(Le féminisme)
يبدو أنه من الأفضل أن لا نعتمد على المواقف الغربية التي عادة ما تستغل أو تشوّه ظاهرة انعدام المساواة بين الجنسَين وتمنح لنفسها الحق في تقرير مصير المرأة الشرقية، إمّا بادعاء تحريرها أو بجواز رفضها.
لا يجب التوقّف عند المقاربتَين الاثنتَين المنافيتَين للحقيقة:
الأولى تقول أن الإسلامَ هو المسؤول الرئيسي عن قمع المرأة الشرقية، أما الثانية فتقول أنهنّ ضحايا الاستعمار الغربي.
في عصر الاستعمار الغربي لدول الشرق الأوسط (القرون 18 و19 و20 ميلادي)، لم تكن المرأة تتمتّع بحقوقها كاملة في الدول الإسلامية المستعمَرة ولا حتى في الدول الغربية المستعمِرة. كان نظام الأبوية (Le patriarcat) سائدًا وكان يستمد قوته من حضوره المكثّف في جل بلدان العالم الشرقي والغربي.
وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون من الغربيين والمثقفين المسلمين المنبتّين، كانت المرأة المسلمة تتمتّع بحقوق موسّعة في مجالات متعددة دون وصاية من الزوج أو الأخ مثل حقها في التصرّف الشخصي في مِلكها وحقها في إمضاء العقود بنفسها وكانت الشريعة الإسلامية ليّنة في ما يخص علاقة المرأة بزوجها ودورها الاجتماعي داخل العائلة.
جاء الاستعمار الغربي فحوّل بعض أحكام الشريعة إلى قوانين موحّدة بعدما كانت مجرّد أحكامٍ قابلة للتأويل والاجتهاد حسب الملل والنحل الإسلامية المتعددة، أي جمّدها وفرَضها بالقوّة على المواطنين المسلمين بالاشتراك مع أنظمة محلية عميلة للغرب.
جاء الاستعمار الغربي إلى الدول الإسلامية بعنوان نقل الحضارة إلى الهُمَّجِ فوصل إلى نتيجة عكسية تتمثل في إخضاع الشعوب المحلية إلى سلطة محلية استبدادية وحكم عسكري أجنبي ونهب لثرواته الطبيعية وكانت النساء أول ضحاياه.
كان الغرب الاستعماري يعاقب المسلمين على جريمة انعدام المساواة بين الجنسين بينما وفي نفس العصر كان يمنع نساءه من التمتع بحقهن في المشاركة في الانتخابات وحقهن في تَولّي مناصب سياسية. ويا للمفارقة فقد كانت المسلمات تتمتعن بهامش من الاستقلالية أرحب بكثير مما كانت تتمتع به الغربيات، مثل حقهن في التصرّف الشخصي في أملاكهن وحقهن في إمضاء العقود بأنفسهن وحقهن في المشاركة في أعمال خيرية عن طريق مؤسسة الأوقاف الإسلامية.
صحيح أن الغربَ الاستعماري شجّع على تعليم البنات في الدول الإسلامية المستعمَرة و شجّع أيضًا على توظيف النساء وخاصة البورجوازيات منهن، لكنه وفي نفس الوقت دعّم الأنظمة الاستبدادية المحلية وخلق أنماطًا ثقافية متنكرة لهويتها العربية الإسلامية، ممّا غذّى ردّة فعل محلية توازي بين فكرة تحرير المرأة وظاهرة الاستعمار وتخلط بينهما.
الأنظمة الاستبدادية شبه العلمانية في الدول الإسلامية (بورﭬيبة وبن علي في تونس، ناصر في مصر، الشاه في إيران، إلخ.) حررت نسبيًّا المرأة دون تحرير المواطن عمومًا ظنًّا منها أنها ستحقق ثلاثة أهداف في ضربة واحدة: أولاً تحجيم المعارضة الدينية، ثانيًا توسيع قاعدتها الشعبية، وثالثًا صد المد الديمقراطي الزاحف عليها. (يحلم الكلب يـﭬَلِـي الفطايري ويعطيه، قام الصباح يلقَى روحَه مربوط في سلسلة).
مفارقة كبرى كبرى:
كنتُ دائمًا أضع نقطة استفهام أمام نشاط المنظمات غير الحكومية الأجنبية في تونس (ONG) حتى قرأت اليوم تحليلاً حولها في جريدتي الشهرية المفضلة (Le Monde diplomatique, juillet 2023): ظاهريًّا هي منظمات حقوقية جاءت لتحرير المرأة ودعم الديمقراطية، أما في الواقع فهي تدعّم الأنظمة الاستبدادية المحلية وتعطّل المسار الديمقراطي الفتي وتنحاز إلى حقوق النساء البورجوازيات والموظفات وتهمل حقوق الحِرفيات وعاملات الفلاحة.
يبدو أنه ليس صدفة أن يكون لأشهر المناضلات النسويات الإسلاميات أبٌ إسلاميٌّ "متشدّدٌ" (Le féminisme islamiste): زينب الغزالي في مصر (ماتت سنة 2005) وفائزة هاشمي رفسنجاني في إيران وسُميّة الغنّوشي في تونس ونادية ياسين في المغرب. من جهة هن يتمسكن بشكليات التدين (الحجاب والعِفّة) ومن جهة أخرى يناضلن من أجل إدماج المرأة المسلمة في الفضاء العمومي عن طريق تعليمها ومشاركتها في الاقتصاد والسياسة.
إن إستراتيجيةَ تحرير المرأة المسلمة من فوقٍ هو مشروعٌ فاشلٌ سواء جاء عن طريق الاستعمار أو الأنظمة الاستبدادية المحلية أو المنظمات غير الحكومية الأجنبية. إنها إستراتيجيةٌ تُضيف للعالَم الإسلامي مشكلتَين كبيرتَين: 1. تُقوِّي الأنظمة الاستبدادية المحلية وتُجمّلها في عيون الغرب بكونها محرِّرةً للمرأة. 2. تُقوِّي نفوذَ الإسلام السياسي في الداخل لأنه هو الوحيد الذي يقاومُها وينفردُ بالدفاعِ عن الهويةِ والشريعةِ.
لِـضمانِ أكثر حظوظ النجاح لإستراتيجيةَ تحرير المرأة المسلمة، يجب على المناضلات النسويات في البلدان الإسلامية -سواء كنّ علمانيات أو إسلاميات- أن لا يستسهلن الحلول الجاهزة المستوردة (ONG) بل عليهن أن يستلهمن الحلول من التجارب الميدانية المحلية مثل تركيا التي ألغت الإعدام ومنعت الزواج بأكثر من واحدة وسوّت في الإرث بين الرجل والمرأة ودسترت اللائكية وأباحت زواج المسلمة من غير المسلم وحققت ديمقراطية نسبية ونهضة اقتصادية هائلة.
بعض "الحِيل المكشوفة" التي تتوخّاها الأنظمة الاستبدادية المحلية لتأبيد سلطتها في الدول الإسلامية شبه العلمانية: 1. تمنح لِـفئة من النساء بعض الحقوق الشكلية (خاصة البورجوازيات والموظفات العموميات). 2. تقاوم انتشار نفوذ الإسلام السياسي باستعمال علمانية مفروضة من الدولة.
المنظمات غير الحكومية الأجنبية أوهمتنا بأن منح بعض الحقوق الشكلية لِـفئة من النساء المسلمات (خاصة البورجوازيات والموظفات العموميات) هو بمثابة نصرٍ عظيمٍ وتحريرٍ لكامل المجتمع وهو في الواقع فشلٌ ذريعٌ لأنها حقوقٌ وقتيةٌ والدليل أنها حقوقٌ تزول بمجرّد مغادرة هذه المنظمات أرض المسلمين وأحسن مثال معبّر عن هذا الفشل هو وضع المرأة الأفغانية اليوم تحت حكم طالبان بعد فرار الأوروبيين والأمريكان من أفغانستان سنة 2021.
المناضلات النسويات الإسلاميات تساندن إصلاحًا يحقق للمرأة المساواة في قضايا الطلاق وقضايا الإرث. هن يمثلن تيارًا إسلاميًّا وسطًا بقي حبيسًا بين التيارات الإسلامية المحافظة وإغراءات العلمانية الليبرالية. فإما التسليم مثل ما حدث في إيران أو التخلي عن المرجعية الدوغمائية مثل ما حدث في تونس مع سعيدة أونيسي.
أمام المناضلات النسويات الإسلاميات يوجد طريق ثالث يتمثل في النسوية الإسلامية الديمقراطية وهو تيار نسوي يحاول تجاوز الثنائيات الكلاسيكية مثل الإسلام أو العلمانية والأصالة أو التغرّب. لذلك نرى مناضلاته يرفضن اعتبار الحجاب كعائق في طريق المساواة: كل امرأة لها كامل الحرية في اختيار لباسها دون أن يمس سلوكها هذا من ضمان حقوقها المدنية.
PARADOXE
في تونس: المناضلات النسويات السافرات يدافعن عن حق أخواتهن المتحجبات في ارتداء الحجاب.
في إيران: المناضلات النسويات المتحجبات يدافعن عن حق أخواتهن السافرات في عدم ارتداء الحجاب.
يبدو أن "الإنسان الاقتصادي" المعاصر "العقلاني" الذي يدّعي بناء الحضارة والحداثة هو نفسُه الذي يدمّر الحضارة والحداثة، وأعني به الإنسان الغربي بأسلحته ومصانعه الملوّثة ونمط استهلاكه (Le consumérisme capitaliste).
C’est Homo Sapiens assassiné par Homo Œconomicus (Larousse : un être agissant de manière parfaitement rationnelle)
Source :: Le Monde diplomatique, juillet 2023
لا يجب التوقّف عند المقاربتَين الاثنتَين المنافيتَين للحقيقة:
الأولى تقول أن الإسلامَ هو المسؤول الرئيسي عن قمع المرأة الشرقية، أما الثانية فتقول أنهنّ ضحايا الاستعمار الغربي.
في عصر الاستعمار الغربي لدول الشرق الأوسط (القرون 18 و19 و20 ميلادي)، لم تكن المرأة تتمتّع بحقوقها كاملة في الدول الإسلامية المستعمَرة ولا حتى في الدول الغربية المستعمِرة. كان نظام الأبوية (Le patriarcat) سائدًا وكان يستمد قوته من حضوره المكثّف في جل بلدان العالم الشرقي والغربي.
وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون من الغربيين والمثقفين المسلمين المنبتّين، كانت المرأة المسلمة تتمتّع بحقوق موسّعة في مجالات متعددة دون وصاية من الزوج أو الأخ مثل حقها في التصرّف الشخصي في مِلكها وحقها في إمضاء العقود بنفسها وكانت الشريعة الإسلامية ليّنة في ما يخص علاقة المرأة بزوجها ودورها الاجتماعي داخل العائلة.
جاء الاستعمار الغربي فحوّل بعض أحكام الشريعة إلى قوانين موحّدة بعدما كانت مجرّد أحكامٍ قابلة للتأويل والاجتهاد حسب الملل والنحل الإسلامية المتعددة، أي جمّدها وفرَضها بالقوّة على المواطنين المسلمين بالاشتراك مع أنظمة محلية عميلة للغرب.
جاء الاستعمار الغربي إلى الدول الإسلامية بعنوان نقل الحضارة إلى الهُمَّجِ فوصل إلى نتيجة عكسية تتمثل في إخضاع الشعوب المحلية إلى سلطة محلية استبدادية وحكم عسكري أجنبي ونهب لثرواته الطبيعية وكانت النساء أول ضحاياه.
كان الغرب الاستعماري يعاقب المسلمين على جريمة انعدام المساواة بين الجنسين بينما وفي نفس العصر كان يمنع نساءه من التمتع بحقهن في المشاركة في الانتخابات وحقهن في تَولّي مناصب سياسية. ويا للمفارقة فقد كانت المسلمات تتمتعن بهامش من الاستقلالية أرحب بكثير مما كانت تتمتع به الغربيات، مثل حقهن في التصرّف الشخصي في أملاكهن وحقهن في إمضاء العقود بأنفسهن وحقهن في المشاركة في أعمال خيرية عن طريق مؤسسة الأوقاف الإسلامية.
صحيح أن الغربَ الاستعماري شجّع على تعليم البنات في الدول الإسلامية المستعمَرة و شجّع أيضًا على توظيف النساء وخاصة البورجوازيات منهن، لكنه وفي نفس الوقت دعّم الأنظمة الاستبدادية المحلية وخلق أنماطًا ثقافية متنكرة لهويتها العربية الإسلامية، ممّا غذّى ردّة فعل محلية توازي بين فكرة تحرير المرأة وظاهرة الاستعمار وتخلط بينهما.
الأنظمة الاستبدادية شبه العلمانية في الدول الإسلامية (بورﭬيبة وبن علي في تونس، ناصر في مصر، الشاه في إيران، إلخ.) حررت نسبيًّا المرأة دون تحرير المواطن عمومًا ظنًّا منها أنها ستحقق ثلاثة أهداف في ضربة واحدة: أولاً تحجيم المعارضة الدينية، ثانيًا توسيع قاعدتها الشعبية، وثالثًا صد المد الديمقراطي الزاحف عليها. (يحلم الكلب يـﭬَلِـي الفطايري ويعطيه، قام الصباح يلقَى روحَه مربوط في سلسلة).
مفارقة كبرى كبرى:
كنتُ دائمًا أضع نقطة استفهام أمام نشاط المنظمات غير الحكومية الأجنبية في تونس (ONG) حتى قرأت اليوم تحليلاً حولها في جريدتي الشهرية المفضلة (Le Monde diplomatique, juillet 2023): ظاهريًّا هي منظمات حقوقية جاءت لتحرير المرأة ودعم الديمقراطية، أما في الواقع فهي تدعّم الأنظمة الاستبدادية المحلية وتعطّل المسار الديمقراطي الفتي وتنحاز إلى حقوق النساء البورجوازيات والموظفات وتهمل حقوق الحِرفيات وعاملات الفلاحة.
يبدو أنه ليس صدفة أن يكون لأشهر المناضلات النسويات الإسلاميات أبٌ إسلاميٌّ "متشدّدٌ" (Le féminisme islamiste): زينب الغزالي في مصر (ماتت سنة 2005) وفائزة هاشمي رفسنجاني في إيران وسُميّة الغنّوشي في تونس ونادية ياسين في المغرب. من جهة هن يتمسكن بشكليات التدين (الحجاب والعِفّة) ومن جهة أخرى يناضلن من أجل إدماج المرأة المسلمة في الفضاء العمومي عن طريق تعليمها ومشاركتها في الاقتصاد والسياسة.
إن إستراتيجيةَ تحرير المرأة المسلمة من فوقٍ هو مشروعٌ فاشلٌ سواء جاء عن طريق الاستعمار أو الأنظمة الاستبدادية المحلية أو المنظمات غير الحكومية الأجنبية. إنها إستراتيجيةٌ تُضيف للعالَم الإسلامي مشكلتَين كبيرتَين: 1. تُقوِّي الأنظمة الاستبدادية المحلية وتُجمّلها في عيون الغرب بكونها محرِّرةً للمرأة. 2. تُقوِّي نفوذَ الإسلام السياسي في الداخل لأنه هو الوحيد الذي يقاومُها وينفردُ بالدفاعِ عن الهويةِ والشريعةِ.
لِـضمانِ أكثر حظوظ النجاح لإستراتيجيةَ تحرير المرأة المسلمة، يجب على المناضلات النسويات في البلدان الإسلامية -سواء كنّ علمانيات أو إسلاميات- أن لا يستسهلن الحلول الجاهزة المستوردة (ONG) بل عليهن أن يستلهمن الحلول من التجارب الميدانية المحلية مثل تركيا التي ألغت الإعدام ومنعت الزواج بأكثر من واحدة وسوّت في الإرث بين الرجل والمرأة ودسترت اللائكية وأباحت زواج المسلمة من غير المسلم وحققت ديمقراطية نسبية ونهضة اقتصادية هائلة.
بعض "الحِيل المكشوفة" التي تتوخّاها الأنظمة الاستبدادية المحلية لتأبيد سلطتها في الدول الإسلامية شبه العلمانية: 1. تمنح لِـفئة من النساء بعض الحقوق الشكلية (خاصة البورجوازيات والموظفات العموميات). 2. تقاوم انتشار نفوذ الإسلام السياسي باستعمال علمانية مفروضة من الدولة.
المنظمات غير الحكومية الأجنبية أوهمتنا بأن منح بعض الحقوق الشكلية لِـفئة من النساء المسلمات (خاصة البورجوازيات والموظفات العموميات) هو بمثابة نصرٍ عظيمٍ وتحريرٍ لكامل المجتمع وهو في الواقع فشلٌ ذريعٌ لأنها حقوقٌ وقتيةٌ والدليل أنها حقوقٌ تزول بمجرّد مغادرة هذه المنظمات أرض المسلمين وأحسن مثال معبّر عن هذا الفشل هو وضع المرأة الأفغانية اليوم تحت حكم طالبان بعد فرار الأوروبيين والأمريكان من أفغانستان سنة 2021.
المناضلات النسويات الإسلاميات تساندن إصلاحًا يحقق للمرأة المساواة في قضايا الطلاق وقضايا الإرث. هن يمثلن تيارًا إسلاميًّا وسطًا بقي حبيسًا بين التيارات الإسلامية المحافظة وإغراءات العلمانية الليبرالية. فإما التسليم مثل ما حدث في إيران أو التخلي عن المرجعية الدوغمائية مثل ما حدث في تونس مع سعيدة أونيسي.
أمام المناضلات النسويات الإسلاميات يوجد طريق ثالث يتمثل في النسوية الإسلامية الديمقراطية وهو تيار نسوي يحاول تجاوز الثنائيات الكلاسيكية مثل الإسلام أو العلمانية والأصالة أو التغرّب. لذلك نرى مناضلاته يرفضن اعتبار الحجاب كعائق في طريق المساواة: كل امرأة لها كامل الحرية في اختيار لباسها دون أن يمس سلوكها هذا من ضمان حقوقها المدنية.
PARADOXE
في تونس: المناضلات النسويات السافرات يدافعن عن حق أخواتهن المتحجبات في ارتداء الحجاب.
في إيران: المناضلات النسويات المتحجبات يدافعن عن حق أخواتهن السافرات في عدم ارتداء الحجاب.
يبدو أن "الإنسان الاقتصادي" المعاصر "العقلاني" الذي يدّعي بناء الحضارة والحداثة هو نفسُه الذي يدمّر الحضارة والحداثة، وأعني به الإنسان الغربي بأسلحته ومصانعه الملوّثة ونمط استهلاكه (Le consumérisme capitaliste).
C’est Homo Sapiens assassiné par Homo Œconomicus (Larousse : un être agissant de manière parfaitement rationnelle)
Source :: Le Monde diplomatique, juillet 2023
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire