vendredi 1 octobre 2021

كليات العلوم التونسية، لماذا لم تنتج لنا علماء ! مواطن العالَم والديداكتيك

 


هل لِـتقصيرٍ من أساتذتنا وطلبتنا أم لِـقصورٍ في برامجنا ومناهجنا التربوية في الابتدائي والثانوي والجامعي ؟

يبدو لي أن السببين الاثنين مسئولان معاً. كيف ذلك ؟

وزارتَىْ التربية والتعليم العالي:

لم توفرا الإمكانات المادية واللوجستية الضرورية للارتقاء بمستوى تعليمنا: مثلا، وسائل التعلم (Les moyens didactiques) غير متوفرة بالعدد الكافي  في جل مؤسساتنا التربوية كالحواسيب والمجاهر (Les microscopes) وآلات العرض (Les vidéoprojecteurs) والخرائط والمواد الكيميائية وفئران التجارب، إلخ.

 

المدرّسون في الابتدائي والثانوي والجامعي على السواء:

جلهم محافظون (des mammouths, des conservateurs) وللتجديد ناكرون وفي بذل الجهد والقيمة المضافة مقصِّرون وعلى قدر المرتب الزهيد يعملون وعلى الرخص المرَضية مدمنون. جل مدرسينا لم يدرسوا أكاديميا طرق التدريس القديمة والحديثة 

(Le constructivisme de Piaget, le socio-constructivisme de Vygotsky, la dévolution, le modèle allostérique ou construction\déconstruction de Giordan, aide-moi à faire seul de Montessori)، 

ولم يدرسوا تاريخ العلوم ولا الإبستمولوجيا ولا علم نفس الطفل ولا علوم التواصل ولا علم التقييم ولا البيداغوجيا ولا الديداكتيك. حوالي  النصف أو أكثر من أساتذة الجامعة التونسية لا يحملون، لا ماجستير ولا دكتورا، فكيف سيعلمون طلبتهم البحث العلمي يا تُرى (رسالة الجامعة الأساسية) ؟ جل الأساتذة الجامعيين لا يتقنون اللغة الأنليزية، لغة العلم بلا منافس، حتى العلماء الفرنسيون المعاصرون ينشرون ويحاضرون في المؤتمرات العلمية العالمية بالأنليزية. زد على هذا الخور كله: لي زميلة دكتورة في الديداكتيك تدرّس في الجامعة علم النفس السلوكي، علم لم تدرسه أكاديميا يوما واحدا وأمثالها بالمئات.

رفضَ أساتذة الثانوي عن جهل تطبيق طريقة "بيداغوجيا المشروع" أو تقاطع التعلمات. طريقة تُربّي التلميذ على البحث العلمي منذ الصغر وتؤهله للاستغناء والاستقلال عن الأستاذ. المدرس لا يوفر للتلميذ فرصة تعلم الطيران بنفسه وبجناحيه. على العكس يقلّم المدرس جَناحَيْ التلميذ ظنا منه أنه يهذبهما.

 

التلامذة والطلبة:

هم ضحايا نظام تربوي متخلف نسبيا والضحية قد يصبح في بعض الأحيان جلادَ نفسه. لا يركّزون في القسم ولا يراجعون في المنزل ويغشّون في الامتحانات مع الإشارة أن للغش حلول علمية لا تأديبية كما هو معمول به اليوم. كلنا في الهواء سواء، مدرّسون وأولياء أخلينا بواجبنا، ربّينا و"أحسنّا" التربية، جنَيْنَا ما زرعت أيادينا فانقلب السحر على الساحر. جيل لا يطالع والعلم، كما تعلمون، لا ينزل كالمطر من السماء.

 

البرامج:

كثيفة ومتكلسة ولا تراعي انتظارات التلميذ ولا قدراته ولا طموحاته. تخلينا عن التعليم المهني واستثمرنا في التعليم الطويل فأصبحت مدرستنا مخبرا لصنع الفشل، حوالي 100 ألف منقطع سنويا. ركزنا على تدريس النظري وأهملنا التطبيقي فلم ننجح في تكوين المواطن المتخرج المتكامل.

 

النظام التربوي:

نظامنا التربوي ككل الأنظمة التربوية في العالم يفصل منذ التعليم الثانوي بين شُعب العلوم الإنسانية وشُعب العلوم "الصحيحة" والتجريبية، نظامٌ أنتج لنا رجال ونساء علم غير مثقفين ورجال ونساء ثقافة جهلة بالعلم ! (فكرة الفيلسوف الحكواتي، المرحوم ميشيل سارّ).

 

معلومات طريفة لا علاقة لها بموضوع المقال أعلاه، سمعتها اليوم صباحا في مقهى الشيحي بحمام الشط الغربية. أضيفها للذكرى والحنين والتندر:

رواها لي صديقي السنبتيك علي لحمر، إطار شومينو متقاعد، استشرته قبل النشر فأذن لي: "في الستينات كانت أسعار بعض المواد الاستهلاكية بالكغ وبالمليم كما يلي: لحم العلوش=200م وفي آخر النهار 180م (اليوم: ضُرِب سعر لحم العلوش في 100  مرّة فأصبح 20د وضُرِبت شهرية صديقي -50د- في  30  مرّة فقط  فأصبحت 1500د). العلوش الحي كاملا=2250م (اليوم: ضُرِب سعر العلوش الحي الكامل في 222  مرّة فأصبح 500د). قهوة في المقهى=10م. كعبة بيرّة بالكَمْيَة في بار الأولنبيك =60م، الكَمْيَة: مقرونة جارية أو تريلية مَانْجْتُو)."

 

إمضائي

يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.

لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

Ma devise principale : Faire avec les conceptions non scientifiques (elles ne sont pas fausses car elles offrent pour ceux qui y croient un système d`explication qui marche) pour aller contre ces mêmes conceptions et simultanément aider les autres à auto-construire leurs  propres conceptions scientifiques 

 

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 21 ديسمبر 2015.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire