lundi 17 août 2015

دفاعا عن حُلمِي السياسي. مواطن العالَم د. محمد كشكار

دفاعا عن حُلمِي السياسي. مواطن العالَم د. محمد كشكار

المصدر:
أبني مقالي التالي فوق (والبناء فوقَ لا يعني البناء أسوأ أو أفضل) ما ورد في مقال أعجبني، فيه استحضار للماضي القريب وتقييم لنتائج الثورة التونسية واستشراف لآفاقها، نشره صديقي اليساري مصطفى علوي (المختص في علم الاجتماع والأستاذ الجامعي في كَنَدا) على صفحته الفيسبوكية، يوم الأحد 16 أوت 2015 على الساعة 07:11، بعنوان "تقييم و آفاق الثورة التونسية: مسوّدة خربشة ضدّ التيّار. مَن نجح في السلطة و مَن نجح في الثورة التونسية؟" وهذا رابطه: Mustapha Alaoui.

دفاعا عن حُلمِي السياسي:
قبل التحليل والتقييم واستشراف المستقبل (Futurologie)، أبدأ بالتوصيف والتذكير ببعض أبرز شعارات الثورة التونسية: "التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق"، "الشعب يريد إسقاط النظام"، "شغل حرية كرامة وطنية"،"خبز وماء وبن علي لا"، "تونس حرة حرة والتجمع على برَّ". على حد مشاركتي في ثورة العاصمة لم أسمع حينها شعارات ماركسية أو إسلامية أو قومية أو ليبرالية. يبدو لي أن الاشتراكية الديمقراطية على المنوال الأسكندنافي المُتونَس هي أفضل نظام سياسي قادر عل تحقيق أهم شعار من شعارات الثورة التونسية ألا وهو شعار "شغل حرية كرامة وطنية".

عكسَ ما يحلم به الإقصائيون من كل حزب، ليست الاشتراكية الماركسية هي الحل ولا الإسلام ولا القومية ولا الليبرالية. الحل يكمن في اعتماد أفضل ما فيهم جميعا ومن كل مرجعية نأخذ نقاط قوتها ولكل مواطن حسب كدّه وجدّه وصدقه وليس حسب انتمائه الحزبي.

قال صديقي: "يجب أن يولد شيء جديد في تونس يكون حزبا (أو جبهة ) يكون قادرا على جمع إسلاميين ديمقراطيين تقدميين ويساريين ديمقراطيين تقدميين وقوميين ديمقراطيين تقدميين وليبراليين ديمقراطيين تقدميين يتوحدون أو يأتلفون في مشروع جديد يجمع بين نضالية اليسار الاحتجاجية ونضالية الوسط الإقتراحية... وإلا... فسيأكل البلاد اليمين". يبدو لي أن هذا الحزب المستقبلي الواعد لا يمكن أن يكون إلا حزبا اشتراكيا ديمقراطيا على المنوال الأسكندنافي المُتونَس. حزب كبير يكون مجمِّعا ومهدِّئا، لا مفرِّقا ومفتِّنا كباقي الأحزاب التونسية الحالية التي تغلب عليها الزعاماتية والأنانية والتكلس والتعصب الإيديولوجي. حزبٌ يسبق تكوّن حزب يساري كبير أو حزب إسلامي كبير.

الطريف في هذا الحزب أن كل مَن ينضم إليه قد يحقق ذاته ويطبق مبادئه دون أن يشعر بأي حرج أو تناقض أو خيانة حيال مرجعيته، إسلامية كانت أو يسارية أو قومية أو ليبرالية. هل يمكن أن يتحرج أحد من هؤلاء من الدعوى إلى مجانية الترسيم والأدوات والنقل والوجبة اليومية الغذائية الساخنة في التعليم مثل ما هو الحال اليوم في فنلندا، يتحرج مثلما يخجل في تونس اليوم حزب العمّال من شيوعيته والنهضة من تطبيق الشريعة والقوميين من الوحدة مع ليبيا والليبراليين من ساركوزي وهنري برنار ليفي والعَلمانيين من عَلمانية الثورة الفرنسية المعادية للدين؟ أما أنا وكمفكر مستقل غير منبتّ ومتماهٍ مع مجتمعه فلا ولن أتحرج من اشتراكيتي الديمقراطية على المنوال الأسكندنافي المُتونَس ولا ولن أخجل من يساريتي غير الماركسية ولا ولن أخفِي عَلمانيتي المؤمنة بحرية المعتقد. هل يمكن أن يتحرج أحد من هؤلاء من الدعوى إلى ادخار عُشرِ رَيْعِ البترول للأجيال القادمة مثل ما هو الحال اليوم في النرويج؟ هل يمكن أن يتحرج أحد من هؤلاء من الدعوى إلى حرمان الوزير من سيارة خاصة وسكن وظيفي مثل ما هو الحال اليوم في السويد؟ هل يمكن أن يتحرج أحد من هؤلاء من الدعوى إلى التداول السنوي على رئاسة الجمهورية (La présidence collégiale) مثل ما هو الحال اليوم في السويد؟ هل يمكن أن يتحرج أحد من هؤلاء من الدعوى إلى تجريم التعامل مع الشركات الصهيونية الاستيطانية أو الشركات التي تصنّع الألغام ضد الأشخاص (Les mines antipersonnel) أو التي تشغّل الأطفال مثل ما تجرمه اليوم دولة النورفاج؟ هل يمكن أن يتحرج أحد من هؤلاء من الدعوى إلى منع استعمال سيارة العمل وهاتف المكتب لقضاء شؤون خاصة مثل ما تمنعه اليوم حكومة السويد؟ هل يمكن أن يتحرج أحد من هؤلاء من دعوة كبار مسؤولينا إلى تقليد عمر بن الخطاب النرويج ورئيس وزرائها عندما تنكّر في يوم جمعة في زِيّ سائق تاكسي وقضى يومه في نقل المواطنين النرويجيين كُفارًا ومسلمين دون تمييز كي يستمع إلى همومهم ومشاكلهم، وفي آخر اليوم قال: "ما تبقى من هذا اليوم سيكون بالنسبة لي مختلفا عن باقي أيام الجمعة"؟ هل يمكن أن يتحرج أحد من هؤلاء من الدعوى إلى مثل هذه الإجراءات السليمة النافعة في اجتماع شعبي وعلني سواء في العاصمة أو القصرين أو في قرية جمنة، مسقط رأسي في الجنوب المحافِظ؟ أنا متفائل أن حزبًا بهذه المبادئ سوف يفوز بأغلبية مريحة متفوقا على النداء والنهضة والجبهة في آن في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة وذلك على الأمد المتوسط.

ملاحضة: كنت أقول أنني لستُ داعية حزبي ولا زلت، وما أنشره اليوم هو دعوى إلى حُلمٍ جميلٍ وليس إلى حزبٍ.

إمضائي
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 18 أوت 2015.
Haut du formulaire


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire