jeudi 14 septembre 2017

هل يعود البدءُ بفصلِ المجانين في المارستان إلى عوامل طبية أو اقتصادية؟ فوكو. نقل مواطن العالَم

(L`Universel dépasse de loin le Culturel, mais ne le nie pas)

"ليس من شك في أن ما أنجِز من استصلاح لموقع المجنون في القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر لم يكن حدثًا معرفيًّا، أكثر دقة بهذه الظاهرة شديدة الغرابة، ولم يكن الأطباء هم مَن بدأ بالاهتمام بالجنون: إنما يعود البدء بفصل المجانين في المارستان إلى عوامل اقتصادية.
ويوضح فوكو ذلك مبينًا علاقته بالحجز، إن ضمان التحكم في السوق واليد وسعر الإنتاج في الوقت ذاته جعل الحجز يُستعمل بشكلٍ ملتبس، بحيث يحقق في الآن نفسه هدفين معًا: استيعاب البطالة، أو على الأقل تغييب آثارها الاجتماعية الأكثر بروزًا ومراقبة الأسعار عندما تنذر بالارتفاع، فـ"للحجز معنى واحد في أوروبا قاطبة، على الأقل في أصوله الأولى، لقد كان يشكل جوابًا، قدمه القرن التاسع عشر عن أزمة اقتصادية عمت العالم الغربي برمته: انخفاض الأجور وتفشي البطالة وندرة السيولة.
ذلك أن إبعاد الجنون يتأكد في مجال المؤسسات بواسطة الاحتجاز، فيما أن الجنون قد أبعِد ونفِي فإنه يجب احتجاز المجنون، إجمالاً يُناط بهذه المؤسسة منع التسول والعطالة من حيث هما مصدر كل تسيب..

(...) قد انقلب كامل النظام القِيمي والأخلاقي في العصر الوسيط، ذلك أن خطيئة "الفراغ" أصبحت أكبر وأعظم ذنبًا. (...) فالجنون ليس مرضًا، فالجنون ذو وظيفة سوسيولوجية ثابتة موجودة في كل المجتمعات. (...) فالحجز لم يكن له هدف طبي بل هدف أخلاقي اجتماعي واقتصادي. (...) إذ الاحتجاز ذو دلالة أخلاقية أكثر منها طبية. "إنه تطهير ناجح".

(...) يستفاد من ذلك أن المحاجر (المارستان) ليست في الأصل مؤسسات طبية إذ يجمع فيها بلا تمييز: الفقراء والمتمردون والمتشردون وكذلك المجانين. ويربط فوكو بوضوح بين إنشاء المستشفى العام "والتعبير المباشر عن السلطة الملكية وهو يعتبر هذه الأخيرة سلطة النظام الملكي البرجوازي الذي ينتظم في فرنسا آنذاك".
(...) ففي حين أن المدينة، حمت نفسها من المتشردين سابقًا، بوضع حراس على مداخلها، فإنها تعد الآن محاجر، داخلها، "(...) إن العاطل لا يُطرَد ولا يُعاقَب، بل يتم الاعتناء به على نفقة الدولة ولكن على حساب حريته الفردية..."

سؤال مواطن العالم، أوجهه مباشرة إلى الأستاذ عمر بوجليدة مؤلف هذا الكتاب المذكور أسفله، وهو - من حسن حظي - يتابع مقالاتي الأخيرة حول كتابه: هل يعود، البدء بفصل المجانين في المارستان في بغداد في أوائل العهد العباسي، أيضًا إلى عوامل اقتصادية وليست طبية؟

المصدر: الحداثة واستبعاد الآخر، عمر بن بوجليدة، الطبعة الأولى، ابن النديم للنشر والتوزيع، وهران، دار الروافد الثقافية - ناشرون، بيروت، 2013، 158 ص (هدية من أعز الناس، أحبه وأقدّره واسمه بلڤاسم عـ...).

دعاءٌ مُكرَّرٌ: بارك الله في الفيلسوف الفرنسي "فوكو" و بارك الله في أستاذ الفلسفة التونسي "عمر بوجليدة"، هذا الأخير شرح لي فلسفة فوكو، ولولا الثاني ما كنتُ لأفهم الأول!

إمضائي
"الفلسفةُ هي الحوارُ" فيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"نَحْنُ نسأل مَن نكون في هذا الحاضر؟ لا لنكتشف مَن نَحْنُ فقط بل لنرفض مَن نَحْنُ، أي أن نتخيل كيفية وجود مُغايِرة، تأكيدًا لحق الاختلاف، حق الآخر...". فوكو (عمر بوجليدة، 2013)
"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف الرمزي أو اللفظي أو المادي" (مواطن العالَم)
وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 13 سبتمبر 2017.
Haut du formulaire





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire