هل يحق للرُّبّان
أن ينجو بنفسه ويترك سفينته تغرق بركابها؟
السفينة هي
تونس والربان هو نخبتها.
نخبتها تتكون
من الأساتذة الجامعيين "صنف أ" والأطباء والمهندسين. المنظومة التربوية
التونسية كونتهم أفضل تكوين وعلمتهم أحسن علام في المعاهد النموذجية والمعاهد
التحضيرية العليا وكليات الطب والهندسة.
الحصاد التعيس: بعد الثورة، هاجر عشرات الآلاف منهم إلى
الخارج يخدمون الأجانب بحثًا عن كسبٍ وفيرٍ وسريعٍ في أوروبا والخليج، أو هاجروا إلى
الداخل يخدمون الأجانب أيضًا في شركات استثمارية في تونس.
أوجه لهم أربعة
ملاحظات:
1. أتظنون أنفسكم أذكى من الباقين؟ ألا تعون أن الذكاء لا يُقاسُ ولا يُصنّفُ
حسب قول الفيلسوف الفرنسي ألبير جاكار؟ أعرف أن الخطأ ليس خطأكم وحدكم، فمنظومتنا
التربوية التونسية التمييزية هي التي أنشأتكم على هذا النحو المعوج، وذلك عن طريق
المناظرات الانتقائية التي وضعتها كشرط ضروري للالتحاق بأفضل مؤسساتها التربوية.
2. أيها المؤمنون بتصنيف الذكاء: وضعتم أنفسكم في أعلى درجات سلّمه، أجيبوني
بالله عليكم يا أذكى التونسيين كلهِمِ، هل المستثمرون الأجانب الذين انتدبوكم في
الخارج والداخل هم أقل أو أكثر ذكاءً منكم؟
3. تقولون أنكم لم تهاجروا طمعًا في المال، بل هاجرتم لعدم توفر ظروف العمل
الملائمة لذكائكم. ومَن غيركم يقدر على جعلِ غير الملائم ملائمًا أيها العباقرة؟
4. تقولون أنكم لم تهاجروا طمعًا في المادة، بل هاجرتم بحثًا عن الكرامة، وهل
في الخليج تركوا لكم ذرة من الكرامة، إنهم يعتبرونكم خدمًا وحشمًا ومهما علت شهاداتكم
العلمية فلن تعلو سنتيمترا واحدًا فوق نعل أصغر فردٍ من العائلات المالكة في قطر
والسعودية والإمارات، أما في أوروبا فالعنصرية الصامتة في انتظاركم وهي أشد وقعًا
على الحر من الناطقة.
إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا
تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر
آخر" جبران
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 19 جوان 2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire