آلمني عدم احتفاء الدول العربية بهذه
المناسبة، على الأقل على حد عِلمِي. الأكاديمية الفرنسية هي مؤسسة فكرية عريقة تأسست سنة
1634 ومرت بفترات ازدهار وفترات انحدار في علاقتها بالسلطة السياسية. أمين معلوف
كاتب عربي-لبناني وُلد سنة 1949، فرنسي منذ 1976 أي في سنّ 27، انتُخِب عضوًا بالأكاديمية
الفرنسية منذ 2011 ويوم الخميس 28 سبتمبر 2023 انتُخب بأغلبية ساحقة كاتبًا عامًّا
مدى الحياة للأكاديمية الفرنسية.
يَعتبِر نفسَه
وأعتبره رسولا للعرب عند الغربيين ورسولا للغربيين عند العرب وهو يستحق فعلاً هذا
اللقب المشرّف لخدماته الجليلة التي قدّمها للفرنكوفونية وللثقافة
العربية-الإسلامية. تعلمتُ منه إمكانية تعايش عدة هويات في شخص واحد دون انفصام في
الشخصية وأعتبر نفسي مثله رسولا بين الحضارتين، طبعًا مع حفظ المقامات.
أعتبره أيضًا
جورج زيدان الفرنكوفونية، نقلَ للغربيين -في أسلوب رائع ولغة أروع- كنوزَ الثقافة
العربية-الإسلامية فأبدع وأقنع وإنجازه الأكبر يتمثل في أنه نجح في جلبِ إعجاب
الغربيين بدررها. إنجازٌ عظيمٌ، عجزت عن الإتيان بمثله كل وزارات الثقافة العربية
مجتمعة.
يكفيه شرفًا
ما قاله في حضارتنا التي هي في نفس الوقت حضارته الأم وهو لا ينكرها ولا يخفيها بل
يتبناها وينقدها ويُعليها لكن دون مبالغة أو تمجيد أوتفخيم، شهد فيها شهادة من ذهبٍ
حيث قال فيها ما يلي: "نحن المسيحيون اللبنانيون عشنا تحت الحكم الإسلامي
أربعة عشر قرنًا ولم يمسسنا سوءٌ من أي نوع، لا في كنيستنا ولا في عِرضِنا ولا في
مالِنا".
فرضية أتمنى
أن تكون خاطئة: ربما لم يُحتفَ به رسميًّا وشعبيًّا لكونه غير مسلم، قلت ربما ولم
أجزم. للمقارنة، انظروا كيف احتُفِي الصيف الفارط وعن استحقاق في تونس بالكاتب
الجزائري المسلم يسمينة خضراء.
في كتابه
"اختلال العالم"، أمين معلوف نفسُه تناول بالنقد مبدأ "الكيل
بمكيالَين" سواء صدر عن الغربيين، إخوانه في الدين والثقافة واللغة، أو عن العرب،
إخوانه في العِرق والثقافة واللغة أيضًا.
إمضائي:
أعترف أن لا هدف لي مسبقًا ومحدّدًا من وراء الكتابة والنشر سوى المتعة
الفكرية في فترة التقاعد وتحلية مرارة انتظار الأجل كما قال الفيلسوف أبو نواس.
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها
إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران خليل جبران)
تاريخ أول نشر على صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 1 أكتوبر 2023.
تعليق شوقي بن حسن، صديق فيسبوكي:
لا دخل لديانته في الأمر فادوارد سعيد غير مسلم مثله ولكن انتصاره لقضايا الأمة العربية جعلته في قلوب أبنائها حتى وإن لم ترض عنه الأنظمة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire