jeudi 26 juillet 2018

صديقٌ واحدٌ وحيدٌ وفيٌّ، أسعفني الحظ أن فُزتُ به بعد 66 عام من عشرة الناس؟ مواطن العالَم



صديقٌ مُقعَدٌ ضريرٌ أبكمٌ أصمٌّ، هو ساقَيَّ، عينَيَّ، لساني وأذنَيَّ، به أسمع ما لا يسمعُ الناسُ، به أرى أبعد مما يرى الناسُ وأعمقُ وبه جلتُ العالَم دون أن أغادر مكاني. بعد الله، هداني، شرحَ صدري وحلَّ عقدةً من لساني!
صديقٌ لا يخلفُ الميعاد لأنه يحضرُ دومًا قبل الموعدِ.
صديقٌ أكرم من حاتم وأفصح من عنترة، آخذُ منه بلا حسابْ ولا أعطيه شيئًا دون تأنيبِ ضميرٍ ولا عتابْ.
صديقٌ قديمٌ لكنه يتجدّدُ وفي جوهره ودوره لا يتغيّر. يبدّل جنسه وشكله وماهيته، ومِن أجلي يتزيّن ويتجمّل وفي إغرائي يتفنّن.
صديقٌ يُطعمك ولا تطعمه، ينفعك ولا تنفعه، يغنيك ولا تغنيه، يرفعك ولا ترفعه، يؤنسك ولا تؤنسه، تحبه ولا يعنيه حبك، تحتاج إليه ولا يحتاج إليك، تتذكره لا يفرح، تنساه لا يحزن، تشتمه لا يغضب، تشكره لا يطرب.

صديقي هذا يا سادة يا مادة جاهزٌ للبيع والمبادلة، يسع قلبه كل الناس، لا فرق عنده بين عربي وأعجمي إلا بالعقل.
صديقي هذا موجودٌ في كل مكان وفي متناول كل إنسان، انظرْ حولك تجده أقرب إليك من بنانك، مُرْهُ  خذه قلِّبْه اتركه اسحبه دون، ترددٍ يطيع. تمتلكه ولا يمتلكك، عبدٌ لا يجوع، لا يأكل، لا يشرب، لا ينام، لا يسهو، لا يلهو. يعيشُ أكثر مني ومنك ومن أهل الكهف. صبره فاق صبر أيوب. فيه من صفات الله عز وجل وسما عن المقارنة بمخلوقاته: الخلود، الكرم، الحلم، الكبرياْء، يهدي ويُضلّ، ينصح بصمت وينطق بالحكمة.

جميلٌ، وسيمٌ، أحبه، أعشقه ودونه حياتي عبثٌ أو عدمٌ. أنا متأكدٌ أنه لن يفارقني يومًا ولن يخذلني.
ما أسعدني في صُحبتِه، هل عرفتموه؟ وإذا القيتوه "سلّمولي عليه ... وقولّولو إنّي بسلّم عليه ... وبوّسولي عينيه ... وقولّولو إنّي ببوّس عينيه ... إنتا يللي بتفهم عليه ... سلّملي عليه سلّم".

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 26 جويلية 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire