mercredi 17 juin 2020

هل الحكّام في كل دول العالَم، هم من طينة البشر، حتى نطالبهم بحقوقنا بطرق بشرية؟ عن مكيافيلي، نقل وتعليق مواطن العالَم



المصدر: مجلة كتابات معاصرة، عدد 83، المجلد 21 (شباط - آذار 2012)، ص 39-43، مقال د. خالد البحري بعنوان "ذئب مكيافيلي المنسي، الحاكم تلميذ القنطور ومريده [نص غير منشور لجاك داريدا]". تونس.

تاريخ مفردة "القنطور" الواردة بعنوان مقال د. خالد البحري، حسب نص جاك داريدا، ص 41 من نفس عدد المجلة:
يجب على الأمير الإنساني أن يتصرف كما لو كان حيوانا. (. . . ). وهذا ما نصح به قدماء الكتّاب الحكماء في الماضي، مستشهدين بأخيل وغيره من الأمراء الأقدمين الذين عهد بهم إلى شيرون القنطور الخرافي (حيوان) لتربيتهم و تعليمهم على نظامه. وهذا الرمز الخرافي، نصف الإنسان ونصف الحيوان قصد منه أن يشير إلى أن الأمير يجب أن يتعلم الطبيعتين الإنسانية والحيوانية وإنّ إحداهما لا يمكن أن تعيش دون الأخرى.
ودون أن يشدد كثيرا كثيرا على الجزء الإنساني من هذا الأمير القنطوري، من هذا الملك تلميذ القنطور ومريده، على هذا الجزء الإنساني الذي يجب أن يكون في الوقت نفسه إنسانا وحيوانا، فإن مكيافيلي يفضّل أن يبيّن ضرورة هذا الجزء الحيواني بأن يكون هو نفسه هجينا ومركّبا وخليطا أو مطعّما من حيوانين اثنين هما الأسد والثعلب. إنه ليس حيوانا واحدا، فقط، وإنّما هو حيوانان اثنان في حيوان واحد (. . . ). "إذ أن الأسد لا يستطيع حماية نفسه من الأشراك، والثعلب لا يتمكن من الدفاع عن نفسه أمام الذئاب. ولذا يتحتّم عليه أن يكون ثعلبا ليميّز الفخاخ وأسدا ليرهب الذئاب. وكل مَن يرغب في أن يكون أسدا ليس إلا، لا يفهم هذا (. . .). ها هنا، العدو اللدود يكون دائما ذئبا. الذئب هو الحيوان المطارد والمصدود والمردوع والمقاتل. يتعلّق الأمر بـ"اتقاء الذئاب". إذا كان الأسد منفردا لا يكفي لذلك، أي لإرهاب الذئاب و"ترويعهم" فمن الضروري مع ذلك، وبفضل حنكة الثعلب ولأجل إرهاب الذئاب و"ترويعهم"، إرهاب الإرهابيين، مثلما قال بسكوا في عهده (إضافة م. ع.: و كما فعلت أمريكا في حروبها الاستباقية العدوانية المائتين تقريبا منذ تأسيسها) بمعنى إلقاء الرعب في القلوب، إلقاء يكون مريعا كثيرا كثيرا كمونيا ومخيفا شديدا شديدا ومرعبا جدا جدا وخارجا عن القانون وفيرا وفيرا شأن الذئاب بوصفها رموز العنف الوحشي.

تعليق م. ع.:
فكيف إذن يا رفاقي في مظاهرات 17-14 وبعدها، تطلبون منى أن أكون في الصفوف الأمامية وأواجه الجزء الحيواني الذئبي من الحكم المتجسم في فرق التدخل (البوب، حتى اسمهم وَحْدُو إخوّف)، أنا إنسان ولست حيوانا مثلهم خاصة أثناء أداء مهمتهم القمعية الوحشية. بعد قراءة هذا المقال أود رفع الشعار التالي يوما في مظاهرة قادمة في وجه البوليس: "أنا إنسان ولست حيوانا، فسيطِر عليَّ إذن إن رغبت في السيطرة، لكن أرجوك هيمِن عليَّ بالقانون في أضعف الإيمان، وليس بالقوة إن لم تكفك الهيمنة بالعقل ولم يرضك الحكم بسيادته وريادته (العقل)". مع الإشارة إلى أنني لا أنفي على نفسي ولا على البشر بصفة عامة، تواجد الجزء الحيواني فيَّ وفيهم، أسدا كان أو ذئبا أو ثعلبا أو نعجة. لكنني وفي نفس الوقت أسعى دوما صادقا بكل جهدي أن أغلّب الجزء الإنساني فيَّ على الجزء الحيواني.

نص د. خالد البحري، ص 39:
إذا كان القانون يمثل "خاصة الإنسان" (نص جاك داريدا ص 41 ، يفسر كلمة "خاصة الإنسان": إن القتال بواسطة القوانين [إذا حسب الوفاء بالوعود والعهود، من أمير أمين ومحترم للقوانين، وقلة هم الأمراء الذين يوفون بوعودهم، وقلة هم الذين يحترمون تعهّداتهم أو التزاماتهم ومعظمهم أو جلّهم يستعملون الحيلة، وهم تقريبا يحتالون دائما على تعهّداتهم لأنهم مضطرّون فعلا إلى ذلك اضطرارا.]، كما قال مكيافيلي، هو خاصة الإنسان. هذه الكلمات [خاصة الإنسان]، وهي حجة كانطية من حيث المبدأ، هي على نحو ما: لا تكذب، واجب عدم الكذب وعدم الحنث، تلك هي خاصة الإنسان وكرامته، فإن مكيافيلي يبدو بذلك متجاوزا للتقليد الفلسفي الذي اعتبر امتلاك الإنسانية للعقل يسمح لها، خلافا للحيوانات، بأن تعيش في مجموعة منظمة بالقانون وليس بالقوة. وإذا سلّمنا أن القانون هو فعلا خاصة الإنسان، فإنه لا يعني -لدى مكيافيلي- حكم العقل وسيادته وإنما هو وسيلة للسيطرة الخاصة على البشر، أما القوة فهي وسيلة للهيمنة  والسيطرة الخاصة على الحيوانات، أي أن العقل لا يرجّح بين الحيوانات وإنما القوة هي التي تغلّب. هاهنا أيضا يقطع مكيافيلي مع التقليد الفلسفي الأخلاقي الذي يرفع من شأن الحياة العقلية، الخاصة بالإنسان، ضد الحياة الحيوانية المحكومة بالقوة. لكن مكيافيلي يدعو الأمير إلى استخدام القوة لأنه بمقتضى هذا الشرط يحفظ دولته ويصونها من كيد الأعداء.

رأيان وجيهان لنيكولو مكيافيلي ولكارل ماركس حول مبدأ "فصل السلطات" لمونتسكيو، الأول استباقي ومناقض والثاني بَعْدي ونقدي ومناقض أيضا (العنوان، فقط، لهذه الفقرة، هو من تأليفي أنا م. ع.، أما النص التالي أسفله فلصاحبه د. خالد البحري، ص 40):
والدرس الذي نستخلصه من تحليل مكيافيلي هو أن الممارسة السياسية لرجل الدولة يجب أن تخضع لأمر واحد يتمثل في تأمين بقاء الدولة ولذلك فهو يقطع مع التقليد القديم معتبرا القانون أداة للسيطرة والتحكم. والأحكام العادلة والمتطابقة مع القانون، من قبل محاكم مستقلة عن السلطة السياسية التي تحترم إذن فصل السلطات، لا تشكل حدا لسلطة الملك وإنما على العكس وسيلة ناجعة لبسط نفوذه.
وتبعا لذلك يبدو  أن مكيافيلي قد استبق تحليلات ماركس للمؤسسات الديمقراطية التي لا تتعارض مع سيطرة الطبقة المالكة للسلطة الحقيقية، أي السلطة البرجوازية، وإنما تستعمل، على العكس، مصالحها لإخضاع بقية أفراد المجتمع تحت قناع العدالة.

الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي أو بالحيلة، لأن الحيلة تُعتبر عنفا غير مباشر ومقنّعا.

تاريخ أول نشر على مدونتي و صفحاتي الفيسبوكية: حمام الشط في 10 فيفري 2013.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire