lundi 7 octobre 2019

لأنني يساري غير ماركسي، أطالبُ بحل الأحزاب الماركسية ("البوكت" و"الوطد الموحَّد")، وأطالبُ أيضًا بعدم منح تأشيرة في المستقبل للأحزاب ذات المرجعية "الماركسية السياسية" في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية. مواطن العالَم




-         وهل "البوكت" و"الوطد الموحَّد" أحزابٌ ماركسيةٌ؟
-         لو لم تكن كذلك، فلتعلِنْ على الملأ أنها ليست كذلك، وتتخلى نهائيًّا عن مرجعيتها الوحيدة، أعني بها "الماركسية السياسية"، كما فعلتُ أنا وفَعَلَ جُلُّ المثقفين الماركسيين في العالَم.
-         ماذا تقصد بـ"الماركسية السياسية"؟
-         أقصد بها ( Le modèle marxiste politique pure et dure qui a été pratiqué par Lénine, Staline et Mao)، والذي ينص تنظيرًا وتطبيقًا على: إلغاء الديمقراطية البورجوازية التمثيلية لمونتسكيو (أنا معهم)، إلغاء الديمقراطية الشعبية المباشرة أو التشاركية لروسّو (أنا ضدهم)، إلغاء المِلكية الخاصة (أنا مع إلغاء الملكية الكبيرة المرتكزة على استغلال العامل المنتج واستلاب المستهلك، والحفاظ على الملكية العائلية الحِرفِيّة الصغيرة الخالية من استغلال البشر للبشر مثل صغار الفلاحين والتجار والحِرَفِيين).
أما الباقي الآتي كله فأنا ضده: إلغاء الدولة تدريجيًّا عند لينين فقط، التربية على الإلحاد ومنع التربية الدينية، إلغاء التعددية الحزبية، إلغاء التداول السلمي على السلطة بين الفرقاء السياسيين، إلغاء حرية الصحافة، تركيز الديمقراطية المركزية (من القمة إلى القاعدة - عارضتْ فكرتَه في حينها المُنظِّرة الماركسية الألمانية العظيمة روزا لوكسمبورغ، ولهذا السبب أحبها)، تركيز ديكتاتورية طبقة البروليتاريا على باقي الطبقات (بقيت شعارًا ولم يطبقها أي زعيم من الثلاثة بل طبقوا مكانها ديكتاتورية قيادة الحزب الشيوعي الأوحد، لقد مارس هذا اللعين ديكتاتوريتَه على قواعده نفسها وعلى كل الطبقات الأخرى بما فيهم طبقة البروليتاريا التي انتحل صِفتَها وسَرَقَ شرعيتَها وحَكَمَ انتهازيًّا باسمها، المسكينة المُهانة والمضطهدة في دول أوروبا الشرقية الاشتراكية أكثر ألف مرة من نظيراتها في دول أوروبا الغربية الرأسمالية الليبرالية).
-         وهل كل هذا الهَمْ الجائر من الممنوعات أو الكمْ الهائل من الإلغاءات موجودٌ بالفعل في "البوكت" و"الوطد الموحَّد"؟
-         لا طبعًا، ليس موجودًا بالفعل لكنه موجودٌ بالقوة (en puissance)، أي في أمخاخِ منتسبِيهِما، وإلا لماذا لا يتبرّؤون من "الماركسية السياسية" علنًا كما فعلتُ أنا وفَعَلَ جُلُّ المثقفين الماركسيين في العالَم؟ المصيبة أنهم يتبنّون فكريًّا شعارات الماركسية  وهم دون الزعماء الثلاثة شجاعة وجرأة وإقدامًا، يتبنّون ويتبنّنون لكنهم لا يجنون من ورائها إلا الفاصل وراء الفاصل بعد الصفر.
-         أوَ تسخر من ستالين الذي هزم هتلر وأنشأ المصانع والجامعات والطرقات؟
-         لا، أنا أسخر منكم أنتم.
-         تمجّده إذن؟
-         محمد كشكار يمجّد ستالين؟ أعوذ بالله، لم أمجّده في شبابي وأنا يساري ماركسي فكيف أمجّده الآن وأنا يساري غير ماركسي؟ لا.. لا.. لا  أمجّده بل أذَكِّرُ فقط بإنجازاته الاقتصادية العظيمة.
-         وهل هنالك فرق بين التمجيد وذكر الإنجازات العظيمة؟
-         نعم، هنالك فرق، لو كانت الإنجازات الاقتصادية تُغني عن الحرية المفقودة في عهده، لَما لُعِن ستالينْ، عوض المرة مرتينْ، في بلده الأصلي وفي البلدان أجمعينْ.
-         فهِّمنا يا سيدي.. لكن لا تنسى أن اليسار فكرة، والفكرة أكبر من التجربة ولا تسقط بسقوط جدار في برلين عام 1989.
-         صَحيح.. وما دام اليسار فكرة كما تدّعون وأنا بالفكرة أولى من أحزابكم الاثنين، فالفكرة لا تُسجَن في حزب أو حزبين، خاصة في مثل أحزابكم التعيسة، الأتعس من "مقهى الشيحي التعيسة التي لم تعد تعيسة"، والفكرة أيضًا لا يمكن أن تروم القعود في أمخاخٍ  منغلقة كالتي تحملونها فوق أكتافكم. الفكرة حرة أو لا تكون، واليسار قِيمٌ تضامنية أو لا يكون، قِيمٌ تجسمت في الدول الرأسمالية أكثر من تَجَسُّمِها في الدول الشيوعية،  قِيمٌ نجدها في "صندوق الضمان الاجتماعي الفرنسي" (La sécurité sociale)، في شركة سككها الحديدية، في تعليمها العمومي والمجاني، في اقتصادها الاجتماعي التضامني (12% من مجموع الاقتصاد الفرنسي). قد نجدها أيضًا عند نهضاوي أو قومي أو مستقل، عضو بـ"جمعية حماية واحات جمنة"، أو عضو بـ"جمعية إيثار الخيرية بجمنة"، أكثر مما نجدها عند طبيب من "البوكت" أو عند محامٍ من "الوطد الموحَّد"، الأول يتاجر بحاجة مواطن فقير للعلاج، والثاني بحاجته للعدالة. أحزابُكم أقفاصٌ من خشبْ، والفكرة عصفور من ذهبْ، والعصفور لا يُسجَن في قفصٍ، من خشبٍ كان أو ألماسٍ أو ذهبْ!

خاتمة: بِـفِكرِي وبِـعونِ الله، سوف أغلقُها دكاكينَكم، أحطّمها أقفاصَكم، وأحرِّرُها الفكرةَ من سجونِ أمخاخِكم.

إمضائي (مواطن العالَم، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle individuelle):
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 8 أكتوبر 2019.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire