هم افتكوه في تالة والڤصرين وسيدي بوزيد وحي التضامن وانتهى. لم
ينتظروا رأي المثقفين ولا رأيي في الموضوع. والمثقف حسب رأيي لم يُنصِّب يومًا نفسه وصيًّا عليهم
ولا واعظًا لهم لأنه ببساطة مهمش مثلهم وخاصة إن كان من صِنف المثقفين الفقراء
المهمّشين أمثالي.
لا يوجد عندنا في تونس طبقة بورجوازية ولا طبقة بروليتارية ولا
طبقة متوسطة، لأن الطبقة تُعرّف بوعيها الطبقي ونحن-والحمد لله الذي لا يُحمد على
مكروه سواه- لا وجود لوعي طبقي عند أغنيائنا ولا عند متوسطي الحال منّا ولا عند
عمالنا. عندنا أغنياء (رجال الأعمال والتجار الكبار، إلخ.) وفقراء (العمال بالفكر
والساعد في القطاع العام والخاص والمعطلين عن العمل) وبينهما متوسطي الحال من
أصحاب المهن الحرة (محامون، أطباء ومهندسون خواص، إلخ.) ومن خدمِ السلطان الكبار
(نواب ومديرين ومديرين عامين وقضاة، إلخ.).
يبدو لي أنه لا يحق أخلاقيا لسارق كبير أن يلوم سارقا
صغيرًا على ما سرق. أغنياؤنا جلهم فاسدون راشون ومرتشون. أما أنا وأمثالي
الفقراء فلسنا سراقًا والحمد لله ولا فسادًا ولا راشين ولا مرتشين. أنا فقير مثل
فقراء تالة والڤصرين فمن حقي إذن أن أبدِي رأيي في إخواني بمحبة ولطف ومودة دون
خلفيات ولا عُقَد وأقول الآتي:
- يقول في الفيسبوك علنًا بعض المناضلين السياسيين الماركسيين التونسيين
الذين لا أشك في أهدافهم النبيلة لكنني أشك ثم أشك في وسائلهم لتحقيقها: "ليس
للعمال ما يخسرون سوى أغلالهم". لا يا أسيادي النزهاء الصادقون، فلو قامت
حربٌ أهلية-لا قدّر الله-فسيخسر العمال حياتهم وحياة أبنائهم وانظروا وعُوا وإذا
وعيتم فاتعظوا، انظروا إلى الحروب الأهلية في سوريا والعراق وليبيا واليمن
والصومال والسودان. مَن مات فيها يا تُرى ؟ مات الفقراء منّا بالملايين، هم وقود
الحرب والخاسر الوحيد فيها. تمعنوا في نوعية المهاجرين العرب إلى أوروبا، هم
متوسطي الحال (أطباء ومهندسون، إلخ.) الذين يقدَرون على دفع مبلغ 15 ألف أورو (ما
يفوق 30 ألف دينار تونسي) للمهرّبين المحترفين، أما أغنياء سوريا فلم يمسَسْهم
سوءٌ، فقط غيروا مكان إقامتهم وسوق تجارتهم من سوريا إلى تركيا والأردن والإمارات
وهم مرحَّبٌ بهم في "بلدهم التاني". مَن لم يخسر إذن، الفقراء أم الأغنياء
؟ أنا يا أسيادي فقيرٌ وعندي ما أخاف عليه، أخاف أن أخسر عملي أو مرتبي أو حريتي
أو كرامتي أو رجولتي أو سلامتي الجسدية أو زوجتي أو أحد أبنائي أو ابنتي (من
ألطاف الله أن ابنتي الوحيدة عبير تُقيم خارج أرض المسلمين، تعيش في كندا مع زوجها
وحفيدتي سلمى) أو
أحد إخوتي أو إحدى أخواتي أو أحد أقاربي أو إحدى قريباتي أو أحد جيراني أو إحدى
جاراتي أو أحد أصدقائي أو إحدى صديقاتي أو بيتي أو حاسوبي أو فيسبوكي أو كتبي أو
مقهايَ أو عَطّاري وهم أغلى عندي من ثروات الأغنياء مجمّعة، فإن خسرتُ واحدا منهم
فكأنني خسرتُ الدنيا جميعا، أخاف من الحرب الأهلية، والله أخاف، بصدقٍ أخاف، فكيف
أحرّض عليها أحبابي وأحباب الله الفقراء ! لا وربّ الكعبة، لا وألف لا، فما لا
أرتضيه لنفسي لا ولن أرتضيه لغيري. "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب
لنفسه" قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ 14 قرنًا.
- أما الحق الطبيعي وهو لأنه طبيعي فهو أقرب للحيوانية منه للإنسانية، لذالك أرى عكس ما يراه بعض الآخرين، أرى أنه من مصلحتنا وواجبنا أن نتخلى عنه نهائيا لفائدة عقد اجتماعي
(Le contrat social de Rousseau)
ولفائدة ديمقراطية اجتماعية
تشاركية (La démocratie sociale et participative) على النمط
الديمقراطي-الاشتراكي الأسكندنافي حيث المواطن والمسؤول السياسي يخافان ربهما
بالفعل لا بالقول (مثل ما هو سائد عندنا). وإن أصرّيتم وألححتم على افتكاك قُوتِكم
بالعنف ونهبتم مؤسساتكم وأسقطتم أسُسَ دولتكم فلن تجدوا مُشغِّلا يشغلكم ولا معلّمًا
يعلّم أولادَكم ولا طبيبًا يداويكم ولا مستشفى يعالج مرضاكم أو سْتَاڤًا (STEG) تُضوّيكم أو سونادًا (SONEDE) تَسقيكم، بل ستجدوا خلفكم
وأمامكم، أمراء حربٍ بالسلاح يسوسونكم وبالنعال يدوسونكم . "خافوا على بلدكم
يا مصريين"، قالها الفاشي السيسي زورًا وبُهتانَا، أما أنا فأقولها حبًّا
وعِرفانَا، حبًّا لأهلي التْوانْسَه جملة وتفصيلا وعِرفانَا بالجميل لوطنٍ ليس لي
ولا أريدُ أن يكون لي وطنٌ غيره.
- لو تحاربنا -لا قدّر الله- وقتل الواحدُ منّا ابنَ فصيلته الإنسان،
لَنزلنا تحت الحيوانية درجات وقامت الحربُ العمياءُ، حربُ الكُلِّ ضد الكُلِّ،
حربٌ لا تفرّق بين العامل ورجل الأعمال ولا بين الحاكم والمحكوم ولا بين المسلم
والكافر. هل تعلمون يا سادتي يا كرام أن الحيوانَ لا يفترس ابن فصيلَتِه ؟ هل
رأيتم يومًا أسدًا يفترس أسدًا أو غزالة تقضم غزالة أو نباتا أخضر يتغذى من نباتٍ أخضر
مثله ؟ أنا لم أرَ ! فالأسد إذن يمتلك وعيًا غريزيا بفصيلته (La conscience de l`espèce) . أليسَ الحيوانُ
أفضلَ من بعض بني الإنسان ؟ الإنسانِ الذي لا يمتلك وعيًا غريزيا بفصيلته هو أقل من
العامل الذي لا يمتلك وعيًا طبقيًّا بطبقته !
إمضائي
يطلب الداعية
السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج
العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي
عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل
مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف
اللفظي.
Ma devise principale : Faire avec les
conceptions non scientifiques (elles ne sont pas fausses car elles offrent pour
ceux qui y croient un système d`explication qui marche), faire avec pour aller
contre ces mêmes conceptions et simultanément aider les autres à
auto-construire leurs propres conceptions scientifiques
Mon public-cible: les gens du micro-pouvoir (Foucault) comme les enseignants,
les policiers, les artisans, les médecins, les infirmiers, les employés de la
fonction publique, etc.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 28 جانفي 2016.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire