رأيٌ، سمعته اليوم من
كاتب مصري في برنامج "مَحاوِر" على قناة فرانس 24، أثثتُه بإضافة أمثلة من
عندي لشرح وتوضيح فكرة الكاتب المختزلة جدًّا.
قبل القرن
الـ21، كان مستقبل الثورات معروفًا وجاهزًا مسبقًا، تغييرٌ جذريٌّ، نظامٌ سياسيٌّ
جديدٌ يحل محل نظامٍ سياسيٍّ قديمٍ: حضارة مكان حضارة (الرومانية مكان القرطاجنية أو البيزنطية مكان
الفرعونية)، أو دين مكان دين (المسيحية مكان تعدد الآلهة أو الإسلام مكان المسيحية
أو المسيحية مكان الإسلام)، أو بورجوازية مكان إقطاع (الثورة البريطانية والثورة الفرنسية)،
أو اشتراكية مكان رأسمالية (الثورة الروسية والثورة الصينية) أو استقلال مكان
استعمار (الثورة الجزائرية والثورة الفيتنامية) أو جمهورية مكان ملكية (الثورة المصرية
والثورة الإيرانية).
أما في القرن
الـ21، فقد أصبح مستقبل الثورات ضبابيًّا! صحيحٌ لقد نجحتْ "فرويديًّا" كلها في "قتل
الأب" وإلى الأبد (ثورات "الربيع العربي" في تونس ومصر وسوريا
وليبيا واليمن وأخيرًا الجزائر والسودان)، لكنها وللأسفِ الشديدِ لم تأتِ بنظامٍ
سياسيٍّ جديدٍ بديلٍ مغايرٍ لِما سبقها، لذلك لم يجنِ الشعبُ من شجرتِها اليانعةِ ولو
ثَمرةً يتيمةً واحدةً من ثمارِ تضحياتِه الجبّارةِ.
لماذا؟
ربما لغياب
قيادة ثورية مهيكلة، أو لأنها ثورةً غير مسلحةٍ، أو لأن الرأسمالية الليبرالية الكَلْبَة
المكلوبة هي نهاية التاريخ كما بشرنا نبيها الدجال فوكوياما، أو لم يعُدْ في
الأفقِ بصيصٌ من أملٍ، أو لأن القِيم الحضارية الإنسانية المكتسبة (l’épigenèse أو التربية أو الجهاد
الأكبر أو الأخلاق العَلمانية "الروحانية" النبيلة) فشلت في كبحِ جِماحِ
الشهواتِ الأنانيةِ الفرديةِ الجينيةِ الموروثةِ (le tout génétique أو الكل-وراثي أو
النفس الأمّارة بالسوء أو الأخلاق العَلمانية "المادية" الرذيلة)؟ الله والراسخون
في العلم أعلم!
خاتمة: أمام هذا الوضعِ العبثيِّ الكارثيِّ السائدِ
في عالَمِنا العربيِّ الحاليِّ، مع اختلاف درجات حِدّتِه وخطورتِه من دولةٍ إلى
أخرى، أنا لستُ متفائلاً أو متشائمًا ولا حتى متشائلاً، أنا إنسانْ حيرانْ ولي
مخٌّ وعينانْ ولا أرى أي مؤشّرٍ يدعو إلى الاطمئنانْ إلا معجزة من الرحمانْ، لكنني،
وبسرعة البرقِ، أتراجع عن الأوهام والهذيانْ، عندما أقرأ "إِنَّ اللّهَ لاَ
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ
مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، حكمةٌ موجودةٌ في القرآنْ وليست بِدعةً
ابتدعها أخوالي بنو عَلمانْ والله المستعانْ!
إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا
تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر
آخر" جبران
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 23 جوان 2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire