منذ وقت قريب، بدأ أردوغان في
ترويج فكرته حول الاقتصاد التركي الذي يجب على القائمين عليه أن يتأقلموا مع
متطلّبات الاقتصاد المنتِج وفي نفس الوقت مع أحكام الإسلام التي تحرّم الرّبا...
سؤال وجهه له
مارتن وولف (économiste en chef du journal de
la City): "البرهنة (...) على أنه
يستطيع قيادة تركيا بصورة سليمة" (25 ماي). " بصورة سليمة"، يعني
بانسجام مع ميولات المستثمرين الدوليين.
لم تحرّك الدوائر المالية العالمية ساكنًا إزاء طبيعة
نظام أردوغان القامعة للحريات، وما إن صرّح هذا الأخير قائلاً: "هذا قد يزعج
البعض، لكن مسيّرو الدولة هم الذين سيُحاسَبون من قِبل المواطنين" مبرِّرًا
تقييد استقلالية بنك مركزي مدرّع ضد انتظارات الناخبين.
وقبل أن
يُرجِع الميكروفون إلى تقنِييِّ القناة (Bloomberg TV)، اندلعتِ الحربُ... في اليوم نفسه، انسحب
المستثمرون الدوليون من السوق المالية باسطنبول، متسببين في انهيار العُملة التركية
بنسبة 20% خلال شهرٍ واحدٍ، ثم أصبحت
الواردات أوتوماتيكيًّا أغلى ثمنًا (يجب توفير أكثر جنيهات تركية للحصول على نفس
الكمية من الدولارات) والمعيشة أيضًا. نخَّ الجملُ، تخلى أردوغان عن تجنّبِ أولِ
ترفيعٍ في سعر الفائدة التركي (taux directeur turc) من 13,5%
إلى 16,5%، ثم إلى 17,75%
يوم 7 جوان…
في افتتاحيتها، هنأت جريدة فينانسيل تايمز (Financial Times) نفسَها بتنازُلِ الرئيس: "رجب
طيب أردوغان
(...) تعلّم درسًا مؤلِمًا
كان يعلّمه الملك "كنوت العظيم" (Knut le Grand)، سلطان بريطانيا في القرن
الحادي عشر. يُحكَى أن هذا الأخير جلس قُبالة ارتفاع المدّ (la marée montante) ليُثبِت لحاشيتة المتملّقة
أنه لا يحكمُ البحرَ. و"حديثْنا
قياسْ"، تعلّم أردوغان أن "مدّ" الدوائر المالية العالمية لا يخضع لشهواتِه. في
مواجهة مثل هذه القوّة، "كل مسؤولٍ حكيمٍ سيكيّفُ سياستَه"...
خاتمة: تحريرُ الديمقراطية من براثنِ وحوشِ الدوائرِ
الماليةِ العالميةِ يتطلّبُ الدخولَ في صراعٍ عنيفٍ لم نعهده، صراعٍ يجب تقديرُ مآلاته الخطيرة قبل الانخراطِ فيه.
إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ"
جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 14 جويلية 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire