dimanche 27 octobre 2019

مناجاة الذات الحائرة! مواطن العالَم، متعدّد الهُويات



التجذر والانبتات، الشك واليقين، العلم والدين، الماركسية والحرية، اللائكية الفرنسية أو الستالينية المعاديتان للدين والعلمانية البروتستنتية الأنـﭬلو-سكسونية المتصالحة مع الدين، المقاربة التحليلية والمقاربة الشاملة، الوطنية والمواطنة العالمية، الموروث الجيني والمكتسب الثقافي، نظرية المؤامرة ونظرية التفاعلِ بين الدول، التفاعلِ المرغوبِ كَرهًا أو المفروضِ غصبًا، المكتوب ومسئولية الفرد، المركزية الأوروبية والإسلام صوت الجنوب، الحضارة المسيحية العجوز والحضارة الإسلامية الشابة، التقوى والفجور، أخلاق المجتمع وأخلاق الفرد، الأنانية والتطوع، الرأسمالية والاقتصاد التضامني، جمنة وحمام الشط، تعليم أول الاستقلال وتعليم اليوم، المحافظة والحداثة، القديم والجديد، فهم المجتمع أو تغييره، الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، الحتمية والانبثاق، المقاومة المسلحة والمقاومة السلمية، اللغة العربية واللغة الفرنسية، الثورة والدولة، الشهوات والجهاد ضد النفس، قيس سعيّد أو الفساد، إلخ.

سَطَعَ النورُ فجأة ومعه انطفأت الحقيقة الجاهزة، ضَعُفَ النظرُ وزال معه وضوحُ الرؤيا، قَرُبَ الأجلُ وتبدّد معه آخر أملٍ لي في التفاهم مع نفسي والتصالح معها، نفسٌ أمّارةٌ بالسوء متمردةٌ عنيدةٌ وعَصِيّةٌ على الترويض. نفسٌ عاشت ثلاثة عقودٍ في قفصٍ، قضبانُه متعاركةٌ، ثم خرجت منه إلى الحرية زحفًا على يديها ورجليها، كسيحةٌ فاتتها مرحلة تعلم المشي مستقيمةً، وكان ماضيها يزحف خلفها بلجاجة كأنه يخشى أن تتلكّأ عن الزحف نحو الحرية لحظة واحدة أو تحنّ للرجوع إليه.. ما أمرّ الرجوع إليه. وعندما هممتُ بالانتصاب وجدتني في وحدةٍ قاسية إلى حد أني شعرتُ بقسوتها تُثقل رُكَبِي وتُغلق أهدابي، وحدةٍ حاصرني في ظلمتها بعِصِيّهم أصحابي.

سياطهم آلمتني، لم تحبطني، زحفتُ، زحفتُ، وعند الثالثة شعرتُ كأن الألم زال والزحفُ تسارعَ ونَبَتَ لي جناحان وشعرتُ أيضًا أني في الجوّ حرًّا طليقًا أطير، أغرّد بعيدًا عن حِقدِ ذوي الصداقة القديمة الذي كاد أن يكتم أنفاسي في صدري ويجذبني بعنف إلى الوراء، إلى قفص الإيديولوجيا الماركسية .. كانت المغدورةُ حريةً عند بداية تَشَكُّلِها، فأصبحت جورًا وطغيانًا عند اكتمال تَشَكُّلِها، أفضل أفيونٍ للمثقفين.

المصدر: النص من تأليفي والوحي جاء من ورقةٍ مقطوعةٍ من كتابٍ، ورقةٍ يتيمةٍ وصلتني اليومَ من صديقي المحترم محمد بوسريرة.

إمضائي (مواطن العالَم، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle individuelle):
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 27 أكتوبر 2019.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire