هل يُعتبر جسم المرأة شيئًا (Un objet)
أو ذاتًا (Un sujet)؟ نغطيه أم نعرّيه
-نحن الرجال- متى نشاءُ؟ فكرة فيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة. صياغة وتأثيث مواطن
العالَم محمد كشكار، دكتور في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (La Didactique de la Biologie)
الرجال الرجعيون المتدينون (المسيحيون واليهود والمسلمون) يَعتبرون
جسمَ المرأة شيئًا كالأثاث يغطونه متى يشاؤون ويعرّونه متى يشاؤون (حجاب الأخوات
والأمهات المسيحيات وحجاب أو نقاب المسلمات). وبتغطيته يتصورون أنه غير موجود
كذاتٍ وغير مؤثرٍ في محيطه.
الرجال الرجعيون الحداثيون (الليبراليون يمينًا ويسارًا) يَعتبرون
جسمَ المرأة شيئًا كالسلعة يعرّونه متى شاءوا المتاجرة به (الإشهار والسينما
التجارية). وبتعريته يتصورون أنه موجودٍ كجسمٍ فقط ولكنه غيرمؤثرٍ في محيطه كذاتٍ.
الرجال الفلاسفة المحايدون يَعتبرون جسمَ المرأة ذاتًا مستقلةً
مثله مثل جسمَ الرجل بالضبط، له ما له وعليه ما عليه مع احترام الفوارق البيولوجية
الطبيعية بينهما. لذلك لا يغطونه متى شاؤوا ولا يعرّونه متى شاءوا كما يتوهم أنهم
به فعلوا المتدينون والحداثيون. جسم المرأة كجسم الرجل لا تُحدد هويته بيولوجيا
فقط. ولا تحدد هوية جسم المرأة مسبقًا، بل تنبثق من تفاعل هويتين متكاملتين:
الهوية الجينية البيولوجية
(L`identité génétique-biologique, XX)
والهوية الحضارية الثقافية
(L`identité culturelle y compris l`identité religieuse)
(L`identité génétique-biologique, XX)
والهوية الحضارية الثقافية
(L`identité culturelle y compris l`identité religieuse)
ويخلص هؤلاء الفلاسفة للحقيقة التالية: لو وَعَتِ المرأة أن جسمها
هو ذاتٌ وليس شيئًا، فلن يقدر المتدينون على تغطيته ولو شاءوا ولن يستطيع
الحداثيون تعريته ولو شاءوا. جسمها هو ذاتٌ حاضرةٌ في محيطكم رغم أنوفكم -أيها
الرجال الرجعيون- شئتم أم أبيتم، غطيتمونه أو عريّيتمونه. مِن تحت الغطاء ومن فوق
العراء، هو نورٌ يشع ولو كره المتدينون والحداثيون، نورٌ يخترق قماش المتدينين
وسلعنة الحداثيين (La chosification).
هو ذاتٌ تعيش لتتواصل مع أجسام الرجال الند للند، وكجسم امرأة رغم
أنانيتكم سيتواصل، أخرس سيتواصل، أبكم سيتواصل، محجّب سيتواصل، منقّب سيتواصل،
عارٍ سيتواصل، سلعة سيتواصل، ولن ينفعه في مستقبله إلا الارتباط بجسم رجل والتواصل
معه حتى من وراء البحارٍ رغم الخمارِ.
بيولوجيًّا، المرأة امرأة والرجل رجلاً، لكنهما كائنان متساويان في
عدد الجينات (30 ألف) والكروموزمات (46). لا فرق بين الأب والأم في توزيع
موروثيهما الجينيين بين أولادهم(هن) أو بناتهم (هن): وللأب في العطاء الجيني مثل
حظ الأم، كل منهما يّورّث 23 كروموزم لولده (ها) أو 23 كروموزوم لابنته (ها). ولا
فرق بين الابن والبنت في وراثة الموروث الجيني من أبيه(ها) ومن أمه(ها): الولد
أوالبنت يرثان بالتساوي: يرث أو ترث من أمه (ها) 23 كروموزوم ومن أبيه (ها) 23
كروموزوم بالضبط.
أما حضاريا وثقافيا فالرجل إنسان والمرأة إنسان دون زيادة أو نقصان،
ولا فرق بين الذكر والأنثى إلا بالفكر والعمل، ومن كل حسب اجتهاده ولكل حسب
استحقاقه رجلا كان أو امرأة.
أيها الرجال الرجعيون، المتدينون والحداثيون على السواء، اتركوا
المرأة وجسمها، تعرّيه متى شاءت هي، أو تغطيه متى شاءت هي واقنعت عن عِلمٍ أو
إيمانٍ. المرأة ليست قاصرة وليست سلعة ولا ناقصة عقل ودين، فاعطوها حريتها واطلقوا
يديها فالله خلقكم وإياها من نفس واحدة وجعلكم وإياها سواسية يوم الحشرِ، وهو
الوحيد الذي سيحاسبها إن أخطأت في حقه، أما أخطاؤكم أنتم في حقها، أيها الرجال
الظالمون، فأظن أنها لن تمر دون عقاب في الدنيا والآخرة.
إمضائي:
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 2 جويلية 2016.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire