dimanche 20 septembre 2015

ثلاثٌ وددتُ لو فعلها الحزب الجمهوري وثلاثٌ وددت لو تركها؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

ثلاثٌ وددتُ لو فعلها الحزب الجمهوري وثلاثٌ وددت لو تركها؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

مقدمة:
أقولها من وحي الإيمان بالمواطنة وليس على سبيل الوعظ والإرشاد. ومَن أنا حتى أنصح حزبا معارِضا أثبت انحيازه للمظلومين ووقوفه بشجاعة نادرة ضد المستبدين في أحلك سنوات الجمر خلال حكم بن علي؟ ومَن أنا حتى أنصح مناضلا كبيرا مثل نجيب الشابي؟ رغم بعض التحفظات الشخصية على بعض ممارساته السياسية بعد الثورة وقد يكون له فيها عذرٌ أجهله. لا أقولها من باب التملق أو التسلق وذلك لأنني لم ولن أنتمي يومًا لحزب الجمهوري أو لأي حزب غيره. أقولها لأنه لو فعلها لكان أقرب حزب إلى تصوراتي حول ما يجب أن تكون عليه الأحزاب. أقولها من باب الأخلاق الريفية التي تربيت عليها ومن باب رد الجميل لحزب ولكوادر حزب تعاملوا معي بما يفوق اللياقة والأدب والاحترام وأكرموني فكريا -وليس ماديا- في مجال اختصاصي ووفروا لي منبرا محترما أدافع فيه عن رؤيتي الخاصة في باب إصلاح التعليم التونسي وأتاحوا لي فرصة الاستماع والاستفادة لأول مرة في حياتي من محاضرة مباشرة حول التعليم الفنلندي، نموذجي المفضل، ألقتها بعد محاضرتي الافتتاحية في نزل أفريكا ممثلة سفارة فنلندا في تونس. أقولها وأمضي، قرأني مَن قرأني وتجاهلني مَن تجاهلني! الحزب الوحيد الذي يعرض فرعه بحمام الشط نفسه للنقد العلني في المقهى والذي يتميز أعضاؤه بعلاقات دمثة متفتحة مع غير المتحزبين من أمثالي ومع كل المتحزبين من التيارات السياسية المنافسة، أصدقاءٌ يطيب لي معهم الجلوس في المقهى ولم أسمع منهم يوما نبزة أو سبّة كما تعودت للأسف سماعه من رفاقي.

ثلاثٌ وددت لو فعلها الحزب الجمهوري:
الأولى: وددتُ أن يتميز (se démarquer) في فلسفته وخطابه -وهو بالفعل والممارسة متميز- عن حزب النداء. تميزَ وتمرّدَ عن الأب في عز قوته، فكيف لا يجرؤ على الابن؟ أحثه على التميز عن الليبرالية غير الإنسانية متسلِّحا بنهجه الاشتراكي الديمقراطي وله في العالم نموذج لا يشك ولا يختلف يساري وإسلامي في نجاعة إنجازاته الاجتماعية، ألا وهو نموذج الدول الأسكندنافية. 
الثانية: وددتُ أن يتميز في فلسفته وخطابه -وهو بالفعل والممارسة متميز- عن حزب النهضة. آوَى واحتضنَ وأكرمَ النهضاوين ومنحهم منبرا في العهد البائد، فيُعتبَر من باب نكران الجميل أن لا يحترمه بعض نهضاويِّ اليوم؟ أحثه على التميز عن نمط الإسلام السياسي متسلِّحا بنهجه العَلماني غير المعادي للدين عموما وللدين الإسلامي خصوصا وله في العالم نموذج لا يشك ولا يختلف يساري وإسلامي في نجاعة إجراءاته العملية، ألا وهو نموذج الدول الأنڤلوسكسونية مثل بريطانيا وألمانيا، النموذج الذي ذاق وتمتع بمزاياه إسلاميو تونس قبل عَلمانييها.
الثالثة: وددتُ أن يتميز في فلسفته وخطابه -وهو بالفعل والممارسة متميز- عن الأحزاب الماركسية. تميزَ وتمردَ وتخلَّى إراديا عن أصله الماركسي وقام بنقده الذاتي أيام السرية، فكيف لا يجرؤ على مجابهة الماركسيين أيام العلنية والديمقراطية؟ أحثه على التميز عن الماركسية مجاهرا معلنا إيمانه بوضوح بالاشتراكية الديمقراطية نهجا اقتصاديا وبالعَلمانية غير المعادية للدين نهجا ثقافيا.

ثلاثٌ وددت لو تركها الحزب الجمهوري:
الأولى: وددت لو لم يدخل في حكومة الغنوشي.
الثانية: وددت لو لم يتحالف مع حزب النداء في جبهة الإنقاذ.
الثالثة: وددت لو لم يندمج ولو مؤقتا مع حزب آفاق فهم ممثلو الأغنياء وهو ممثل الطبقة الوُسْطَى بمثقفيها وموظفيها وحِرَفِييها فالمصالح إذن منذ البداية وإلى النهاية متناقضة ولا يمكن أن تلتقي أبدَا.

خلاصة القول: 
الحزب الجمهوري، حزبٌ له مع المعارضة والنضال والتقدمية تاريخ، وأي تاريخ، فرجاءً أيها الجمهوريون الجدد، أضيفوا لهذا المجدِ مجدَا أو بكل لطف تَنَحُّوا فالتاريخ لا يرحم.

إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد ولا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي. 
نفسي مثقلة بالأحلام فهل بين القُرّاء مَن يشاركني حلما ويخفّف عني حملي؟
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 20 سبتمبر 2015.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire