خلال سنوات إعدادي للماجستير والدكتورا في اختصاص علم ديداكتيك
البيولوجيا، تحت إشراف مزدوج بين جامعة تونس وجامعة كلود برنار ليون1 (1998-2007)،
كنتُ أسافر تقريبا مرة كل سنة إلى مدينة ليون بفرنسا لإتمام البحوث تحت إدارة مؤطّري الفرنسي د.
بيير كليمان (Pierre Clément).
كانت منظمة
"Égide" الفرنسية تمنحني إعانة
إقامة نصف شهر بـ500 أورو (ما يقارب حينها 1000 دينار تونسي)، مصاريف الأكل
والنزل.
كنتُ أقتصد كثيرا حتى أرجع بهدايا لزوجتي وأولادي
الثلاثة (شكلاطة ولُعب وملابس جميلة). كنتُ أقيمُ في نزل متواضع جدا لا تفوق فيه
الليلة 6 أورو، أما الأكل فهو موضوع قصتنا.
كنتُ أحملُ معي كمية معتبرة من "البسيسة" لأن الأكل عند "كسكروتاجي" تركي أو جزائري في ليون كان غاليا ("كسكروت شوارمة"،
عند التركي النظيف بـ5 أورو، وعند الجزائري الأقل نظافة 3،5 أورو، كنتُ أميل إلى الأنظف رغم غلاء السعر). كنتُ
أقتصر على "كسكروت" واحد في اليوم وعادة ما يكون مساءً عند الرجوع من
الجامعة على الساعة الثامنة ليلاً. أما وجبة غدائي فهي عبارة عن كأس بسيسة
لونها غامق (un bol de bsissa noire tous les jours)، وكنتُ -لِـرِبحِ الوقت- أتناوله
في المخبر أمام أنظار الجميع، طلبة تونسيين وفرنسيين. وفي مرة من المرات، لم تصبر
طالبة فرنسية جميلة، هزّتها الحيرة (la
curiosité)، التفتت إلى
زميلي التونسي وبادرته بالسؤال التالي: "ما هذا.. هذا الشيء الأسود الذي يأكله صاحبك كل يوم؟ (C’est quoi cette chose noire que ton camarade mange
tous les jours ).
إمضائي:
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ
والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر"
(جبران)
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"لا أقصدُ
فرضَ رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى،
وعلى كل مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ" محمد
كشكار
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 21 جوان 2020.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire