lundi 25 novembre 2019

المجتمع الجمني بين الأمس واليوم (1952-2019)؟ مواطن العالَم البستاني، متعدّد الهُويات



خلال هذه المدة (1952-2019)، مرّ المجتمع الجمني بثلاثة تحولات اجتماعية كبرى:
1.     فترة ما بين   1952 - 1970: فترة المجتمع التقليدي
عام 1952 تأسست في جمنة المدرسة الابتدائية على الطريقة الصادقية (bilingue). قبلها لم يكن الجهل سائدًا ولم نك يومًا أميين، بل كنا مصدّرين للمؤدبين حفظة القرآن والتفسير.
مجتمع فلاحي صغير (قرابة 3 آلاف ساكن)، غير مهيكل (non structuré) أو مهيكل بصفة تقليدية نسبيا غير طبقية (عدد قليل من الخمّاسة يعملون لدى عدد قليل من الملاكة الصغار جدًّا المغتربين،  المقيمين بالعاصمة أو المهاجرين بفرنسا). المجتمع الجمني مجتمع متكون من مجموعة من العروش والعائلات والأفراد الشبه متساوين ماديا يذعنون إراديا لسلطة العمدة، الشيخ إبراهيم. مجتمع تحكمه علاقات قرابة دموية وتسيره علاقات الجيرة واحترام العم والخال والجار (عمي نصر) والمعلم والكبير،  مجتمع بيولوجي وإيكولوجي بالسليقة، يعيش على الكفاف، لا يعرف التبذير ولا حتى الرغبات غير الطبيعية وغير الضرورية (لا ستيـﭬ، لاسونيد، لا طبيب خاص، لا صيدلية، لا مغازة، لا حلويات في الدار لا في الباتيسوري، لا رستوران، لا سوﭬ، لا فريجيدير، لا ﭬـاز، لا تلفزة، لا جرائد، لا محكمة، لا بلدية، لا معتمدية، لا مركز أمن والغريب أن الأمن والعدل كانا مستتبَّين بفضل الشيخ إبراهيم وحده لا شريك له في سلطته).

2.     فترة ما بين 1970 - 2010: فترة المجتمع الاستهلاكي
كَبُرَ المجتمع المجتمع (قرابة 7 آلاف ساكن)، أصابته نوبة غراسة النخيل وبـ"سرعة البرق" توسع فلاحيا وأصبح مهيكلا طبقيا (أعراف جمنين وعمال برّانية). جانا المِي، جانا الضو، جتنا التلفزة، جانا الحوت، جتنا البقلاوة، جانا معهم غول الاستهلاك وغول الجشع وغول الرغبة في الدنيا فهربت من مسقط رأسي ملائكة القناعة والبساطة والتـﭬييل تحت كلاتوسة بن جبير والعوم في العين الـﭬديمة وذهبت السهرات الليلية في بيت الجيران وخرّاف للت الزينة وجمل عاشوراء والسمر في عرﭬ كشّادة. جانا الطبيب وصيدلية الليل والنهار وكثر عندنا مرض السكري وضغط الدم وتضاعف الموت عندنا بسبب داء السرطان. جانا الحرس وذهب الأمن مع وفاة الشيخ إبراهيم، رضي الله عنه ورحمه، وأصبح الجارُ منا يشتكي جارَه في المركز لأتفه الأسباب.

3.     فترة ما بين 12 جانفي 2011 - 2019 (عهد ما بعد الثورة): حالة وعي أو فترة المجتمع التضامني
عَمَّ الخيرُ وتناسَلَ الجمنين (قرابة 10 آلاف ساكن)، ربي يبارك لنا فيهم، زال أو نقص كثيرًا التعاون التقليدي العضوي غير الواعي، لكن.. لكن و من حسن حظنا، عوّضه التعاون الواعي المنظم والمؤسساتي: تأسست جمعية حماية واحات جمنة وجمعية إيثار الخيرية وتجنبنا بفضلهما هيمنة اقتصاد السوق ولم نقع في فخ العولمة الحديثة السائلة المقيتة واللاأخلاقية اللائنسانية. في جمنة أسسنا منوالا اقتصاديا بديلا، منوالا يحمل قيمًا وأخلاقًا، قيم التطوع ونكران الذات وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة 
(Notre initiative révolutionnaire est la seule et unique alternative qui a émergé en Tunisie, exactement le 12  janvier 2011, une initiative qui consiste à instaurer un modèle économique moral, l’économie sociale et solidaire pratiquée depuis 9 ans par l’association de sauvegarde des oasis de Jemna).

إمضائي (مواطن العالَم البستاني، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle individuelle):
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 25 نوفمبر 2019.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire