samedi 29 août 2015

بنت فرنسية جميلة، أبوها تاجر سمك من مرسيليا، أصبحت ملكة السويد: قصة واقعية طريفة حدثت منذ قرنين فقط لكنها أغرب من قصص ألف ليلة وليلة! ترجمة مواطن العالَم د. محمد كشكار

بنت فرنسية جميلة، أبوها تاجر سمك من مرسيليا، أصبحت ملكة السويد: قصة واقعية طريفة حدثت منذ قرنين فقط لكنها أغرب من قصص ألف ليلة وليلة! ترجمة مواطن العالَم د. محمد كشكار

المصدر:
برنامج تاريخي سمعته اليوم في قناة (TV5MONDE: vers 13H-14H30).

الظرف الزماني: حوالي سنة 1800م بعد الثورة الفرنسية بعقد أو عقدين.
الظرف المكاني: مرسيليا، باريس وستكهولم.
الشخصيات الأساسية: بطلة القصة البنت الجميلة واسمها ديزيري (مرسيليا، 1777- ستوكهولم، 1860) وخطيبها الأول الجنرال نابوليون بونابارت وأخوه الكبير زوج أختها الكبرى جوزفين والجنرال برندوت، منافس بونبارت في الجيش والحب وزوجها الأول والأخير وابنهما أوسكار.

الحكاية باختصار:
أراد أخو بونابارت خطبة ديزيري فأخذ معه أخاه. عشقها الصغير من أول نظرة وعرض أختها الكبرى الأقل جمالا على أخيه الأكبر فرضي. تزوج الأكبر من الكبرى وذهبا إلى باريس لحقه أخوه الصغير تاركا وراءه بطلة قصتنا سجينة حسرتها ودموعها تملأ رسائله الحارّة. التحقت ديزيري بأختها الكبرى في باريس وبسرعة تزوجت الجنرال برندوت، أحد أبطال الثورة الفرنسية، انتقاما من حبها الأول التي لم تستطع يوما أن تنساه بل كانت في كِبرها تعلق صورته في صالون زوجها برندوت.

كانت مملكة السويد في ذلك العهد تمر بهزات ثورية وانتفاضات شعبية مثل ما مرت به فرنسا وكان مَلِكُها شيخا عقيما ومريضا. اجتمع أعضاء البرلمان السويدي الموسع (600 مشارك) في قرية سويدية صغيرة نائية لكي يختاروا له وريثا يملِك السويد بعد وفاته. ومن غرائب الدهر أنه تم اختيار ولي عهد فرنسي وكاتوليكي (البروتستانتية مذهب السويد) ومن سلالة شعبية "غير نبيلة" وفوق كل هذا ثوري ولا يتقن اللغة السويدية. وبين عشية وضحاها أصبح محظوظ قصتنا الجنرال برندوت ولي عهد مملكة السويد وهو الذي يُشاع عنه أنه كان موشِّما على ذراعه شعار الثورة الفرنسية "الموت للملِك". ويُقال عنه أيضا أنه دفع رشوة لعضو في البرلمان السويدي حتى يضمن نجاحه من بين عدة مرشحين لنفس المنصب. ومن مهازل التاريخ أن الحجة التي قوَّت من جانبه أثناء مداولات البرلمان هي أن زوجته ديزيري بعثت بصورتها للبرلمان السويدي مرفوقة بصورة ابنها أوسكار الذي بالصدفة كان يحمل اسما شماليا (prénom nordique) وأنجدته أيضا معاملته الحسنة السابقة لأسرى سويديين في فرنسا.

انتقلت العائلة الفرنسية المحظوظة، التي لا يتكلم جميع أفرادها اللغة السويدية، للإقامة في السويد. كان الزوج برندوت، ولي العهد وملك المستقبل، ينوب الملك المريض وكان الابن أوسكار، وريث العرش الوحيد، يقضي كل وقته في تلقي التدريب والتكوين والتربية المَلَكِية الخاصة أما الزوجة فلم يعجبها الوضع ولم تُعجِب شخصيتَها حاشية الملك: كمتوسطية (une méditerranéenne ) كانت تكره بَرْدَ الشمال وتتثاءب بل ترقد في بعض المناسبات الرسمية وتفضل الأكل الفرنسي وتتناول الطعام بيديها دون شوكة. رجعت للإقامة مع أختها الكبرى وزوجها أخ نابوليون بباريس وعملت كجاسوسة لزوجها ولي عهد السويد وكانت تحيا حياة مستهترة إلى درجة أنها كانت تستقبل في قصرها حبها الأول نابوليون وتجري وراء الوزير الفرنسي المشهور ريشيليو. رجعت للإقامة مع زوجها عندما اعتلى رسميا عرش السويد (لُقِّبَ بالملِك الجمهوري Le roi républicain) فأصبحت هي رسميا ملكة السويد. كانت مصِرّة على حياة التحرر وكانت شُجاعة في تحدي قيود الأخلاق والشكليات الرسمية: كانت تخرج ليلا تهرول في حديقة القصر مرفوقة بوصيفتها المرتدية أمرا قميصا ناصع البياض (blanc immaculé) حتى يجنِّب الملكة هجوم الخفافيش وكانت ترتاد ليلا المطاعم والمسارح وتسكن قصرا صغيرا بعيدا عن القصر الملكي. خرجت مرة لزيارة مقاطعة في مملكتها فاستقبلها الفلاحون بهتاف سمعته هي وكأنه يقول بالفرنسية (vive la reine) وذلك لجهلها المطبق باللغة السويدية فأصرّت ببهجتها لحاجبها المرافق الذي لم يجرؤ أن يصارحها بمعنى الهتاف السويدي (vi vill ha regn) والذي يعني بالعربية "نريد المطر".

خلال حفل ملكي، سأل الملك مرة شخصا حاضرا لا يعرفه: ماذا تشتغل في القصر؟ أجابه: أنا الفحل الثالث للملكة لكنني الوحيد فوق الخدمة.

مات زوجها الملك سنة 1844،  ماتت ديزيري ملكة السويد السابقة سنة 1860 عاما واحدا بعد وفاة ابنها الملك الذي خلف خمسة أبناء وبعد مرور ما يقارب القرنين على ضربة الحظ التاريخية الصدفوية الطريفة لا زالت ذرية ديزيري وزوجها برندوت الفرنسيَّي الأصل يعتلون عروش ممالك السويد والنرويج والدنمارك واللكسمبورغ وبلجيكا و"خُرَّافَتنَا هَابَا هَابَا - كل عام اتجينَا صابَة".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 29  أوت 2015.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire