Vivre en marge
de la société est un grand luxe qui n`est pas à la portée du commun des mortels
عيدكم مبارَكٌ سعيدٌ، أعاده
الله عليكم بالصحة والعافية وعلى جميع المؤمنين وغير المؤمنين والناسَ أجمعين.
آمين يا رب العالَمين مسلمين وغير مسلمين.
أعيشُ في التقاعد منذ خمس
سنوات على هامش المنظومة التربوية بعد ما قضيتُ في تدريسِ علومِ الحياةِ والأرضِ
ثمانٍ وثلاثين سنةٍ منها ثمانٍ كأستاذٍ متعاونٍ في الجزائر درّستُ خلالها العلوم
الفلاحية والتقنية واللغة الفرنسية. لم أعد أتابع نتائجَ الباكلوريا ونسيتُ
روزنامة العطل. وقتٌ غزيرٌ أقضيه في ملكوت الكتُبِ واليوتوب الفكري في حضرة عظماءِ
العالَم من أمثال بلاشير وباشلار وجاكار وسارّ وقرم ومعلوف وخضراء وداوود وأتلان
وغيرهم كثيرٌ كثيرْ. دُعيتُ للمشاركة في ورشاتِ الإصلاح التربوي واستقلتُ لعدم
توفر شروط العمل الجِدي.
أعيشُ في التقاعد منذ خمس
سنوات على هامش النشاط النقابي للشغل بعدما نشطتُ في هياكله وأطّرتُ إضراباته في
مكان عملي لمدة ثلاثين سنة منها العشرون الأخيرة (90-12) في الاتحاد الجهوي
ببنعروس حيثُ أسستُ وأثثتُ نادي فكري، اسمه "نادي جدل" مع ثلةٍ من
المثقفين اليساريين، أذكر من بينهم مصطفى العلوي وحياة اليعقوبي وفاطمة بن فضيلة.
واليوم أنظِّرُ لعدم جدوى الإضراب عن العمل في جميع مؤسسات القطاع العمومي وخاصة
في المؤسسات التربوية. لا أدْعَى لندواتِ الاتحاد إلا نَادِرًا.
عشتُ قبل التقاعد وأعيشُ بعد
التقاعد على هامش الأحزاب والجمعيات. طوال حياتي لم أنتمِ لأي جمعية ولا لأي حزب
علني أو سري. أحمد الله أنني لم أفعلها وأكيد أنني لن أفعلها بعدما ذقتُ حلاوة
الجلوس على الربوة وحلاوة الاستقلالية الفكرية وجرّبتُ نجاعتها ولمستُ جدواها
وقوتها وسطوتها ومصداقيتها.
عشتُ طوال حياتي على هامش العائلة الموسّعة ولم أتمتّع
بامتيازات الانتماء إلى عرشٍ أو قبيلةٍ حتى فتح عليّ الله وعرفتُ أنها هُوياتٌ
قاتلةٌ ومَنّ عليّ الحنّان بهويتي الرحبة الجامعة والتي أمضي بها كل مقالاتي
(مواطن العالم)، هويةٌ أممية شافية ليست قاتلة، مُجمِّعة ليست مُفرِّقة، مُتسامحة
ليست حاقدة، حرّة ليست مقيّدة، مُبشِّرة ليست مُنفِّرة، هويةٌ تعمل مع الكل دون إقصاءٍ
(Discours
conciliateur et rassembleur) ولا تعمل ضد أي مخلوقٍ (Discours frontal
et agressif) مهما
اختلف عني هذا المخلوق عقائديًّا أو إيديولوجيًّا أو سياسيًّا أو فكريًّا.
بعد نيلِ شهادة الدكتورا سنة
2007 على أيدي مؤسسي ومنتجي علم الديداكتيك الفرنسيين (Les pionniers constructeurs de l`épistémologie de l`enseignement)، أعيش الآن على هامش الجامعة
والبحث العلمي وأحمد الله على أنني لم أتحول إلى أستاذٍ جامعي ناقلٍ للعلم، مدرّسٌ
لا يُفيدُ طلبته بجديدِهِ ويكتفي بنقل قديمِ غيرِهِ.
أعيشُ على هامش معارض الكتبِ
ودور النشرِ. نشرتُ ثلاثة كتب، اثنان حول التعليم على نفقتي الخاصة وواحد حول جمنة
مدعومٌ من جمعية حماية واحات جمنة وفي المقابل وهبتُ مجانًا للجمعية تسع مائة نسخة
واحتفظتُ بمائة فقط. عرضتُ كتبي الثلاث في بعض المكتبات فلم تُلاقِ إقبالاً ولا
رواجًا وهذا طبيعي ومنتظَر، أنا نفسي لم أشترِ كتابًا منذ ربع قرن تقريبًا، ولو
فكرتُ في الشراء مرّةً فلن أشتري طبعًا لكاتبٍ نكرةٍ مثل المدعو محمد كشكار. ومَن
هو محمد كشكار؟ يعطيه طارْ!
أعيشُ على هامش النشر الألكتروني، نشرتْ لي مرة
دار نشر أوروبية رسالة الدكتورا بالفرنسية ولم تبعثلي نسخة ورقية واحدة مثلما فعلت
مع زملائي التونسيين. مقالاتي على الفيسبوك لا تجذبُ القرّاءْ، لا تعجب الأصدقاءَ
والرفقاءْ، لا يعيدُ نشرها ولو حدثَ فعددٌ ضئيلْ
ولا يُعلِّقُ عليها إلا القليلُ القليلْ. ربما لانعدام الإبداعِ فيها أو للطالعِ
النحسِ؟ لا أدري؟ ربما الاثنان؟ يا للهوانْ! على جداريتي (Mon Mur) لم أعِدْ نشر أي مقال أو صورة أو
فيديو لأي صديق افتراضي ولا لأي أحد.
أعيشُ على هامش الندوات
الثقافية الوطنية ولا أُعْلَم بمواعيدها ولا أُدْعَى إلا للبعضِ منها محاضِرًا
متطوِّعًا أو مشارِكًا مستقِلاًّ. ربما لتقصيرٍ منِّي أو لنُدرةِ علاقاتي؟
عشتُ ولا زلتُ على هامش
الكسبِ المادي الاستغلالي (Zéro étude) معتمدًا على مصدرٍ وحيدٍ هو
راتِبي. أوزعه على الشهرِ بحكمةِ الصفاقسية: لكل بابٍ مِقدارْ، لِمصروف الدارْ ثلث
الشهرية أي أربع مائة دينارْ، يرتفع الدولار أو ينخفض الدينارْ، لا أغيّرُ المِقدارْ
وكأنه مُنزَّلٌ من الأقدارْ، كَبَحْتُ شهواتي فانتصرتُ على مؤشر ارتفاع الأسعارْ،
صبرٌ وقناعةٌ وإصرارْ، مُكرهٌ ماديًّا لكنني راضٍ بقدري ولستُ بطلاً مغوارْ، مع
الإشارة أنني مزهارْ، دنيايَ خيرُها قليلٌ
لكنها خاليةٌ تمامًا من الشرِّ والأشرارْ. لا أملك غير منزلٍ متواضعٍ أستر فيه
عائلتي قليلة العدد وليس لديّ دفتر شيكات ولا بطاقة بنكية ولا أسحبُ في الروج ولا
أقترض من أحدٍ ولا حتى من البنوك. عيشةُ ناسكٍ متعبدٍ هادئةٌ ومريحةٌ، لذلك
تُفزِعني تصريحاتُ الخبراء الاقتصاديين في التلفزة مُعلِنةً عن إفلاس الصناديق
الاجتماعية وعن قُرْبِ زوالِ هذه النعمة. أكرههم ولا أريد أن أصدقهم. كذب
المحلّلون ولو صدقوا!
اخترتُ اليوم العيشَ في
العالَم الافتراضي (Le virtuel)
هروبًا من الواقع (Le réel) مُقتدِيًا مُكرهًا بأجدادي
الفلاسفة المتصوفة عندما ضاقت بهم سُبُلَ الحياة داخل مجتمعاتهم فالتجؤوا كَرْهًا
إلى عالَم الروحانيات وما أروعه يا "بكار" من عالَمٍ حسب ما تركه لنا
كُتّابُهم.
أعيشُ اليوم على هامش مجتمع
حمام الشط مكتفيًا ببعض الأصدقاء من الذكورِ جلساء المقهى صباحًا ومساءً بعدما
حُرِّمت علىّ بعد التقاعدِ صُحبة الإناثِ، كما حُرِّمَتْ
عَلَى المسلمين الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ.
حتى العيد أعيش على هامشه.
ذهبت الأعياد وفرحتها مذ غادرتُ جمنة نهائيًّا سنة 1990.
خاتمة: كل يدٍ مكبّلةٍ هي يدٌ نظيفةٌ بالضرورة!
إمضائي
"عَلَى كل
خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)
وَ"إذا كانت كلماتي لا
تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 25 جوان 2017.Haut du
formulaire