هُوية تُقمَعُ فيّ هي إفقارُ.

و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 3 ماي 2019.

 

حكايةٌ جزائريةٌ طريفةٌ: للعبرة وليس للمزايدة! مواطن العالَم



رواها لي ضيفٌ جزائريٌّ في مقهى الشيحي اليوم صباحًا. وكالعادة، قبل أن أنشرها في الفيسبوك، طلبتُ الإذن من الراوي في نقلها على لسانه. وافقَ.
الحكاية: الراوي، الحاج بوراس من سوق هراس، جليسي اليومي في المقهى، كان مجاهدًا في جبهة التحرير الجزائرية، قال: سنة 1975، ذهبتُ أنا وصديق (الرشيد من خنشلة) للعلاج في فرنسا في مستشفى خاص بمدينة مرسيليا (HP Clairval). الرشيد كان مصابًا بالتهاب الغدة الدرقية (Thyroïde)، مرضٌ يتطلب عملية جراحية. الجرّاح كان يهوديًّا ومساعده لبنانيًّا (عبدون عبد الصمد). رفض الرشيد أن يكون جرّاحُه يهوديًّا!
زاره الجرّاح، وأشارَ بيده إلى ما يُبَث في التلفزة من صورٍ للصراع الدائر آنذاك بين العرب والإسرائيليين، ثم قال له: "الجندي الإسرائيلي عدوٌّ للعربي، الفدائي الفلسطيني عدوٌّ للإسرائيلي، أما أنا فطبيب فرنسي يهودي ومرضك هو عدوّي وعدوّك، فهل تسمح لي بالقضاء على عدوّي؟" وافقَ الرشيد.
نجحت العملية ورجع الرشيد إلى خنشلة وهو يدعو في كل صلاة بالرحمة  لطبيبه اليهودي.

إمضاء مواطن العالَم
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 3 ماي 2019.

jeudi 2 mai 2019

حنينٌ نقديٌّ إلى أيام الشباب الماركسية وليس تمجيدًا للنظرية! تأليف أمين معلوف، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم



ملاحظة منهجية: أنا والمؤلف ننتمي إلى نفس الجيل العربي، هو مولود سنة 1949 وأنا 1952، كِلانا لم يعد ماركسيَّا وفي نفس الوقت بقي غير معادي للماركسية.


نص المؤلف:
لا أقصد هنا تمجيد الشيوعية رغم أنها فتحت للإنسانية جمعاء آفاقًا رحبةً لم تُفتح مثلها في أي إيديولوجية وضعية أخرى. فتحتها ثم للأسف سريعًا ما خانتها وأغلقتها: وظفت طاقات بشرية قيّمة وحامِلة لتطلعات واعدة لكن في الأخير قادتها كلها إلى طريقٍ مسدودٍ، وكانت نهاياتها على قدر انحرافاتها عن قِيمها ووعودها ومبادئها هي نفسها، وهي نفسها التي مهّدت الطريق للإخفاق الذي نشهده اليوم في كل أنحاء المعمورة، إخفاق تسبب في غرق الحضارات جميعًا دون استثناء.
أندونيسيا، أكبر بلد إسلامي عدديًّا، كانت في الستينيات تضم ثالث أكبر حزب شيوعي في العالم بعد الصين والاتحاد السوفياتي سابقًا. كان يعدّ ثلاثة ملايين عضو منتم.
الشرق الأوسط العربي، كانت تشقه حركات شيوعية مهمة في بلدان مثل السودان، اليمن، العراق وسوريا. قطاع غزة في التسعينيات، كان تحت سيطرة "الجبهة الشعبية الفلسطينية" قبل أن تسيطر عليه "حركة حماس"، الفرع الفلسطيني لـ"حركة الإخوان المسلمين العالمية".
أذكر هذه الحقبة التاريخية بشيء من الحنين لأن وجود حركة لائكية كالماركسية في عالم أغلبية سكانه مسلمون يُعدّ في حد ذاته ظاهرة معبّرة، صحّية ودالّة، نستطيع أن نقول أننا نتأسف على زواله (تعليق مواطن العالَم: على حد علمي، لم يكن النظام الستاليني علمانيًّا في الاتحاد السوفياتي سابقا ولم يكن يؤمن بحرية المعتقد ولا الرأي، بل على العكس تمامًا لقد منع التعددية الحزبية، قنن الإلحاد ودرّسه في جامعاته، هدم الكنائس، جمع أجراسها، صهرها وصنع من نحاسها سلاحًا).
وبغض النظر عن الواجهة السياسية الصرفة، أتأسف على الجو الفكري والثقافي الذي كان سائدًا في الشرق الأوسط العربي خلال جزء كبير من القرن العشرين والذي عايشته بنفسي في بيروت (تعليق مواطن العالَم: وفي المغرب العربي أيضًا والذي عايشته أنا بنفسي في تونس).

أحن مثلاً إلى النقاشات التي كانت تدور بين الطلبة والطالبات في جامعة الخرطوم وفي حدائق الموصل أو في مقاهي حلب حيث اعتاد الشبان على تبادل كتب ڤرامشي ومطالعتها. أحن إلى مسرحيات برتولت براشت التي كانوا يلعبونها ويصفقون لها (تعليق مواطن العالَم: في سنة 69-70، كنت تلميذًا بياتًا في معهد بوغرارة الفلاحي، 35كم طريق ڤرمدة، ذهبنا مرة لمشاهدة مسرحية في مدينة صفاقس -

Le Cercle de craie caucasien, une pièce de théâtre écrite en 1945 et publiée en 1949 du dramaturge allemand Bertolt Brecht).
أحن إلى أشعار ناظم حكمت وبول إيلوار والأناشيد الثورية التي كانت تهتز لها قلوبنا. أحن إلى القضايا التي كانت تحركنا مثل حرب فيتنام واغتيال لوممبا وسجن مانديلا ومعراج يوري ڤرڤارين، رائد الفضاء السوفياتي، إلى السماء وموت تشي (تعليق مواطن العالَم: نفس الأجواء عشتها أنا أيضًا في أوساط اليسار الماركسي في تونس السبعينيات).
أكثر من كل هذا، أحن وبعمقٍ إلى ضحكات الطالبات الأفغانيات واليمنيات التي خلدتها فوتوغرافيا الستينيات ثم أقارن بين أجواء ذلك العالم وأجواء عالم اليوم، أجواء مظلمة كئيبة وخانقة تعيشها اليوم نفس الفضاءات الثقافية ونفس الأنهج ونفس المدرّجات الجامعية.
عندما أتذكر تاريخ الشرق الأوسط في القرن الماضي، ألاحظ أن الحركات السياسية الشيوعية كانت الملاذ الوحيد الذي نجد فيه المسلم العربي يناضلُ جنب اليهودي العربي والمسيحي العربي.

Référence: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, 332 p, 22 €, p. 95

 إمضاء مواطن العالَم
الاستقامةِ الأخلاقيةِ التي أتبنّاها تتجاوز الاستقامةِ الأخلاقيةِ الدينية لكنها لا تنفيها، لا تناقضها ولا تعاديها بل تكمّلها وتحميها: الأولى تُمارَس على المستوى الفردِيِّ (La spiritualité à l`échelle individuelle)، وهي فردية أو لا تكون، وقد تتوفّر عند المتدين (Le croyant) وعند غير المتدين (Le non-croyant)، وقد يكتسبها الفرد من الدين (الجهاد الأكبر) أو من الفلسفة أو من الاثنين معاً كحالتي. أما الثانية فلا تُكتسَبُ إلا من الإيمان بِدينٍ معيّنٍ، ولا تهم غير المتدينين، وهي كالدين اجتماعية أو لا تكون (La spiritualité d`une société ou d`un état).
الهُوية هُويّات، أنا مواطن العالَم، كشكاري، ڤَصْرِي-شِتْوِي، حَمَادِي، جمني، حمّام-شطي، تونسي، شمال إفريقي، أمازيغي، عربي، وطني، قومي، أُمَمِي، مسلم، عَلماني، يساري غير ماركسي، عربي اللسان، فرنكفوني، محافظ، حداثي. كل هُوية تُضافُ إليّ هي لشخصيتي إغناءُ، وكل هُوية تُقمَعُ فيّ هي إفقارُ.

و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 2 ماي 2019.


mercredi 1 mai 2019

طلبة منوبة اليساريون وعبد الحميد جلاصي؟ مواطن العالَم



أمين معلوف: "لا دمعةً تستحقُّ ولا رحمةً تجوزُ - لا دينيًّا ولا عَلمانيًّا - على غير المغفور لها،  الأنظمة الاشتراكية التوجيهية الديكتاتورية الشمولية التي سادت ثم بادت في القرن العشرين في بلدان العالم الثالث وبلدان المعسكر الاشتراكي: كلها، خانت وعودَها جملةً وتفصيلاً في البلدان التي ابتُليتْ بها. كلها، أثبتتْ عدمَ تناسقٍ صارخٍ مع واقعِ شعوبِها. كلها، ما دخلتْ بلدًا إلا وأذكت فيه الانحرافات الأيديولوجيةَ والنزعات التسلّطيةَ وكوّنتْ داخلَه مجموعات من أشباه النخب المنبتة والطفيلية والإقصائية. نخبٌ لا مكان لها إلا في مزبلة التاريخ"
 RéférenceLe naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, 332 p, 22 €, p. 213

مواطن العالَم: المعذرة يا أمين معلوف، هذه النخب ما زال لها مكانٌ في تونس، في "الجبهة الشعبية" وفي صفوف اليساريين الستالينيين. أما طلبة جامعة منوبة فقد يشفع لهم سنهم، ما زالت أمامهم فرصة لتغيير جلدهم، و"اسأل مجرّبًا ولا تسأل طبيبًا": جزئيًّا أتفهمهم لأنني في السبعينيات وأنا طالبٌ، كنتُ مثلهم واليوم صرتُ يساريًّا اجتماعيًّا-تضامنيًّا على نهج تجربة جمنة، ولم أعد مثلهم ماركسيًّا ولا لينينيّا ولا ستالينيًّا ولا تروتسكيًّا ولا ماويًّا ولا ڤيفاريًّا ولا كاستريًّا ولا ناصريًّا.

و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 1 ماي 2019.