mercredi 2 octobre 2019

في أحزاب أقصى اليسار، حتى الانتهازية عندها رجال، "رجالٌ من ذهبْ"! مواطن العالَم



لماذا كل ما أنشره، أنا، من نقد لاذِعٍ لليسار، لا ينشره إلا قلة قليلة جدًّا من اليساريين غيري؟:
-         ليس لأنني أعرف أكثر منهم أو أقرأ أكثر منهم أو أفهم أكثر منهم.
-         ليس لأنني أشجع منهم أو أجرأ منهم أو أصدق منهم.
-         ليس لأن نقدي غير موضوعي فبعضهم يُقِرّ بوجاهته في جلساتهم الخاصة.
-         لماذا إذن؟
-         لأنهم ينتمون، وعلى مدى عقود متتالية، إلى مجموعات مغلقة ومنغلقة على نفسها (des sectes fermées)، انتماءٌ يريحهم من الحيرة والبحث والشك والتساؤل ووجع الرأس الذي أعاني منه يوميًّا (إنه، والله، "وَجَعٌ-مُتْعَةٌ"، متعةٌ ذهنية، متعةٌ لا تُضاهيها في تجرّدها كل المتعِ الحسية التي، للأسف، أنتم لا تعرفون غيرها، آه يا رفاق الأمس لو تذوقونها يومًا!)، انتماءٌ كالعكاز يتكئون عليه عند الأزمات ويَهُشُّون به على مصالحهم الرثة، انتماءٌ يشعرهم بالرضا عن النفس الكسولة، انتماءٌ يجعل لهم مكانة (un statut) في مجتمعهم الإيديولوجي الضيق، انتماءٌ فيه اعتراف بمكانتهم الوهمية داخل أحزابهم الوهمية، انتماءٌ يُغلق أفواهَهم عن النقد العلني وإلا خسروا مكانتهم وخسروا معها كل خراجها المتمثل في قضاء مصالح خفيفة. أنا لم ولا ولن أنتمي.
-         لأنهم يطمعون في ترقية حزبية تُعلي من شأنهم في عيون رفاقهم وتفتح في وجوههم أبوابًا للانتهازية كانت حكرًا على النومَنْكْلَتُورَة(nomenclature) . في نُوأُوسْفِيرْ اليسار  (noosphère)، حتى الاستفادة من الانتهازية، يلزمك تناضل طويلاً من أجلها لكي تصبح انتهازيًّا برتبة جنرال، الانتهازية عندهم ليها رجال بين ظفرَين. أنا لا أنتظر شيئًا من أحدٍ.

خاتمة:
أعضاء أحزاب أقصى اليسار (البوكت والموحّد وتونس إلى الأمام)، المنتمون ومعهم المستقِلّون المزيّفون ومَن لَفَّ لفّهم، قال فيهم بورقيبة، قال فيهم كشكار وقال فيهم الشعب "زيرو فيرﭬول". هُمُ أناسٌ مثلنا يفهمون ويفقهون، لكنهم لا يريدوا أن يَعُوا لأنهم انتهازيون ومن السياسة يتمعّشون.
قال فيهم بورقيبة عندما سألوه، بعدما سمح للحزب الشيوعي التونسي المحظور من استعادة نشاطه العلني سنة 1981: "كيف تمنح تأشيرة لحزبٍ شيوعي في بلاد مسلمة؟" أجاب بسخريّتِه الذكية المعهودة، لكنها سخريّةٌ تَنُمُّ عن معرفةٍ عميقةٍ بأنتروبولوجيا المجتمع التونسي، قال: "أعطيتهم تأشيرة لأنني أعرف أنهم لن يتجاوزوا باب عليوة" (باب عليوة يحدّ العاصمة جنوبًا). نَمْ يَا حَبِيبِي.. نَمْ.. في المُنَسْتِيرِ نَمْ.. لَقَدْ صَدَقَتْ فِيهِمْ فِراسَتُك يَا أبُو رُقَيْبَة، إنَّهُمْ لَمْ يَتَجَاوَزُوا دَكاكِينَ حُزَيْبَاتِهِمِ!

إمضائي (مواطن العالَم، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي مستقل، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle individuelle):
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 2 أكتوبر 2019.





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire