mardi 20 juin 2017

قدرُ الكاتبِ التونسيِّ الحُرِّ الفقيرِ المُبتدئِ الذي يطبعُ كتبَه على نفقتِه: تودُّدٌ وتمسكنٌ أو لا يكون! مواطن العالَم

قدرُ الكاتبِ التونسيِّ الحُرِّ الفقيرِ المُبتدئِ الذي يطبعُ كتبَه على نفقتِه: تودُّدٌ وتمسكنٌ أو لا يكون! مواطن العالَم

كنتُ ألوم بعض زملائي الذين يُصدِرونَ كُتُبًا على نفقتِهم ويبيعونها لأصدقائهم وكنتُ واحدًا ممن يشترون منهم عطفًا ومجاملة وتشجيعًا. وكنتُ أقول للكاتبِ: الكتابُ الذي لا يبيعُ نفسَه في المكتبة لا يستحق أن نسمّيه كتابًا ولا كاتبُه كاتبًا.
ذهبَ زمانٌ وجاء زمانٌ، لم أجد أمامي غير سبيلهم فسلكته مُكرهًا حتى أكون. أصبحتُ أنا الكاتبُ وأصبح أصدقائي هم الشارون عطفًا ومجاملة وتشجيعًا. أعرضُ كتابي للبيع وكأنني أعرض سلعةً بائرة.
أهاتفُ بعض أصدقائي من المسؤولين النقابيين فلا يردّون. أذهبُ إلى مكاتبهم فلا أجدهم. أرسلُ لهم رسائل فيسبوكية فلا يقرؤون.
شكرًا لبعض الأصدقاء من الزملاء والمسؤولين النقابيين الذين قدّروا مجهودي قبل قراءة أعمالي، احترَمونِي فاشتروا منّي وصانوا كرامتي وجنّبونِي ذلَّ الكتابةِ والنشرِ والبَيْعِ.
يفوز كتابي الأول بالفرنسية في مسابقة المركز الثقافي الفرنسي ويأخذ الناشرُ ميزانيةَ تمويلِ طباعة الكتاب (900 أورو = 2250 دينار). تمرّ ثلاث سنوات ولا يطبعُ هذا الناشرُ الكتابَ (Arabesques). أتصل به لألومه، يقومُ من مكتبه، يستقبلني بالأحضان، يعدنِي، رِيفِيٌّ وأستحِي، أخرجٌ والغيظُ مكتومٌ في صدرِي والعجزٌ بادٍ على وجهِي والقهرُ ساكنٌ مفاصِلِي.
أقدّمُ مطلبًا إلى دار الكتابِ بوزارة الثقافة ونسختَينِ مجّانًا. يمرّ عامٌ ولا يجيبونَنِي. أتصلُ أنا. كتابكَ باهِظُ الثمنِ. أخفِّضُ الثمنَ. ثلاثة أشهر مرت ولا حياةَ لمن تنادي!
أعرِضُ نسخًا من كُتُبِي بمكتبة "بن سلامة" بِوسط العاصمة، يمرّ عامٌ ولا تُباعُ ولو نسخة واحدة، أسترجعها كلها ويقع نفس الشيء بمكتبة "كْلِيرْ فونْتانْ" بِوسط العاصمة أيضًا ومكتبة "الهندي" بحمام الأنف ومكتبة "العربي بن حمادي" ببرج السدرية.
أعرضهم بمكتبة "دار الكتاب" بِوسط العاصمة، بعد عامٍ كاملٍ يُباعُ منهم 20 نسخة فيُخصَمُ من الثمن 40% ويقع نفس الشيء (10 نسخٍ) بمكتبة (Gai Savoir) بِوسط العاصمة أيضًا.  

كبّرتُ من ناجي جلول بصفته وزير التربية السابق، جلّدتُ كتابي الأول عند جارتي مجانًا وأرسلتُه إليه عن طريق أحد مساعِدِيه طمعًا في تشجيعٍ من الوزارة وذلك باقتناء عددٍ من النسخِ. وصله الكتابُ. انتظرتُ طويلاً ولم يبلغنِي منه حتى كلمة شكرًا.  
أقولُ بيني وبين نفسي: هذا آخرُ كتابٍ! أكذبُ على نفسِي.
مُتعتِي الفكرية تذلُّنِي! ماذا أفعلُ بها؟ أقمعها؟ أقتلها؟ أدفنها وإلى الأبدِ؟
أبَعْدَ هذا الذلُّ ذلاًّ؟ من أجل ماذا؟ من أجل استرجاع تكلفة الطباعة.
إلى متى يا ربي سَيدومُ هذا النعيمُ؟

إمضائي
"عَلَى كل خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)
وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 20 جوان 2017.

بلاغٌ لِمَن يهمه الأمرَ: تجدون كُتُبِي الثلاثة معروضةً بمكتبة "دار الكتاب" في شارع بورقيبة ومكتبة "ڤي سافوار" (Gai Savoir) في ساحة برشلونة.

Haut du formulaire



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire