مقارنة انطباعية بين جمهور
مظاهراتنا (المعارضة اليسارية و القومية و الليبرالية) و بين جمهور مظاهرة وحيدة
حضرتها معهم (الموالاة النهضوية و السلفية و التحريرية). مواطن العالَم د. محمد
كشكار
-
الأول ينادي بشعارات نابية و معادية للنهضة و الغنوشي
-
الثاني ينادي بشعارات معادية للتجمع و النداء
-
الأول قلّد الثاني و نصب منصة خطابية في شارع الحبيب
بورقيبة بالعاصمة، لكنه لم يُجِد استعمال مكبرات الصوت، فسمعت صوت الخطيب غير واضح
رغم التركيز المتعب. يدعي تقبل و تملك الحداثة فكرا و علما و تكنولوجيا
-
الثاني نصب منصة خطابية لأول مرة في شارع الحبيب بورقيبة
بالعاصمة، و أجاد استعمال مكبرات الصوت، فسمعت صوت الخطيب واضحا دون عناء التركيز.
يدعي تقبل و تملك الحداثة علما و
تكنولوجيا و يرفض الفكر الغربي الذي أنشأ العلم و التكنولوجيا الغربية
-
الأول تميل بشرة أفراده إلى البياض و النظارة
-
الثاني تميل بشرة أفراده إلى السمرة و الشحوب
-
الأول تكثر فيه السافرات الجميلات و تقل فيه المحجبات (حجابهن
أجبرني على غظ البصر
-
الثاني تكثر فيه المحجبات و تقل فيه السافرات الجميلات
-
الأول، رجاله و نساؤه أتوا من النخبة المثقفة، من
الطبقات المتوسطة المسحوقة ماديا و المبدعة فنيا و ثقافيا، موظفين كبار و متوسطين،
تجار غيلان و رجال أعمال وسطاء و محليين، مستكرشين و متوحشين
-
الثاني، رجاله و نساؤه أتوا من العمق الشعبي، من الطبقات
المسحوقة ماديا و ثقافيا، عمال و فلاحين و حرفيين صغار و تجار تفصيل و موظفين
متوسطين يشبهونني في الهيأة و في الحياء الريفي
-
الأول، يتكون من مطربين و مطربات ملتزمات و غير
ملتزمات و ممثلين و ممثلات و فنانين
تشكيليين و فنانات و صحافيين و صحافيات و راقصين و راقصات و وجوه تلفزية معروفة
منذ العهد البائد و أخرى مللناها بسرعة بعد الثورة و عمداء جامعات و مفكرين
مشهورين و رؤساء أحزاب يسارية يسيرون وسط حشود المتظاهرين كالسمك في الماء
-
الثاني، فقير باختياره و إرادته بمثل هذه الطاقات الفنية و
الثقافية و الفكرية
-
الأول يعيش صراعا وجوديا بين هويته العربية الإسلامية المتجذرة
في شعبه التونسي منذ خمسة عشر قرنا و بين هوياته المتعددة و المستوردة إراديا و اختياريا:
الهوية الماركسية الإنجلسية اللينينية الستالينية أو الماوية و الهوية القومية العربية و
الهوية الليبرالية الفكرية
-
الثاني ينعم بالسكينة الستاتيكية و يعيش تصالحا مع هويته العربية الإسلامية و يكتفي و يسعد
بالإسلام دينا و دولة و سلوكا و انتماءً و فكرا، لم يتجاوز هذا الدين - حسب رأيه -
أي فكر حتى الآن و يمثل القرآن - بالنسبة له - دستورا صالحا لكل زمان و مكان حسب
اعتقاده الراسخ الذي لا يتزحزح قيد أنملة رغم قدرة الإنسان العصري على زحزحة
الجبال و تغيير مجرى أكبر الوديان
-
الأول اكتسب فكرا غربيا مستوردا إراديا و اختياريا فتحرر من قيده
العربي الإسلامي الضيق و انفتح على كل التيارات الفكرية العالمية التي سادت في
تونس بورقيبة و تونس بن علي و أصبحت مهددة من بعدهما من قبل المد الوهابي الرجعي
المستورد أيضا
-
الثاني اكتفى بفكر الإسلام السياسي المستورد أيضا من
جماعة الإخوان المسلمين المصريين و أحاط نفسه بسياج غير نفوذ للفكر الغربي و هو لا يعتبر هذا الأخير إثراءً لثقافته
العربية الإسلامية بل يعتبره غزوا ثقافيا، وجب صده و مقاومته بكل الوسائل، الناعمة
و العنيفة، لأنه يهدد خصوصيته الإسلامية
-
الأول يعادي الحكومة فتعميه عداوته إلى درجة أنه لا
يعترف للحكومة الشرعية بأي إيجابية من إيجابياتها، إن وُجِدَت
-
الثاني يعادي الفكر اليساري و القومي و الليبرالي (يعادي فقط الفكر الليبرالي و ليس الاقتصاد الرأسمالي الليبرالي المتوحش) و يرى
في ثلاثتهم ألد أعداء الإسلام و المسلمين و في الوقت نفسه يساند الحكومة مساندة
عمياء حتى أصبح ملكيا أكثر من الملك فأمسى لا يعترف بأي سلبية من سلبياتها و هم كُثْرُ
-
الأول، أجد فيه الكثير من أصدقائي و صديقاتي النقابيين
القاعديين و النقابيات القاعديات، عِشرة عقدين من النضال المشترك في ساحة الصمود و
التصدي ضد التجمع الدستوري الديمقراطي و ضد المكتب التنفيذي البيروقراطي للاتحاد
العام التونسي للشغل، ساحة محمد على بالعاصمة قبل و بعد الثورة، الساحة الضيقة
مساحة و الواسعة فكرا و مقاومة سلمية
-
الثاني، من سوء حظي لم يعترضني في المظاهرة اليتيمة التي
شاركت فيها - من باب الفضول الفكري - و لو صديق واحد من النهضاويين الذين قابلتهم قبل
و بعد يوم 14 جانفي 2011 أمام وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة و في الأنهج
المتفرعة عنه و في القصبة 1 و 2
خاتمة
كيساري غير ماركسي يعوم في بيئة عائلية متدينة محافظة (ابنتي و زوج ابنتي و أخي الأصغر و زوجته و أختي الوسطى و أختيَّ الصغرى و الكبرى الاثنتين و كل أبنائهن و بناتهن و كل أقاربي و بعض أصدقاء الطفولة في مسقط رأسي جمنة و بعض أصدقاء الكهولة في محل سكني بحمام الشط: كلهم متدينون عاديون و لشعائرهم الدينية ممارسون بإيمان و انتظام، في جمنة و حمام الأنف و باريس و كندا و استراليا، كلهم غير منتمين حزبيا، فيهم مَن انتخب النهضة و فيهم مَن لم ينتخبها و انتخب غيرها و فيهم واحد ساند حملة انتخابية لمرشح يساري) و كبعض المفكرين المسلمين، أتأرجح في موقفي الكشكاري الشخصي من الحرية بين مناصرة الحركة الاشتراكية فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية و بين مناصرة الليبرالية فيما يتعلق بالحريات الفردية و بين مناصرة الإسلام فيما يتعلق بالأصول و الجذور
و المؤسف و
المحزن و المحبط في كل هذه المظاهرات المعارضة و الموالية، أنها لم تسهم في تقدم تونس
و لم تسرّع إقلاعها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و لم تؤثر في نهضتها، لا سلبا
و لا إيجابا، و كأننا كلنا - سلطة و معارضة - عرائس و دمى تحركها أيادي خفية لا
سلطان لنا عليها
الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم
بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و
على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي أو بالحيلة،
لأن الحيلة تُعتبر عنفا مقنّعا و غير مباشر
-
الكتابة بالنسبة لي، هي مَلْءُ فراغ، لا أكثر و لا أقل،
و هواية أمارسها و أستمتع بها، متعة ذهنية لا يمكن أن تتخيلوها
-
تحية دائمة و متجددة
لزملائي المربين: في
ألمانيا المعلمون أعلى دخلاً في البلد، وعندما طالب القضاة والأطباء والمهندسون
بالمساواة ؛ ردت عليهم ميركل: كيف أساويكم بمن علّموكم؟
-
قال
ويليام بلوم: لو كان الحب أعمى فـالوطنية الشوفينية الضيقة الإقصائية و المتعصبة فاقدة للحواس الخمس
-
-
تاريخ
أول نشر على مدونتي و صفحاتي الفيسبوكية الثلاث
-
حمام
الشط في 17 مارس 2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire