samedi 6 janvier 2024

هل "حشّاشو" القرن الثاني عشر ميلادي هم أجدادُ "دواعش" القرن الواحد وعشرون ؟ تأليف عبد الوهاب المؤدب، 2002، نقل مواطن العالم، 2024

 

 

"أمّا الأفق القاعدي للإرهاب السياسي، الذي ابتدعته الإسماعيلية (الحشّاشين)، فلا يمكن أن يكون ذا صلة مع الأفق القاعدي الذي يوجه سلوك الأصوليين والوهابيين المتكاثرين في شبكات "القاعدة" وهم لا يحلمون إلا بفرض الشريعة في العالم، تلك الشريعة نفسها التي قوضها الحشاشون. (...) فما بين الوهابية الأصولية (القاعدة وداعش) وبين الإسماعيلية الباطنية تبدو مقاربة النص القرآني على طرفَي نقيض. فالأولون مَهْوُوسُون بالمعنى الظاهر والآخرون يولون كل اهتمام لتقديس المعنى الباطني. ومن ثمَّ يتبين بالتالي أن الوهابية والإسماعيلية تشكلان في المشهد الإسلامي موقفَين لا يلتقيان. وليس هذا التعارض موجودًا على المستوى العقائدي وحسب، بل إنه يتناول أيضًا منهج العمل. فالحشّاشون لم يلجأوا بتاتًا إلى المجازر مُوقعين ضحايا أبرياء، كما أنهم لم يستهدفوا الأجانبَ، باستثناء إقدامهم على إعدام الماركيز كونراد، ملك القدس عام 1192. (...) وما عدا ذلك فإن جميع ضحايا الإسماعيلية كانوا من رجالات السياسة والعسكريين ورجال الدين وكبار الموظفين الإداريين ومن الخاصة المنتمين إلى جهاز الدولة السنّية (من الخليفة إلى السلطان ومن الوزير إلى الحاكم، ومن المفتي إلى الوالي، ومن الحاكم إلى المدرّس العالي). (...) ثم إن الفكر الإسماعيلي قد تطور نحو تبنّي الفلسفة الأفلاطونية المحدثة وتمجيد العقل الذي تجلّى عبر "رسائل إخوان الصفا" (القرن العاشر ميلادي) (...) لذلك لا يمكن أن يقارَن الإرث الروحي للإسماعيلية بركاكة نتاج الأصوليين والوهابيين (...) التي أقل ما يقال فيه أنه مستهجنٌ لفقره وتعصّبه. (...) المستشرق البريطاني برنار لويس نفسه (1916-2018) يقرّ بأنه ليس في الشريعة الإسلامية ولا في السنّة ولا في السيرة ما يحضّ على تضحية الإنسان بذاته ولا على القتل باحتفائية دينية.

 

المصدر: أوهام الإسلام السياسي، عبد الوهاب المؤدب، نقله إلى العربية مجمد بنيس والمؤلف، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء 2002، 181 صفحة، الثمن: 62 درهمًا ص.ص 138-143).

 

 

 

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire