هل اليسار السياسي التونسي،
هو صفر فاصل أم عنصر فاعل في المعارضة الديمقراطية التونسية؟ مواطن العالَم د.
محمد كشكار
رغم أنني أحتفظ و أتمسك بموقفي
المبدئي و بيساريتي غير الماركسية المناهضة لبعض أفعال و أقوال النشطاء السياسيين
اليساريين، فإنني أرى، و رغم وهمي و نقدي و أنفي أرى، أرى أنهم فاعلون في المجتمع التونسي و أرى أنهم
ديمقراطيون و أرى أنهم تونسيون صادقون مخلصون و ذلك رغم حقد الحاقدين و كيد
الكائدين و إقصاء الإقصائيين و تكفير التكفيريين. مع الإشارة أنني لم أتنكر يوما و
لم أنكر ثانية انتمائي إلى العائلة اليسارية الموسّعة، أنتكس يوما و أيئس أياما، لكنني
لم أفقد الأمل تماما، ليس في حكم اليسار في تونس بل في تصالحه و تماهيه مع مجتمعه
و تخليه عن أوهام أفضلية الإيديولوجيا
الماركسية على مَن عداها أو عاداها من إيديولوجيات ليبرالية إسلامية. و أوافق
الفيلسوف اللبناني اليساري علي حرب فيما قاله و ذهب إليه حول الإيديولوجيات:
" مِن هنا، فإنه ما تحسنه الثورات
الإيديولوجية، العاملة تحت يافطة مقدسة، هو أن تأكل أبناءها و تصفي أعداءها. و
هكذا فهي في كلا الحالين تجرّ الناس إلى الموت. فمَن كان معها و قدس
شعاراتها و ضحى من أجلها راح ضحيتها، و مَن عارضها أو وقف ضدها عملت على نبذه أو
استئصاله و تصفيته (كتاب الثورات الناعمة 2012)"، و أذكّر دوما و لن أملّ و
لن أكلّ، بأحسن ما قيل في هذا الموضوع، و
هو ما قاله سارتر: الإيديولوجيات، هي
حرية عند تكوّنها و تشكُّلِها و ظلم و جور و اضطهاد و طغيان عند اكتمالها و
تطبيقها بالقوة و العنف
يوم الجمعة 8 فيفري 2013، و
أثناء جنازة شكري بلعيد بالذات، أحسست بفخر و اعتزاز انتمائي الفكري، لا الحزبي،
لتيار، اسمه اليسار. قد أكون واقعا تحت صدمة اغتيال شكري بلعيد أو متأثرا و منبهرا
بما رأيت في جنازته العظيمة أو قُلْ أكبر جنازة في تاريخ تونس القديم و الحديث، و
أكتب تحت تأثير العاطفة الصادقة، حتى لو كانت وهمية أو خاطئة، و ما أقوم به الآن، هو في الأول و الآخر تشخيص لطفرة
اجتماعية آنية و ليس حكما وقتيا أو نهائيا لصالحها أو ضدها. و أعترف و لا خجل في ذلك،
أنّ أغلب كتاباتي هي كتابات انطباعية مزاجية ذاتية جدا، "أحبَّ مَن أحبَّ و
كرِخَ مَن كرِخَ" على حد زلة لسان الباجي قائد السبسي الزلاّل. و لا و لن
أنأى بنفسي عن الاشتغال على الذات، فعند كل كاتب، محترفا كان أو مبتدئا مثلي ،
جانبٌ هامٌّ و مهم من الاشتغال على الذات و هل لي مقدرة مادية على الاشتغال على
غير ذاتي، أنا إلِكترون حر مهجور مغمور فقير و لست مؤسسة علمية
يبدو لي - و أهل مكة أدرى
بشعابها - أن النشطاء السياسيين اليساريين
-
فاعلون، و بقوة و حزم و ثبات في الأحزاب المدنية
الديمقراطية التونسية، فاعلون في الجبهة الشعبية و الجمهوري و المسار و العَوَدِ و
الاشتراكي و الأحزاب القومية و نداء تونس
-
فاعلون في المظاهرات و الإعتصامات و الإضرابات و
التجمعات و حتى في الجنازات
-
فاعلون و حاضرون في الصحافة المكتوبة و المسموعة و
المرئية، احتكروا الوطنية و التونسية و تونسنا و نسمة و حنبعل
-
فاعلون في المجتمع المدني التونسي، المحلي و المهاجر
-
فاعلون في الحركة النسوية و الحركة الحقوقية و خاصة في
الاتحاد، أكبر قوة في البلاد دون منازع أو منافس
-
قليلو الفاعلية على حد علمي المحدود جدا، و هذا ما ألومه
عليهم صباحا مساء و قبل الصباح و بعد المساء و يوم الأحد، في الحقل الثقافي، خاصة
في مجال تنظيم ندوات فكرية و أدبية و علمية مثل الذي يقيمها - بكل فخر - نادينا
الثقافي في الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، نادي جدل الجديد العريق و يقيم مثلها نادي
الطاهر الحداد بالعاصمة تحت إشراف الشاعرة فاطمة بنفضيلة و نادي فضاء بوعصيدة برادس
تحت إشراف الشاعرة هدى الدغاري، و الاثنتان زميلتان و صديقتان و عضوتان في نادي
جدل و الحمد لله
-
غائبون تماما و مغيّبون قصدا في الحكومة و الرئاسة و
المجلس التأسيسي و الولاة و المعتمدين و المديرين العامين، غيبتهم "النهضة"
الله يسامحها
-
اليسار أقلية في كل المجتمعات العربية و لم يدّع يوما أنه يمثل الأغلبية،
لكن الديمقراطيين أغلبية بما فيهم اليسار
-
كلمة ود إلى الإسلاميين في زمن انقطع فيه الود و
الاحترام بينهم و بين اليساريين: تفطنوا أن حجتكم بأن اليسار أقلية، حجة مردودة
عليكم منطقيا، لأن تعريف الديمقراطية يتجسم في احترام الأقلية و ليس في فرض رأي
الأغلبية. و لو لم يُقصونا و عاشرونا لََعاشرونا،
و لو كفّرونا لباءت بهم استنادا إلى حديث رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ : يَا كَافِرُ ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا
أَحَدُهُمَا" و لو اجتثونا لَما أفلحوا، فهل يقدر و يتجرّأ التونسي على اجتثاث أبيه أو أمه أو أخته أو أخيه أو قريبه أو صديقه؟
الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم
بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا
بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي أو بالحيلة، لأن الحيلة تُعتبر عنفا غير مباشر
و مقنّعا
الكتابة بالنسبة لي، هي مَلْءُ
فراغ لا أكثر و لا أقل، و هواية أمارسها و أستمتع بها، متعة ذهنية لا يمكن أن
تتخيلوها
تاريخ أول نشر على مدونتي و صفحاتي الفيسبوكية
حمام الشط في 10 فيفري 2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire