mercredi 8 août 2018

التاريخُ لا يكذبُ وإنما مُدوِّنوه قد يكذِبونَ ومدرّسوه قد لا يُولُونَه حقَّه: ديداكتيكي بيولوجيا ينتحل ظرفيًّا صفة ديداكتيكي تاريخ؟ مواطن العالَم




ملاحظةٌ منهجيةٌ أسوقُها في البدايةِ تجنّبًا لكلِّ مُحتمَلٍ من اللَّبْسِ: في هذا المقالِ المقتضبِ، أعي أنني أنطلقُ انطلاقةً غير علميةٍ، أنطلقُ من تجربةٍ شخصيةٍ لا يجوزُ تعميمُها دونَ بحثٍ واستِقراءٍ وتمحيصٍ. ومع ذلك أصِرّ وألِحُّ على طرحِ وجهةِ نظرِي حول تدوينِ التاريخِ وتدريسِه في الإعدادي والثانوي. أطرحُ وجهةَ نظري لا أكثر ولا أقل. أكونُ مسرورًا إذا نالت إعجابَكم، ولا أحزَنُ إذا لم تنلْه. وجهةُ نظرٍ معروضةٌ للنقدِ أو الدحضِ أو التكذيبِ!

أوحَى إليّ بها كتابٌ، مازلتُ بِصددِ مطالعتِه (ص. 66\293): د. عصام سخنيني، "طغتكين أتابك دمشق"، منشورات جامعة البترا الخاصة، عمّان، 2003. كتابٌ، بدايتُه سرديّةٌ سطحيّةٌ جدًّا، لا تحليلَ يتخلّلُها ولا تأليفَ ولا عِبرةَ واحدةَ، وكأن كاتبَه لم يسمع بتأريخِ التاريخِ ولا فلسفتِه ولا إبستمولوجيتِه (معرفة المعرفة) ولا تعلّميّتِه (ديداكتيك التاريخ).

في الستينيات من القرن الماضي درّسني التاريخَ أساتذةٌ متعاونونَ تونسيونَ وفرنسيونَ وكنديونَ. ملؤوا دماغي بِسِير الأباطرةِ ومُجونِ الملوكِ وكأن هؤلاء بلا شعوبٍ، وحشَوْه بأعدادِ الموتى في الحروبِ المقدسةِ المسيحيةِ والإسلاميةِ.  حفّظوني أهوالَ الأولى والثانية. معرفةٌ متوفرةٌ اليوم في دماغي الخارج عن جمجمتي (الحاسوب)، أستحظرُها بِنقرةٍ على "الفأرةِ" متى عَنَّ لي ذلك. إخبارٌ ولا شيءَ وراءَ الإخبارِ. أخبارٌ دون ربطٍ ولا تحليلٍ ولا تأليفٍ ولا تفكيرٍ حول ما استوعبه التلميذِ (Métacognition). لذلك لم يرسخ منها في ذهني عِلمٌ يُذكَرُ، بل علِقت به تصوّرات ضبابيّةٌ غير علميةٍ أعاقتني عن التكوين الذاتي في هذا المجال.
أتمنّى أن يُدَرَّسَ تاريخُ الفتنةِ الكبرى بين علي ومعاوية - مثلاً - كما تعرّضَ له هشام جعيّط أو طه حسين في كتابَيهما اللذان يحملانِ نفسَ العنوانِ!

سؤالٌ صادرٌ عن دكتورٍ، بِصدقٍ يعرفُ أنه لا يعرفُ وبِشغفٍ يريدُ أن يعرفَ، سؤالٌ موجّهٌ إلى تلامذةِ الإعدادي والثانوي وأساتذتِهم في مادّةِ التاريخِ: هل ما زالَ التاريخُ يُدرَّسُ كما درَّسهُ لي أساتذتي الكِرامُ في الستينيات من القرنِ الماضي؟

رجاءٌ صادرٌ عن شخصٍ متسوِّلٍ للودِّ، هاربٍ من الخصومة الشخصية غير المجدية: ترددّتُ كثيرًا قبل كتابة هذه السطورِ أعلاه خوفًا أدبيًّا من ردودِ أفعالِ المعنيينَ بالنقدِ. لماذا؟ نقدتُ المتفقدينَ كرهونني، نقدتُ اليساريينَ أقصونني، نقدتُ أساتذة الدروس الخصوصية اغتاظوا، نقدتُ تلامذةَ المعاهدَ النموذجيةَ قالوا حسدتنا.



إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 8 أوت 2018.


lundi 6 août 2018

المنوالُ التنمويُّ الاقتصاديُّ الرأسماليُّ الليبراليُّ العالميُّ العقلانيُّ العلميُّ: أمامنا خيارٌ واحدٌ، نأخذه نتطوّر اقتصاديًّا، لا نأخذه نتخلّف اقتصاديًّا! مواطن العالَم



ملاحظة منهجية: سأوصّفه ولن أحكم له أو عليه (juste un constat et non un jugement). وما مدي عمق تكويني الشخصي في العلوم الاقتصادية حتى أحكم له أو عليه؟ رأيي الشخصي لا يهم في هذا المقام فأنا أحلم بمنوالٍ مغايرٍ تمامًا،  منوالٍ تنمويٍّ اشتراكيٍّ-ديمقراطيٍّ يشبه المنوال المطبّق في بعض البلدان الأسكندنافية أو ما هو أفضلُ منه، ألا وهو المنوالُ التنمويُّ الجمنيُّ، تجربة جمنة في واحة ستيل بعد الثورة حيث التطوّع هو سيد الموقف داخل جمعية حماية واحات جمنة وأعضائها الإحدى عشر، الأنبياء الباذلون لأقصى جهودهم والناكرون لذواتهم من أجل خدمة المصلحة العامة على حساب سعادة عائلاتهم على مدي ثمان سنوات، أي منذ استرجاع الواحة - أمّ العشرة آلاف نخلة دڤلة نور - من براثن المستثمر الرأسمالي المافيوزي غير الليبرالي وغير العلمي وغير العقلاني وغير العالمي).

هذا المنوالُ التنمويُّ الاقتصاديُّ الرأسماليُّ الليبراليُّ العالميُّ العقلانيُّ العلميُّ، منوالٌ لا يتدخّلُ فيه الدين ولا الأخلاق ولا الوطنية ولا السيادة الوطنية ولا التضحية من أجل الوطن ولا "هَيّا ناقْفو لْتونسْ" ولا القومية ولا القِيم ولا الضمير المهني ولا الأصالة ولا حب العمل ولا الحضارة ولا الثقافة ولا التقاليد ولا التاريخ. لكنه في المقابل لا يمسّ الدين ولا التقاليد، وأفصحُ مثال على ذلك هو نمط عيش اليابانيين الذي لم يتغيّر رغم تطورهم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي، حيث ما زالت الزوجة تغسل ساقَيْ زوجَها بكل حِنّيّة عند رجوعه من العمل. سبق وقلنا أنه عقلانيُّ علميُّ، فكيف ستتدخّلُ فيه كل هذه المفاهيم غير العلميّة وغير العقلانيّة؟ وهل تدخلت قبله في الرياضيات والفيزياء أو البيولوجيا؟ وهل توجد رياضيات إسلامية وأخرى بوذية أو مسيحية؟

والدليل على نجاعة هذا المنوال هو التالي: طبقته ماليزيا وتركيا وأندونيسيا الإسلامية فنجحت، وكذلك فعلت كوريا الجنوبية الكونفوشيسية-المسيحية والصين الكونفوشيسية-الشيوعية والهند الهندوسية-الإسلامية ورواندا الكحيانة الخارجة للتو من حرب أهلية وجارتها أثيوبية الجيعانة، كلها دولٌ تحققُ في تنمية مذهلة منذ عشر سنوات تقريبًا. 

عارَضتْه اليونان، ذلّتها الدوائر المالية العالمية (FMI, BM, BCE) فانصاعت. تركيا أردوڤان ترددت وأرادت تحريم الربا البنكي، هددتها نفس الدوائر فرضخت وهي صاغرة.

لم تطبّقه كل الدول العربية والنتيجة واضحة للعيانْ، لا تحتاج لإثباتٍ أو برهانْ!
السؤال: لماذا لم تطبّقه، خاصةً وهي تملك المال والرجال، اقتصاديونا ومهندسونا وعمالنا أثبتوا كفاءاتهم في هذا المجال خارج الوطن؟
الجواب: لا أدرِي!
أدرِي فقط أنها تقاومه. لمصلحة مَن؟ الله أعلَمُ!

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 6 أوت 2018.


dimanche 5 août 2018

"ربي يعرف آش يعمل"؟ مواطن العالَم



"ربي يعرف آش يعمل"، جملةٌ قصيرةٌ مقتضبةٌ، وصلت أذنيّ غصبًا عني، سمعتها البارحة، الأحد، على الساعة السادسة صباحًا في طبرقة وأنا جالس وحدي في المقهى قبل الرجوع إلى تونس بعد المشاركة في حفل أربعينية أخي المناضل صالح كشكار. قالها فلاح (ظاهر من لباسه القريب من التقليدي) ردًّا على التعليق التالي لجليسه الفلاح حول هطول المطر مدرارًا يوم السبت بطبرقة: "هالعارِض هظايا باش يهلك الزرع".
حوارهما أوحى إليّ بالمقال التالي:
صحيح وأكيد أن "ربي يعرف آش يعمل". ومَن سواه "يعرف آش يعمل"؟ معرفته بما يعمل، أفهمها أنا خلافًا لما يبدو أن  الفلاح مردِّدُ المسلّماتِ قد فهمه ("ربي يعرف آش يعمل"). المسلّمات تَختزلُ الفكرة العميقة، والاختزالُ عادة ما يشوّه الأصلَ. أظن أنه قيَّمَ قدرة الله بمدى تحكّمِه في الأضداد، أي يَهَبُ لنا الغيثَ والحجرَ، الصحةَ والسقمَ، الغِنَى والفقرَ، الفرحَ والحزنَ، الحياةَ والموتَ، الصبرَ والجزعَ، إلخ.
كغير مختص في علوم اللاهوت مثلكما، اسمحا لي يا صديقَيَّ في الإنسانية أن أشارككما افتراضيًّا، وأقدّم لقرّائي الكرام وجهة نظري المتواضعة في الموضوع: كلامُ الفلاّحَين سليمٌ للغاية، لكنني سأضيف له ما جادت به قريحتي البسيطة: "هالعارِض هظايا باش يهلك الزرع": تقييمٌ واقعيٌّ لما تحدثه  الفياضانات من انجرافٍ للتربة الصالحة للزراعة. "ربي يعرف آش يعمل": أولاً، جوابٌ لا طائل من ورائه لأن ربي أمرنا أن نسعى وهو يسعى معنا، ثانيًا، الله - سبحانه وتعالى - منحَ الحياةَ إلى جميع الكائنات الحية (إنسان، حيوان، نبات وفطريات)، أكرمَها وأصبغَ عليها صفة من صفاته، ألا وهي صفة الخلود كأنواع وليس كأفراد (Excepté les espèces disparues comme les dinosaures)، ميّزها عن مخلوقاته الأخرى (التي نسمّيها نحن "غير حية" إلى أن نكتشف ما يخالف ذلك، فمفهوم الحياة نفسه، يبدو أن العلماء قد تجاوزوه ولم يعد موضوع بحث في مخابرهم كما أكد ذلك العالِم البيولوجي هنري أتلان)، خلقَها من هباءةٍ 
(Une molécule d`ADN)
 قادرةٍ على تجديدِ نفسِها بِنفسِها عن طريق التكاثر الجنسي واللاجنسي.
كل المخلوقات، منحَها الرزق السهل واستثني منها البشرَ فقط، لكنه في المقابل خصَّنا بما هو أفضل من الرزق السهل، ألا وهو آلة البحث عن الرزق الصعب، مخٍّ بمليون مليار وصلة عصبية (dix puissance quinze synapses). مخٌّ نستطيع بواسطته أن نتجنّب قدر المستطاع مضارّ الكوارث الطبيعية: نُقيمُ سدودًا صغيرةً حِفاظًا على التربة من الانجراف أو سدودًا كبيرةً لتجميع المياه واستعمالها للرّيّ، عوض الرضا السلبي بحكمةِ الأضداد الإلهية التي نجهلُ مكنونَها وهل هي أضداد فعلاً أو تبدو لنا كذلك، حكمةٍ لا يعلمُ مدلولَها الحقيقيَّ إلا هو. خلّينا نحن في مَنطِقِنا البشريِّ العقلانيِّ فهو مَنْطِقٌ واضحٌ، مَنْطِقٌ لا يحتملُ الأضداد 
(La rationalité a horreur des contradictions).

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 6 أوت 2018.



حضرتُ البارحة بطبرقة حفل أربعينية أخي صالح كشكار فاكتشفتُ له عائلة نقابية-ثقافية أرقى رابطة من عائلته البيولوجية، صَنَعَ الأولى ووَرَثَ الثانية، ضحّى من أجل الأولى على حساب الثانية! مواطن العالَم



الجهة المنظمة: الاتحاد المحلي بطبرقة، الاتحاد الجهوي بجندوبة ومجموعة من أصدقاء المرحوم وعلى رأسهم الأستاذ الكيّس البشوش شاكر الزواوي.
المكان: الحصة الأولى في المدرسة الإعدادية بطبرقة، وسط المدينة، أكبر إعدادية بالجمهورية على حد قول أستاذ يعمل فيها (شاكر)، 1300 تلميذ. الحصة الثانية في مقر الاتحاد المحلي بطبرقة.
الحضور: حوالي 120، نساء ورجال، جاؤوا من عدة جهات، فيهم رفاقه، أصدقاؤه، عائلته المصغّرة والموسّعة.
برنامج الحفل: الحصة الأولى: كلمة الأخ رؤوف الكاتب للاتحاد المحلي بطبرقة تلتها كلمة ممثل الاتحاد الجهوي بجندوبة. شاكر قرأ شعرًا للمرحوم كما قرأ حفيده محمد علي كشكار قصيدة جميلة كجمال طفولته. رثاه صديقه الشاعر الملتزم إبن جندوبة عبدالستار المعروفي في قصيدة عصماء بنبرة قوية صادقة. قال فيه رفاقه كلامًا، لو سمعه لتبسّم في قبره. الحصة الثانية: تدشين ساحة باسمه رسميًّا، تقع أمام مقر الاتحاد المحلي بطبرقة. ابنته رهان نالت شرف رفع الستارة عن الرخامة البيضاء التي كتِب عليها بالأسود "ساحة المناضل صالح كشكار".
كلمتي المقتضبة في الحفل: أعتز بأخوتي النقابية للمرحوم أكثر من اعتزازي بأخوتي البيولوجية، لأن الأولى مكتسبة وفيها استحقاق أما الثانية فهي موروثة ولا استحقاق فيها. والإنسان الغني ثقافيًّا يقاس بما اكتسب، ولا يقاس بما ورث إلا الغني ماديًّا، وشتان بين غَناءٍ و غَناءْ! أخي صالح جسّم الوحدة بين الشمال والجنوب: أصيل جمنة، درّس 40 عامًا في الشمال، تزوج من طفلةٍ جميلةٍ من الكريب أصيلة جربة، استقر قرابة نصف قرن في طبرقة. باسم عائلته البيولوجية أشكر عائلته النقابية-الثقافية على وفائها وإخلاصها وإحيائها لذكرى المرحوم.
بعد الحفل: لامني أحد رفاقه لأنني لم أتحدث عن نضاله خارج طبرقة. رددت عليه بود: والله أنتم أقرب مني إليه وتعرفونه أكثر منى، لأنه كان مناضلاً ملتزمًا بإكراهات العمل الحزبي السري في صفوف "الوطد الثوري" وما عرفتُ انتماءه إلا متأخرًا.
ملاحظة عابرة: رفاقه وأصدقاؤه بطبرقة تبنوه بكل نبلٍ وصدقٍ فتمنيتُ أن يتبنوني مثل ما تبنوه لكنني استدركت قائلاً: وهل أنا قادرٌ على تقديمِ ما قدمه المرحوم للوطن؟ والله أنا دونه بكثير! الحقيقة، لم يقصّروا معي أنا أيضًا إكرامًا للمرحوم فالشكر في محله استحقاق وفي أهله واجب.

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 5 أوت 2018.

vendredi 3 août 2018

ثلاثةُ شروخٍ تشقُّ المجتمعَ التونسيَّ منذ ظهورِ الإسلاميينَ في السبعينيات من القرنِ الماضي؟ تأليف مواطن العالَم



المقال مستوحَى فكرةً وأسلوبًا من كتاب: 
François Burgat, L`islamisme en face, Ed. La Découverte, Paris, 1995

1.     شرخٌ سياسيٌّ يتمثل في حرب التنازع على السلطة بين نظامٍ متشبثٍ بالكرسي (بورڤيبة 31 عام وبن علي 23)، نظامٍ يرفض رؤيةَ وجهِه في المرآة أي لا يعترفُ بأنه فقد قاعدته الشعبية، ومعارضة إسلامية تساندها أغلبية (انتخابات 89) ومن حقها أن تُعامَلَ بشكلٍ أفضلَ.
2.     شرخٌ اجتماعيٌّ-اقتصاديٌّ: القاعدة الاجتماعية للمعارضة اليسارية (الطلبة المهاجرون غير الدستوريين محرومون من منحة دراسية في عهد بورڤيبة، والطلبة المفروزون أمنيًّا في عهد بن علي)، والمعارضة الإسلامية (عشرات الآلاف من السجناء السياسيين والمنفيين والطلبة الإسلاميين المفروزين أمنيًّا أيضًا والعسكريين والأمنيين والموظفين العموميين المفصولين عن العمل)، هذه الشريحة  الاجتماعية المضطهدة لم تأخذ  نصيبها من الثروة الوطنية (نفط، فسفاط، سياحة، أراضي دولية، إلخ)، ولم تستفد من المصعد الاجتماعي الذي وفّره التعليم العمومي والانفتاح الاقتصادي. كان الإسلاميون وأقاربهم يُمنعون من المشاركة في مناظرات وزارة الداخلية والجيش والقضاء.
3.     شرخٌ ثقافيٌّ: النخبة السياسية، الماسكة بالسلطة أو المتواجدة في صفوف المعارضة اللائكية (الأحزاب اليسارية والليبرالية)، كانت وما زالت تتطور داخل أطُرِ الثقافة الغربية الفرنكوفونية، وفي نفس الوقت لا تولِي أهمية كبرى للثقافة العربية الإسلامية الناطقة بالعربية، لا بل لا تتورّع عن وصفها وعن جهل بأبشع النعوت: ظلامية، رجعية، متخلفة، لاهوتية، قروسطية، فاشيّة، غير علمية، عنصرية جندرية، إلى آخر القائمة التي لا تنتهي.

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 3 أوت 2018.



jeudi 2 août 2018

ديالكتيك عنف الأنظمة العربية وعنف الحركات الإسلامية؟ تأليف فرنسوا بورڤا، ترجمة مواطن العالَم



تعريف مفهوم الديالكتيك حسب "لاروس": طريقة تفكير تتمثل في تحليل الواقع وإبراز تناقضاته من أجل البحث عن  تجاوزها.

من المؤكّد أن جميع الحركات الإسلامية تضم جناحًا متشدّدًا منغلقًا. لكن يبدو أن تأثير هذا الأخير يزيد وينقص حسب ردّة فعل الأنظمة الرسمية: بتهميشِها وقمعها للمعارضة الإسلامية السلمية، فالأنظمة تقوّي المتشددين في هذه الحركات - عن قصد أو غير قصد - وتمنحهم شرعية لم يكونوا يحلمون بها. هذه الديالكتيك قد تزجّ بالمعارضة الإسلامية في منطقِ خطيرٍ.
قَمْعُ الحركات الإسلامية المرشحة للديمقراطية والطامحة لها قد يولّد داخلها ميلاً طبيعيًّا للتطرّفِ والعنفِ. وتحت تأثيرِ هذا القمع - الذي عادةً ما يكون وقائيًّا ومبالَغًا فيه - قد يرتفع منسوب العنف المضادّ لدى هذه الحركات.
يبدو أن الأنظمة العربية القامعة للحركات الإسلامية تخشى مشاركة هذه الأخيرة في الانتخابات النزيهة أكثر من خشيتها من التفجيرات المتقطّعة التي يأتيها عادةً بعض متشدديها، ثم تشهّر بهؤلاء الأخيرين وتعمّم فعلهم وهم أقلية في هذه الحركات، وذلك لمغالطة أصحاب القرار في الدوائر المالية الغربية واستمالتهم حتى يمنحونها قروضًا قذرة، وبناءً على هذه المغالطة تُشرّع لنفسها إحكام غلق نظامها السياسي الداخلي، الإجراءُ الوحيد الذي قد ينقذها من الانقراض ويسمح لها بالتفرّدِ بالسلطة أكثر وقت ممكن (الوزير الأول البحريني 47 عام، بورڤيبة 31، بن علي 23، مبارك 30، الڤذّافي 41، إلخ).

Référence bibliographique: François Burgat, L`islamisme en face, Ed. La Découverte, Paris, 1995, p. 142

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 2 أوت 2018.


mercredi 1 août 2018

منطقٌ غريبٌ صادِرٌ عن يساريٍّ أغربَ، يساريٌّ غير ماركسيٍّ يُقيّمُ الثورة التونسية بعينَينِ نهضاويّتَينِ: هل بعد الثورة أفضلُ من قبل الثورة؟ مواطن العالَم



ملاحظة منهجية: أيها القُرّاء الكرام، تجرّؤوا على الفكرة مثل ما بدا لكم، ارفسوها عفّسوها ادحضوها كذّبوها شيطنوها، لا أبالي، فهي ليست من أملاكي الخاصة ولم أرثها عن أبي. لكن رجاءً لا تزايدوا على ناقِلِها، وكل مَن سيفعلها فسوف من حسابي أحذفه مهما علا شأنُه. أنا لستُ نهضاويًّا ولن أكون، أختلفُ معهم، لا أكرهُهم ولا أتعاطفُ معهم، لكنني أشاركهم نفس المصير ونفس المقهى ونفس الحي ولي فيهم زملاء وأصدقاء كثرُ.

ماذا أريدُ إذن؟
أريدُ فقط النظر إلي أي ظاهرة من عدة زوايا 
(Approche systémique)،
وأنتظرُ من سامعي تنسيبَ أقواله وليس التخلي عنها تمامًا (Des nuances, rien de plus)، ولي في هذا الصنفِ من النقاش النظري الهادئ متعةٌ لا تضاهيها أي متعةٍ.

لبّ الموضوع:
كلما سمعتُ أحدًا يمجّد عهدَ ما قبل الثورة استنادًا إلى قراءةٍ اقتصاديةٍ أحادية لِما حدث سنة 2011، أقصُّ على مسامعِه القصة الواقعيّة التالية وأطلبُ منه أن يتجرّدَ من إيديولوجيتِة ويلبس ولو لثوانٍ معدوداتٍ ثوبَ نهضاويٍّ مسالِمٍ ملاحَقٍ، لا تنزعجوا فالثوبُ ليس الجِلدَ!
قال صديقي وجاري النهضاوي:
-         قبل الثورة، كنتُ وأنا في فراشي أرتعدُ خوفًا في أنصافِ الليالي كلما سمعتُ هديرَ محرّك سيارة مارّة جنب البيت ظنًّا مني أنها سيارة أمنية جاءت للقبضِ عليَّ.
-         بعد الثورة، أنامُ مِلْءَ جفوني ولو مرّت قربنا دبّابةٌ كاسحةُ ألغامٍ.

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 1 أوت 2018.