lundi 16 juillet 2018

أنقلُ لكم حوارًا داخليًّا خياليًّا جَرَى بين محمد كشكار الشاب الماركسي ومحمد كشكار المتقاعد اليساري غير الماركسي حول إشكاليةِ "هل الدين مسألة شخصية أو اجتماعية؟". مواطن العالَم



ملاحظة منهجية: لم أسمحْ لهما باستخدام العنف المادي ولا اللفظي ولا الرمزي، وبما أن الاثنين علمانيّان فلم أقبل منها في النقاش إلا الحجج العقلانية
Normalement c`est un débat dépassé dans les cercles intellectuels mais avec les marxistes récalcitrants, rien n`est dépassé. Qui est mieux placé que soi-même pour connaitre soi-même
الحوار:
الشاب: الدينُ مسألةٌ شخصيةٌ بامتيازٍ وهي علاقةٌ عموديةٌ مباشرةٌ بين "الخالقِ" والمخلوقِ ولا دخلَ للمجتمعِ فيما هو ذاتِيٍّ.
المتقاعد: قبل نقاش مسألة الدين، أودُّ أن أعلقَ لغويًّا وعلميًّا على عبارة "مسألة شخصية". أولاً، جينيًّا الفردُ نفسُه ليس فردًا  (L`individu est un “dividu”: 23 chromosomes x 2)، خُلِق من خليتََين (بويضة + حيوان منوي) قَدِمَتا من شخصَين مختلفَين (أب + أم). ثانيًا، بيولوجيًّا ومنذ تصميمِه (sa conception) والفردُ يتفاعلُ مع محيطه، داخلَ الرحمِ وخارجِه، فهو إذن انبثاقٌ (émergence) ناتِجٌ عن تفاعلاتٍ (interactions) بينه وبين المجتمعِ (أمه، أبوه، أخوه، معلمه، حيّه، لغة قومه ودينهم وعاداتهم، إلخ. هل اختارهم بصفة شخصية؟) فهو إذن مخلوقٌ اجتماعيٌّ من أخْمَصِ قدمَيه إلى أعلى رأسِه. حتى وعيُه الشخصيُّ أيضًا
(sa conscience individuelle)   
لا يمكن أن يتكون بمعزلٍ عن الوعيِ الجمعيِّ
(la conscience générale).  
جيناته الثلاثون الألف أيضًا تتفاعل مع المحيطِ لتُفرزَ مَلكاتَه الذهنيةَ. فماذا بقي فيه من شخصِيٍّ إذن؟
الشاب: أرجوك، ارجع إلى مسألة الدين ولا تراوغ بتوظيف عِلمك الذي تعلمته في الخمسينيات من عمرك بعدَما عِفتُ أنا جسدَك وغادرتُه هربًا من رطوبةِ المكتباتِ وتمرّدًا على قوالبِ البحثِ العلميِّ المتكلِّسةِ ونفورًا من حياةٍ بلا شهواتٍ، حياةٍ تسمّيها أنت متعةً فكريةً وأراها أنا "موتٌ يسبقُ الموتَ".
المتقاعد: لم أراوغ فجسدي لم يعد قادرًا على تَجاوزِ العوائقِ، العاليةِ منها والقصيرةِ، لذلك أصبحتُ أستعملُ عقلي لتذليلِها، تنحني إجلالاً لي، أمرُّ، ثم ترجع فتنتصبُ في وجهكَ سُدًّا مَنيعًا ولن تمرَّ إلا بسلطان العقل، يا مَن انطلتْ عليه مقولةُ "العقلُ السليمُ في الجسمِ السليمِ"، أتحدّاك أرِنِي رياضيًّا واحدًا يحمل عقلاً سليمًا، لا يعني هذا أن كل العليلينَ عباقرةٌ! الدينُ أتى أساسًا لتنظيمِ حياةِ المجتمعِ فهو إذن اجتماعيٌّ بالضرورةِ وإلا لماذا لم يكتفِ الرسولُ بحلِّ مشاكلِه الشخصيةِ وهي في الواقعِ محلولةٌ فمحمدُ كان محترَمًا في عشيرتِه. الصلاةُ جماعيةٌ حتى وإن تمّت فرديةً في البيتِ، فالمصلِّي يشاركُ الملايينَ في مضمونِها وتوقيتِها وقِبلتِها، الصومُ والحجُّ كذلك
يا بُنيْ، الدينُ علاقةٌ حميمةٌ عموديةٌ خاصةٌ مباشرةٌ مع الله كما قلتَ، لكنه في الوقتِ نفسِه علاقةٌ عموديةٌ تظهر تأثيراتُها في مجموعةٍ من العلاقاتِ الأفقيةِ بين البشرِ، فصِدقُ أفقيّتِها مع الناس أصدَقُ دليلٍ على صِدقِ عموديتِها مع الله.
الشاب: لا تقلْ لي يا بُنيْ! أنتَ ابنُ الماركسيةِ العاقُّ، تَنكّرتَ لِمَن ربّتْكَ! أنا لستُ ابنَكَ، وأنتَ أبٌ لا يُحتَذَى بهِ!المتقاعد: لنُرجِئَ النقاشَ إلى ما بعدَ الستينَ من عُمُرِكَ. برّا العقلُ يهديكَ.

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 16 جويلية 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire