vendredi 10 avril 2020

أعيدُ نشرَ المقال الذي أثار ضدي سخط كل رفاقي اليساريين وجعلهم ييئسون نهائيا من توبتي والرجوع إلى ماركس. مواطن العالَم



إضافة بتاريخ 11 أفريل 2020: أيها المتابع لمقالاتي، صباح النور، لو لبستَ نظارات علميّة سوف ترى مقالي هذا مقالاً تربويًّا تقدميًّا، ولو لبستَ نظارات ماركسية فسوف تراه مقالاً دينيًّا غارقًا في الرجعية "للعنكوش"! والخِيارُ لك أيها القارئ (mon article le plus partagé depuis 2008, au moins 540 partages)

إليكم النص الأصلي دون تعديلٍ أو إضافةٍ تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 8 فيفري 2019):
انتصارًا للعِلمِ اختصاصِي وليس انتصارًا للإسلامِ دينِي، ولكلّ مقامٍ مقالٌ؟ مواطن العالَم
يخافون على الصغار من التعليم الديني في بلاد مسلمة بنسبة 99%.
مَن هُمْ؟
هم رفاقي اليساريون الستالينيون والأقربون إليهم الحداثيون ولائكيّو فرنسا المناوئون للدين عمومًا الذين، كُرهُهم الإيديولوجي للنهضاويين القاعديين (لم أقل للإسلام) أعماهم عن المنطقِ (لا تعنيني قيادة النهضة).
أقول لهم ما يلي:
1.     المدرسة السلوكية (Le béhaviorisme de Pavlov, Watson et Skinner) ترى أن الطفلَ إناءٌ فارغٌ يملؤه المعلم بما يشاء، صفحةٌ بيضاءُ يَكتب عليها ما يريد، صلصالٌ يشكّله حسب هواه.
2.     الطفلُ يا سادتي، يا مؤمنون بحرية الضمير والمعتقد، الطفلُ ذاتٌ حرةٌ مستقلةٌ تَملأ نفسَها بما تشاء، صفحةٌ بيضاءُ تَكتب على نفسها ما تريد، مخٌّ صلصالٌ غير مكتمل الوصلات العصبية المجهرية الوظيفية (La plasticité cérébrale) يتشكل حسب هوى صاحبه متفاعلاً مع محيطه، أقرانِه ومعلّمِه 
(L`épigenèse cérébrale).
هكذا قال زارادُشتْ أو تهيّأ لي أنه قالَ (عِلم الديداكتيك أو فلسفة التعلم أو إبسمولوجيا التعليم بكل أنواعه، فروعه وتفرّعاته) وهكذا قالت المدرسة البنائية (Le constructivisme de Montessori et Piaget) على عكس ما قالت زميلتها البافلوفية، قالت: يبني التلميذ معرفته بنفسه متفاعلاً مع محيطه، أقرانه ومعلمه (Le socioconstructivisme de Vygotsky).
3.     على سبيل الذكر لا الحصر أذكّركم ببعض الاستثناءات ولا أهدف البتّة إلى إقناعكم بل أطمح فقط إلى التخفيف من تعصبكم ضد أبناء وطنكم. ستقولون لي "الشاذ يُحفظ ولا يقاس عليه" وأنا لا أطالبكم إلا بحفظ ما سأقول، أي تصونوه مِنَ الضَّيَاعِ وَالتَّلَفِ، أن لا تُدخِلوا أبناءَكم مدارسَ دينية وتُعلموهم في مدارسَ عَلمانية فلن يضمن لكم صنيعكم هذا أن أبناءَكم سيتخرّجون عَلمانيين:
-         مئات الدواعش الفرنسيين  في سوريا المولودين في باريس وليونْ من الجيل الثاني دَرَسوا في المدارس الفرنسية العلمانية ولا يَحفَظونَ من القرآن إلا الفاتحةَ وقُلْ هو الله أحد الله الصمد.
-         مئات آلاف الدواعش السوريين دَرَسوا في المدارسَ السوريةَ الحديثةَ الشبه علمانية.
-         آلاف الدواعش التونسيينَ في سوريا دَرَسوا في المدارسَ التونسيةَ الحديثةَ الشبه علمانية.
-         أكبر مَن أجرموا في حق الإنسانية في الحرب العالمية الثانية (60 مليون قتيل) دَرَسوا في مدارسَ علمانية: سياسيو وعسكريو المحور (هتلر، موسولوني، هيروهيتو، إلخ.) وخصومهم الحلفاء (ستالين، إيزنهاور، شرشل، ديڤول) وعلماء الجهتين مصمِّمو القنبلة الذرية والأسلحة الكيميائية والألغام الشخصية وتسميم الغابات والبحر والتربة والجو. دول الحلفاء كانت تحارب دول المحور، والاثنان يتسابقان في احتلال دول العالم الثالث.
4.     في المقابل، إن الذين لم يُدخِلوا أبناءَهم مدارسَ علمانية وعلّموهم في مدارسَ دينية لم يضمن لهم صنيعهم ذلك أن أبناءهم تخرّجوا متدينين:
-         العالِم الشهير داروين صاحب نظرية التطور المناقضة لنظرية الخلق في الإنجيل دَرَسَ في مدرسة دينية.
-         الفيلسوف هيڤل دَرَسَ العالي في مدرسة دينية، كانوا يُعِدّونه ليصبح قِسًّا فأصبح أكبر فيلسوف لتاريخ الفلسفة وخاتم الفلاسفة وقد صدق في ادّعائه. لم أقرأ هيڤل، كلمتين حفظتهم أمس مساءً في مقهى الأمازونيا من صديقي فيلسوف حمام الشط لكي لا أقول على هيڤل خطأً!
-         مندال، مؤسس علم الوراثة هو قس مسيحي.
-         حسين مروة أكبر مُنظِّر في الحزب الشيوعي اللبناني وكاتب كتاب "النزعات المادية في الإسلام" دَرَسَ  14 عامًا في الحزوة الشيعية في النجف في العراق.
-         طه حسين والطهطاوي، رموز النهضة العربية العقلانية، دَرَسا في جامع الأزهر.
-         الطاهر الحداد محرر المرأة التونسية دَرَسَ في جامع الزيتونة.

خلاصة القول: مقولةُ "غسل الدماغ" مقولةٌ فيها مبالغة: المخ ليس صحنًا نغسل بالصابون ما علق به من دهون، المخ عشرة مليارات خلية عصبية. كل خلية قادرة على أن تُقيم مع جاراتها عشرة آلاف وصلة عصبية أي ما يُقدّر مجموعه بمليون مليار علاقة عصبية في المخ بين خلية وأخرى. علاقات تتشكل طيلة العمر كله حسب التجربة التي يمر بها كل شخصٍ على حِده 
(L`épigenèse cérébrale)
وصلات عصبية غير قارّة (La plasticité cérébrale) ولا أحد يستطيع التنبّؤ بكيفية تشكلها في كل ثانية من جديد، تتشكل بالتفاعل مع ثلاثين ألف جينة داخل نواة كل خلية (ADN) ومع المحيط الخلوي الداخلي ومع المحيط الخارجي بكل مكوّناته المتعددة والمتحركة وهذه الأخيرة غير معروف اتجاه حركتها مسبقًا. المخ البشري عالَمٌ معقدٌ جدًّا، عجز العلم عن كشف جل ميكانيزماته وأعمق أسراره 
(ses mécanismes et ses mystères)، 
ولا أعْتَى  حاسوب في "سيليكون فالِي" أمريكا أو الصين يَقدر على مراقبة تفاعلاته الفيزيائية-الكيميائية أو قيس ذبذباته الكهرو-مغناطيسية، لا يَقدر عليه إلا الخالق الذي أبدعه و"ما أوتيتم من العلم إلا قليلا"!

خاتمة: أنا أدينُ وبشدة كل تجاوزٍ يقع على الأطفال وفي أي مكان في تونس أو في العالَم، الرڤاب أو غيرها، وإذا ثبتت التهمة على المتهمين في قضية المدرسة القرآنية بالرڤاب فأنا أطالب بتسليط أشد العقاب عليهم هم وعلى مسؤولي الطفولة المحليين والجهويين والوطنيين ولا تنسوا أمثالهم السياسيين والإداريين.
لي طلبٌ آخرَ ولو أنني أثقلتُ عليكم زملائي البيداغوجيين ورفاقي اليساريين والحداثيين ولائكيِّ فرنسا: لا تنسوا أن تتفقدوا ما يحدث من تجاوزات مماثلة أو أفظعَ  في مهرجانات الأولياء الصالحين (الله ينفعنا ببركاتهم) والروضات ونوادي الأطفال والمبيتات التلمذية والرحلات المدرسية بأكثر من يوم وإقامات المصائف والجولات المطوّلة وغرف ملابس الصغار في ملاعب الكرة والمخيمات الكشفية والمراكز المندمجة (قُرَى أطفال بورڤيبة سابقًا)، إلخ. هذا لا يعني تمييعًا لجريمة الرڤاب وليس تبريرًا لها ولا تخفيفًا بأي شكلٍ من الأشكالِ.

لماذا كتبتُ هذا المقال؟: هو مواصلة لنقاش في مقهى الشيحي وليس ردّا أو استفزازًا لأحد. لقد تناولتُ الموضوع من جانب علمي ديداكتيكي (فلسفة التعلّم، تعلّم القرآن أو غيره من المواد) وليس من جانب عاطفي ديني وإن لم تصدّقوني فـ"اجعلكم لا صدّقتم"! لكي أكتبَ يكفي أن أصدّقَ نفسي وأرضِي ضميري وبَسْ. ولو سألوني أين ستُعلِّم ابنك؟ سأجيبُ كالآتي، مع العلم أنني لستُ نهضاويًّا ولن أكون ولا جبهاويًّا ولن أكون أيضًا. أنا مسلم يساري، يسار ما قبل ماركس، علماني على الطريقة الأنڤلوساكسونية غير المناوئة للدين عمومًا والحمد لله على ما أعطاني:
-         قبل المدرسة أدخِله كُتّاباً (3-6) لا يُحفَّظ فيه إلا القرآن ودون تفسيرٍ، درسٌ أعتبره علميًّا حمّامًا لغويًّا (Un bain linguistique) يتعلم فيه الفصحى والنطق السليم للحروف مثلما تعلمتهما أنا في "خَلوة" جمنة في الخمسينيات عند "المِدِّبْ" محمود، الله يرحمه.
-         في التعليم العمومي الأساسي (6-15) يتعلم المواد الأخرى ويتعلم القرآنَ والتفسيرَ والحديثَ والشرحَ في التربية الإسلامية.
-         في التعليم العمومي الثانوي (15-19)، علمي أو أدبي،  يتعلم الفقهَ والتفكيرَ الإسلامي.
-         في التعليم العمومي العالي (19-22) ، علمي أو أدبي،  يتعلم الدينَ المقارنَ اختصاص علي شريعتي (قال عنه سارتر الفيلسوف الوجودي الملحد: لو قررتُ يومًا أن أختارَ دينًا لاخترتُ دينَ صديقي علي شريعتي، أي الإسلام) ويتعلم أنتروبولوجيا الأديان اختصاص جاكلين الشابي.
-         يحق لكل مواطن تونسي مسلم غير يساري وغير علماني أن يُدخِلَ ابنه مدرسة علمانية أو يُدخِلَه مدرسة دينية من الكتّاب إلى الجامعة وليس ضروريًّا أن يعلّمه غير علوم الدين وهذا النوع الأخير من التعليم الديني موجود وبكثرة في الدول العلمانية المسيحية والدولة العلمانية اليهودية مغتصبة فلسطين.

جائزة مالية لمَن يرغبُ: من سوء حظي أنّ لي في حمام الشط صديقٌ بْرُونهضاويٌّ واحدٌ لا غير، فقيرٌ أكثر من حالتي، قال لي أنه ليس منخرطًا وبصدقٍ صدّقته. لكن من حسن حظي أن للنهضة جواسيسٌ في كل مكان، اتصل بي شخصيًّا واحدٌ منهم ودفع لي في هذا المقال 1184 دينار (1184 كلمة، دينار على كل كلمة).
عزيزي الانتهازي، إذا كان لك قلمٌ مرتزقٌ أفضلَ من قلمي فالسعرُ قابلٌ للمضاعفة وقد يصلُ ثمن الكلمة الواحدة إلى 1 أورو أو عُمرة إلى مكة مدينة الملائكة أو سفرة إلى باريس مدينة الشياطين!

إمضاء مواطن العالَم
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ كما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle individuelle).
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire