يبدو لي أن تاريخ تحديد موقع الأفكار والعواطف، مَرَّ بالمراحل الأربعة التالية
(La localisation de la pensée et des émotions):
1.
قبل أرسطو (300 سنة قبل الميلاد)، كان الفلاسفة يتصورون
أن الرئتين هي منبع الأفكار والعواطف، ومن هنا ورثنا كلمات نَفَسْ، رؤيا، رأي، القريبة من كلمة
رئة - Souffle, inspiration, respiration (جعيط، 2007، ص 76).
2.
بعد أرسطو حتى جوزيف ڤال في القرن 18 بعد
الميلاد، سيطرت مقاربة "مركزية القلب" (Le cardiocentrisme) خلال حوالي 21 قرن، رغم أنها في الأثناء كانت في
صراع مع مقاربة "مركزية المخ" (Le céphalocentrisme).
3.
بعد ڤال حتى اليوم: هُزِمت مقاربة "مركزية
القلب" بالضربة القاضية: نغيّر القلب فلا تتغير، لا الأفكار ولا العواطف (La transplantation
cardiaque). انتصرت مقاربة "مركزية
المخ" نهائيًّا، لكن هذه الأخيرة لم تفرح بانتصارها طويلاً، جاءت مقاربة "ما
فوق الخلق"
(L`épigenèse)،
التي تقول أن المخ لا يشتغل كرئيس جوقة يعطي
الأوامر وباقي الأعضاء تنفذ، بل يأمُر القلبُ ويؤمَر (Feedback): المعاق عضويًّا لا يفكر مثل السليم عضويًّا، لا
أفضلية بينهما بل اختلاف.
4.
جاء أخيرًا الحاسوب فأراحنا من بعض مهام المخ
المعتادة والمتكررة كالحِفظ (La mémoire) وحل المسائل الحسابية المعقدة (La résolution des
équations mathématiques complexes). الحاسوب خَفَّفَ على
المخ كثيرًا حتى يتفرّغَ هذا الأخير لما هو أهم، الأهم المتمثل في الخلقِ الفكريِّ
والإبداعِ الفنيِّ.
أمنية مواطن العالَم: أتمنى على الحاسوبِ أكثرَ، "هو صْرَفْ
صْرَفْ"، أرجوه وأتوسل إليه وأبوس الأرض تحت نعاله أن يقتلعَ شجرة الكره من
قلوبِنا، أعني من أمخاخِنا، ويحمل عنّا مشاعرَ الحقدِ والعنفِ والعدوانيةَ، كما
خَفَّفَ عنّا مشكورًا مشاقَّ الذاكرة، حتى تتفرّغَ قشرتُنا المخية لما هو أنبل،
الأنبل المتمثل في الحبِّ والعشقِ والمتعةِ التي لا تضرّ بنا ولا تضرّ بغيرنا.
إمضاء مواطن العالَم، شعبوي-تطوّعي-تضامني-اجتماعي، نسبة إلى تجربة
في الاقتصاد الاجتماعي-التضامني، تجربة لا شرقية ولا غربية، تجربة أصيلة نوعية
ومبتكرة في جمنة مسقط رأسي:
الناقدُ لا يُطالَبُ ببديلٍ. البديلُ ليس جاهزًا.
البديلُ يُصنَعُ ولا يُهدَى. وعلى كل مقال سيء
نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي. كشكار
"المثقّفُ هو
هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 9 جانفي 2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire