samedi 9 juin 2018

لماذا أفضِّلُ الخطابَ التوافقيَّ على الخطابِ الصداميِّ؟ مواطن العالَم



خطابٌ توافقيٌّ غير صداميٍّ وغير عدوانيٍّ، أعتمده دائما في مقالاتي، إنتاجًا و تأثيثًا، ليس تقية أو نفاقا ولا حتى مجاملة كما قد يتبادر إلى ذهن بعض القرّاء الصادقين النزهاء غير الأيديولوجيين، بل هو منهجية علمية تعلّمية درستها في المرحلة الثالثة تعلمية البيولوجيا في جامعة كلود برنار بليون 1 فرنسا. هذه المنهجية العلمية البيداغوجية تتلخّصُ في تجنّب الخطاب الجبهوي الصادم المعادي، أتجنبه لأنه خطابٌ عقيمٌ لا يوصل المعلومة سليمة من الباث إلى المتلقي. أفضّل اعتماد منهجية "اعْمَلْ مع لتسِيرَ ضد" (Faire avec pour aller contre)، اعْمَلْ مع التصورات غير العلمية (الموروثة والموجودة فعلا في كل المجالات وفي كل الإيديولوجيات) لتسِيرَ ضد نفس هذه التصورات غير العلمية، أما في المسألة الدينية، فالدينُ لا يقع تحت سلطان العلم، الإيمانُ نورٌ قذفه الله في القلب كما خَلُصَ إلى ذلك الفيلسوف القروسطي أبو حامد الغزالي، والإيمانُ أسمَى من العلم بكثيرٍ. أفضِّلُ مرافقة المتلقي بأسلوب علمي بحت للوصول به إلى مرحلة البناء الذاتي-الاجتماعي لتصوراته العلمية بغض النظر عن الإيديولوجية والدين حتى يتجاوز تصوراته غير العلمية بكل حرية ودون ضغط، لا من الدين ولا من الأيديولوجية. هذه المنهجية تعتمد على نظرية العالِم بياجي وزميله فيقوتسكي وتُسمَّى "المدرسة البنائية الاجتماعية".

نحن العربَ، مسلمي ومسيحيي القرن الحادي والعشرين، نتموضع معرفيًّا (Épistémologiquement) في الوقت الراهن في المنعطف التاريخي الذي تموضع فيه قبلنا الأوروبيون أي في الحد الفاصل بين العصور الوسطى وعصر النهضة (Époque étalée sur une période qui va du XIIe au XVIe). هذا تشخيصٌ أصبحتُ الآن شبه متأكدٍ منه بعد حوالي ثلاثين سنة من التيه والدوران والضياع الأيديولوجي، قضيتها في شك دائم ويقين مؤقت، قضيتها في قراءات متعددة ومتنوعة باللغة الفرنسية، جلها ماركسي وبعضها علمي بيولوجي أو وجودي أو قومي أو إسلامي. لذلك احتطتُ اليوم لنفسي وارتبطتُ منذ سنوات بمشروع النهضة العربية الإسلامية كتابة ونشرا، ثم نقلا أو تأثيثًا أو تعليقا على رواد النهضة الفكرية العربية الإسلامية من أمثال المفكرين العرب المسلمين النهضويين التنويريين القدماء والمعاصرين: جمال الدين الأفغاني، محمد عبده، الأمير عبد القادر الجزائري، أبو القاسم الشابي، الطاهر الحداد، طه حسين، جمال البنّا، نصر حامد أبو زيد، علي عبد الرازق، صادق جلال العظم، هاشم صالح، عبد الله العروي، محمد أركون، حسين مروة، علي حرب، محمد الشريف الفرجاني، عبد المجيد الشرفي، هشام جعيط، محمد الطالبي، آمال ڤرامي، محمد حداد وغيرهم ممّن لم أقرأهم. كان ذلك لي عزاء في غُربتين أو عدة غُربات دفعة واحدة: غُربة عن اللغة العربية، غُربة عن الأرض والتاريخ، غُربة عن التراث الأمازيغيي أوالعربي أو الإسلامي، غُربة عن مجتمعي التونسي، غُربة عن الأصالة والذات وهذه الأخيرة هي غُربة الغُرُبات.

أجتهدُ، أقرأُ، أكتبُ، أترجمُ، أنقلُ، أؤثِّثُ، أعلقُ، وأنشرُ يوميا في الفيسبوك، أفعل كل هذا، لا طمعًا في جاهٍ أو حبًّا في مالٍ أو منصبٍ. أقومُ بكل هذا من أجل متعتي الفكرية الخاصة الذاتية وما أروعها متعة، متعةٌ عظيمة لا يساويها أجرٌ مهما عَظُمَ، متعة حُرِم منها السياسيون والمنتمون والأيديولوجيون المتعصبون والمثقفون المأجورون، مرتزقةُ السلطةِ.

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 10 جوان 2018.Haut du formulaire


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire