lundi 1 novembre 2021

التخلف في تونس: هل هو نِتاجُ عقليتنا "المتخلفة" أمْ نِتاجُ عدم تطبيق القانون ؟ مواطن العالَم

 


سؤالٌ معقدٌ والجواب عليه ليس بالهيّنِ ! سأحاول وأجرِي على الله، محاولة شخصية انطباعية محدودة، غير معمقة وغير أكاديمية.

لو سلّمنا جدلاً -كما يعتقد الكثيرون- أن المسألة مسألة عقلية عربية-إسلامية "متخلفة" لا غير، فإنني أرى نفسي عاجزًا على إيجاد أجوبة مقنعة على  مجموعة من الأسئلة التي تؤرقني فكريًّا:

-         لماذا تتغير عقلية العامل التونسي المهاجر بمجرّد تغيير مكان إقامته في عطلته السنوية بين فرنسا وتونس مثلاً ؟

العامل التونسي المهاجر يقيم إحدَى عشرَ شهرًا في فرنسا وهو يحترم قانون الطرقات ويربط حزام الأمان (90 أورو أي 300 دينار لكل راكبٍ مخالفٍ) ويصل إلى مقر عمله في الوقت ويغادره أيضًا في الوقت ويدفع الضرائب كل عام... إلخ. شهرٌ واحدٌ يقضيه في تونس: هل يطبق عُشر ما يطبقه في فرنسا ؟

 

-         لماذا تتغير عقلية المستثمر الفرنسي بمجرّد تغيير مكان استثماره، من فرنسا إلى تونس مثلاً ؟

في بلاده فرنسا، بلاد القانون، يحترم المستثمر الفرنسي قانون الشغل ويشرّك النقابة الأساسية في تسيير شؤون العمّال ويحترم البيئة ويدفع الضرائب صاغِرًا... إلخ.

في تونس: أول ما يستقر، يحاول المستثمر الفرنسي التخلص من النقابيين القاعديين النزهاء الصادقين، ويحاول شراءَ ذِمَمَ متفقدي الشغل وذِمَمَ بعض الانتهازيين من المسؤولين السياسيين والنقابيين المحليين والجهويين، ويلوّثُ البيئة (خليج ڤابس مثالاً) دون رقيبٍ أو حسيبٍ ويربح من استثماره في تونس خارج القانون أكثر مما كان يربحه في فرنسا في إطار القانون ويدفع أجرًا لعماله التونسيين أقل بكثير مما كان يدفعه لعماله في فرنسا ويُعفَى من الضرائب في تونس بدعوى نقل التكنولوجيا وهو لم ينقل لنا شيئًا غير الاستغلال الفاحش والأمراض المستعصية (سرطان وأمراض صدرية)... إلخ.

-         المواطن العربي المسلم المقيم في الغرب بعقليته العربية-الإسلامية "المتخلفة"، لماذا نجح في الغرب في المشاركة الفعّالة في إنتاج المعرفة الحديثة وبناء الثقافة والعلم والتكنولوجيا ؟

-         لماذا نهضت ماليزيا وتركيا بعقلية إسلامية  "متخلفة" ؟

من أسباب نهضة ماليزيا، أسوق لكم مثالاً واحدًا فقط: مَخاتير محمد، باني إقلاعها، استعان بشركة أجنبية لمدة معينة من أجل تنظيف حدود البلاد من التهريب والفساد ثم انطلق على أرضٍ صلبةٍ ولم يتهمه أحدٌ باللاوطنية.

-         لماذا نهضت الهند رغم تعدد الأديان والعقليات ؟

-         هل عقلية المسؤول الغربي أرقَى وأفضلَ من عقلية المسؤول العربي ؟

لو كانت كذلك لَما اغتُصِبت فلسطين وجُوّع أطفال العراق وقُصِفت ليبيا وسوريا بالقنابل المحرّمة دوليّا.

 

خاتمة: يبدو لي أن القانون هو نتاجُ ذكاءٍ جمعيٍّ لذلك وجب تطبيقه حرفيّاً على الجميع ويجب التعويلُ عليه من أجل النهوض ببلداننا العربية عوض تضييع الوقت في جلدِ عقليتنا العربية-الإسلامية "المتخلفة"، جلدٍ ذاتيٍّ دون وجهِ حق، جلدٍ دون جدوى.

من حسن حظنا وحظ البشرية جمعاء أن تركيبة المخ البشري وقدرته المحتملة على الإبداع والابتكار، شيئان لا يختلفان عند الولادة سواء عند المواطن العربي أو المواطن الغربي ومع كل مولودٍ جديدٍ يولَدُ في ربوعِنا أملٌ جديدٌ.

 

إمضائي

يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا واقتداء بالمنهج العلمي أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.

لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد لا بالعنف اللفظي.

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

 

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 3 نوفمبر 2016.

 

 

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire