mercredi 12 août 2015

حضرتُ اليوم مؤتمر المثقفين التونسيين ضد الإرهاب. مواطن العالَم د. محمد كشكار

حضرتُ اليوم مؤتمر المثقفين التونسيين ضد الإرهاب. مواطن العالَم د. محمد كشكار
المكان: قصر المؤتمرات بالعاصمة.
الزمان: الأربعاء 12 أوت 2015 من الساعة 18 إلى الساعة 20.
الحضور: من 500 إلى ألف، نصفهم داخل القاعة والنصف الآخر خارجها، كهول وكهلات (رأيت محجبة واحدة داخل قاعة المؤتمرات مع الإشارة أنني لستُ من دعاة ارتداء الحجاب وفي الوقت نفسه لستُ من الداعين لمنعه بالقانون). لم أجد لي فيهم إلا خمسة أصدقاء.
منشطة المؤتمر: مريم بالقاضي، نجمة قناة نسمة لباعثها نبيل القروي.
لن أتوسع في الكتابة عن هذا المؤتمر لأن منظميه اليساريين (جلهم -حسب الظاهر- أصيلي المدن من ذوي الفكر اليساري والعيشة البورجوازية والتجارة بالعلم كالتجارة بالدين وكلاهما رأسمال رمزي ومادي لا ينمو إلا باستغلال الإنسان العارِف لأخيه الإنسان غير العارِف) لا يعترفون باليساريين أمثالي (الوافدين من الريف إلى العاصمة من ذوي الفكر اليساري غير الماركسي وعيشة أقل من عيشة عمال السكك الحديدية). خَطَبوا فينا، أساتذة جامعيون، تونسيون وأجانب، رجال ونساء. يبدو لي أن جلهم من سجناء براديڤم (نسق تفكير) "المثقف اليساري المتكلس السائد في العالم العربي"، البرجوازي الصغير الذي قال فيه ماركس ما لم يقله مالك في تارِك الصلاة. مثقفون جهابذة في إقصاء واحتقار المختلف عنهم حتى لو كان يساريا مثلي وليس مثلهم فما بالك لو كان جمهوريا أو مرزوقيا أو نهضاويا! أنا أظن أنهم ليسوا مُجبرين ولا يرغبون ويقدرون ماديا ومعنويا على الانفصال وعدم التماهي مع مجتمعهم المسلم، أما أنا فقد قرّرت أن أفعل في مجتمعي المسلم، فلزام عليَّ إذن أن أتكلم بلسانه (المجتمع)، أن أنطق بمنطقه، أن أخضع لقانونه.
بكل محبة وصدق ولطف، أعيب على رفاقي الماركسيين ميلهم المفرط لتوجيه الخطاب النقدي الجبهوي (Discours Frontal) المباشر الصادم الجارح لخصومهم في الفكر والسياسة وفي الوقت نفسه يهملون القيام بواجبهم الماركسي المتمثل في النقد الذاتي لتاريخ الإيديولوجية الماركسية و التجربة الاشتراكية الفاشلة في الاتحاد السوفياتي وكمبوديا وألبانيا وكوريا الشمالية.
الإرهابيون العرب الإسلاميون، فكرا وذبحا، ورثوا الفكر الإسلامي المتطرف المتكلس عن الفقهاء من أجدادهم وغذوه في السبعينات بالسلاح الغربي والبترودولار الخليجي بهدف القضاء على فكرة العدالة الاجتماعية اليسارية خدمة للرأسمالية العالمية المتوحشة، أما الماركسيون العرب فقد استوردوا الفكر الماركسي المتطرف المتكلس واكتسبوه دون أن يطوّروه ويكيّفوه ويؤقلموه مع تراثهم، وإن كرهوا، تراثهم العربي الإسلامي.
لا أشك لحضة في دموية الإرهابيين العرب الداعشيين الإسلاميين ولن أقارنها بالعنف الثوري الذي يؤمن به اليساريون العرب ويبدو لي أنه لم ولن تتسنى لهم فرصة ممارسته، لا لأن هؤلاء الأخيرين ملائكة بل لأنهم لم ولن يصلوا يوما إلى السلطة في العالم العربي الإسلامي، على الأقل على المدى القصير والمتوسط. تملكني هذا الإحباط المُعدي بعد قراءة مقالين في جريدة "لومند ديبلوماتيك"، عدد أوت 2015، حول وأد التجربة اليسارية اليونانية في المهد من قِبل الرأسمالية العالمية.
خلاصة القول
ما جالستُ يومًا في حياتي غير الماركسية ماركسيا تونسيا أو سمعته أو قرأته إلا ونَبَزَنِي وتبادلنا الاحتقار الصامت إلا لِمَامًا، ولم تشفع لي عندهم يساريتي المختلفة عن يساريتهم ولا عَلمانيتي المختلفة أيضا عن عَلمانيتهم.
إمضائي
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
قال أنشتاين: "لا تُحَلّ المشاكل باستعمال نفس أنماط التفكير التي أنتجتها".
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 12 أوت 2015.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire