lundi 14 janvier 2019

لسنا رُضّعًا حتى نرضَى بمصّاصةٍ، نريدُ - من صُنعِنا - حليبًا مغذيًا لا مغشوشًا. مواطن العالم د. محمد كشكار



اليوم، الثلاثاء 15 جانفي 2019، الساعة الخامسة صباحًا، أعيد للمرّة الثالثة نشر مقالي الذي سبق وأن نشرته يوم الجمعة 14 جانفي 2011 على الساعة السادسة والنصف صباحا  في خانة المقالات على صفحتي الفيسبوكية المسمّاة "المفكر الحر مواطن العالم د. محمد كشكار" وعلى الأنترنات في 20 موقعا مختلفا ووَجّهتُه مباشرة إلى الرئيس بن على وهو ما يزال رئيسًا. نُشِرَ هذا المقال 12 ساعة قبل هروبِ بن علي. لم ينزل عليَّ الوحيُ في تلك اللحظة ولم أكُ يوما في حياتي الهادئة ناشطا سياسيا مِقْداما أو مناضلا متهوّرا أو متحدّيا صريحًا للسلطة القائمة، لكنني، واستنادا إلى تحليلي السياسي، استشرفتُ انهيارَ بن علي منذ أن شاهدته في خطابه الأخير بمجلس الشعب التونسي. أنقل لكم حرفيا هذا المقال، الذي أعتز بكتابته وأتبنّاه جملة وتفصيلا، في نسخته الأصلية دون تعديل أو إضافة.

النص الأصلي للمقال: بكل موضوعية، أنا لا أحمّلكم وحدكم سيدي الرئيس مسؤولية ما جرى وما سيجري لأنك لست وحدك الآمر الناهي. أنت تحكم من خلال آلة رهيبة تسمى التجمع الدستوري الديمقراطي وجهاز أرهب يُدعى المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل وبيروقراطية إدارية تعدّ بالآلاف ومستفيدين قد يصلون للمليون وأعداء تخالهم أنتم أصدقاء، فرنسا وأمريكا.
حتى أصدّقكم، سأضع روحي على كفّي  ونعشي على كتفي وأمشي إلى حتفي وأنا لا أمثل إلا نفسي- وهي ليست أغلى من روح البوعزيزي - وأختبركم وأنا لست من مسانديكم وأطالب نظامكم وعملائه المؤلفة قلوبهم في الداخل والخارج القيام بالإجراءات التالية في ظرف أقصاه ستة أشهر:
-         تقديم اعتذار علني متلفز باسم النظام للشعب التونسي عن 23 سنة من العهد الجائر والحزب الواحد والرأي الواحد والقمع الممنهج - المبرمج والفساد العائلي.
-         التعجيل برحيلكم حفظا لكرامتكم بعد تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية وبلدية تحت إشراف المنظمات غير الحكومية التونسية والعالمية.
-         إلغاء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم.
-         إلغاء المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل.
-         حل مجلس النواب ومجلس المستشارين.
-         حل الحكومة بجميع هياكلها الوطنية والجهوية والمحلية وتشريك كل الأحزاب والمنظمات الحكومية وغير الحكومية في انتخاب ممثليها في السلطة التنفيذية.
-         إقالة كل المعتمدين والولاة والمديرين الجهوين وانتخاب ولاة ومعتمدين ومديرين جهويين مكانهم من قبل أهالي البلدية أو أهالي المعتمدية أو أهالي الولاية.
-         تكوين حكومة ائتلافية من أحزاب المعارضة الحقيقية دون مشاركة حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ودون مشاركة محمد مواعدة وبرهان بْسَيِّسْ بالذات لسبب يعرفه كل التونسيين.
-         الاعتراف بالهيئات الشرعية المنتخبة للمنظمات المدنية غير الحكومية مثل حقوق الإنسان والقضاة والمحامين والصحافيين والفنانين والاتحاد العام لطلبة تونس وغيرهم.
-         إلغاء الجهاز القمعي للشرطة السيئ الذكر المشهور باسم "البوب" ومحاسبة كل من اقترف جرما في حق المواطنين خلال عهدك البائد.
-         إلغاء التعذيب من وزارة الداخلية ومراكز الأمن والسجون.
-         إلغاء عقوبة الإعدام.
-         إقالة كل رؤساء مراكز الشرطة والحرس وانتخاب رؤساء مراكز مكانهم من قِبل متساكني المنطقة.
-         نريد أن يصبح رجل "الأمن" رجلَ أمنٍ.
-         الاعتراف بكل الأحزاب الممنوعة مثل حزب العمال الشيوعي وحزب النهضة وحزب العمل الوطني الديمقراطي وحزب الوطد وحزب الوطج وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وغيرهم.
-         انتخاب مديري المؤسسات التربوية من قِبل المدرسين وهم بدورهم ينتخبون مديرا جهويا للتربية والتعليم.
-         إلغاء نظام التفقد البيداغوجي المتسلط والمعطل للمبادرات التربوية للمدرسين.
-         إلغاء امتحان "الكاباس" الكابوس (شهادة التأهيل للتدريس الاعتباطية) وتعويضها بسنة تكوين أكاديمي في علوم التربية عند انتداب المدرسين.
-         إقالة كل المديرين العامين في القطاع العام والخاص وانتخاب مديرين جُدد مكانهم.
-         تخصيص حصص أسبوعية كافية ومتساوية في التلفزة التونسية العمومية لكل الأحزاب والمنظمات الحكومية وغير الحكومية حتى تحضّر نفسها لخوض الانتخابات القادمة.
-         إصدار عفو تشريعي عام دون قيد أو شرط لكل مساجين الرأي وكل المنفيين والمبعدين قسرا أو هروبا من بطش نظامك.
-         فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية فصلا تاما وليس تحت وزارة العدل.
-         إلغاء وزارة الإعلام و إلغاء كل رقابة على الصحافة والتلفزة والإذاعة والأنترنات والنشر.
-         إحداث شغل أو تخصيص منحة للعاطلين عن العمل.
-         الزيادة بخمسين بالمائة في المرتب الشهري لكل العمال بالفكر والساعد في القطاع العام والخاص ولا تقولوا لي سيدي الرئيس: "الخزانة العامة فارغة" وإلا سألتكم: "ومن أفرغها وتونِسِنا ولاّدة بالخير واليمن والبركة.
-         التخفيض بنسبة خمسين بالمائة في سعر الأراضي الصالحة للبناء والسلع الغذائية - وقد فعلها قبلك جارك بوتفليقة - ومواد البناء والمواد الحديدية ووقود السيارات وفاتورة الماء والضوء ومقابل كراء المساكن للعمال بالفكر والساعد.
-         النص في الدستور على مبدأ التداول على السلطة وتجنب التمديد لأكثر من دورتين لا ثالثة لهما في كل المنظمات الحكومية وغير الحكومية والأحزاب والمناصب الإدارية العليا والنقابات.

خلاصة القول: أنا متشائل سيدي الرئيس وليس لي أمل ولو واحد بالمائة في الاستجابة لمطلبي هذا، ليس تكذيبا لما وعدتم بل لأن البديل الحضاري والديمقراطي لواقعنا المتخلف لا تملكوه أنتم ولا أملكه أنا ولا يملكه نظامك المتهرئ. البديل لا تُحدثه عصا سحرية حتى ولو كانت عصا موسى فما بالك بعصا العبد لله زين العابدين بن علي، البديل يكون من صُنع الشرفاء المناضلين الصادقين الصامدين المستقلين بكل أطيافهم وإيديولوجياتهم وفنونهم وإبداعاتهم وهمومهم وجنونهم وعشقهم لتونس والعالَم والحرية والعدالة الاجتماعية، البديل ينبثق من التجربة اليومية للناس على مدى سنوات من الإخفاقات والنجاحات ، البديل ليس معلوما مسبقا وليس جاهزا حتى تهدوه أنتم - ولو صدقتم - للشعب التونسي في خطاب بربع ساعة على القناة 7.
أود و بكل بلاهة أستاذ الثانوي الخوّاف - المتشجع غير المتحزب المسكين النكرة المثالي والمغرر به من قِبل أحلامه الكابوسية أن يكذِّبني المستقبل القريب.
خوفي أن نعيش التجربة المصرية "النهضوية" المقتصرة على الحرية والكرامة في التلفزة، حرية وديمقراطية المشهد ويكون تغييرُنا تغييرًا وراء تغييرٍ دون تغييرٍ.
خوفي أن يقول فينا المسؤول التونسي القديم - المتجدد ما قاله زميله المصري المبارك: "قولوا أنتم ما شئتم في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية ونحن سنفعل في الشعب ما نشاء". وأنا أقول لكم سيدي الرئيس: " أنا قلت ما أشاء وأنتم افعلوا ما تريدون فيَّ أنا وليس في شعبي التونسي" والسلام على من اتبع الهدى، هدى العلم والمعرفة، هدى الحرية والديمقراطية، هدى الصحة والعدالة الاجتماعية للجميع ، هدى البديل الذي يُصنع ولا يُهدى، هدى البديل الذي يُطبخ على نار هادئة ولسنوات مثل بديل الثورة الفرنسية الدائم - وهل نحن التونسيون أقل شأنا من  الفرنسيين، مثقفي ومفكري وعلماء قرن الأنوار - هدى الخير للتونسيين والناس أجمعين.
في النهاية، سيدي الرئيس، أنا لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى  وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد لا بالعنف اللفظي أوالمادي ولكم مني أحر التحية وأزكى السلام وقد تصبحون ذخرا للوطن.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire