lundi 4 juin 2018

كَمْ أخافُ على توازنِ ابني النفسي والاجتماعي (16 سنة) عندما أقارنُ طفولتي بطفولته! مواطن العالَم



أبدأ بطفولتي في الخمسينيات من القرن الماضي في مسقط رأسي جمنة (ولاية ڤبلي):
-         كنّا نلعب بالساعات دون رقيب ولا حسيب، نصنع لعبنا بأنفسنا، نلعب "غمّيضة" و"درڤيلة" و"كرّوسة" و"خوطة" و"بالّون بريزونييه"، نصطاد الطيور بـ"الشِّرْكة" وجرابيع الصحراء بالحيلة ومرّة واحدة الجراد بالخرواطة (كيس).
-         على ظهور بهائمنا، كنّا نجلب الماء من العين و"الحشيش" (العشب) من السانية، ونسافر على ظهورها أيضًا إلى سوق دوز (12كلم) وسوق ڤبلي (15كلم) نبيع تمرًا أو حَوالِيَ (البرنس الليبي).
-         في العيدَين، الصغير والكبير، كنّا نعيّدُ بالحضن والبَوْسِ على نصف أهل قريتنا تقريبًا (3000 ساكن حينها).
-         كنّا نزور الأولياء الصالحين على بعد 3كم (سيدي حامد بوڤَبْرِينْ) وحتى على 30كلم (أمي الدالية)، خاصة يوم "الزردة" لنأكل كسكسي باللحم (يصلنا منه بضع أسلاك معدودة).
-         نحتفل بعاشوراء ونفرح كثيرًا بـ"جمل عاشوراء"، هيكلٌ يشبهه، نملؤه بأجسامنا الصغيرة ونحمل جمجمة جمل حقيقية، نحرك الفكّين بخيوط، ولكل جهة (حي) جَمَلُها، عركة والانتصار للأحذق في الازدحام دون خصام.
-         في سن الـ15، عملتُ في المرمّة (البناء) وفي الشانطي (الحضيرة) وبعتُ اللاڤمي (حليب النخلة) وحساء الفول في المَشْرَبْ (آنية فخار مطلي صغيرة ومكوّرة بعروتين) وفلحتُ الأرض وجنيتُ الفول والفلفل.
-         سهرنا الليالي حول المذياع نستمع لروايات الدغباجي والبشير بن سديرة.
-         سمعنا "خُرّاف" (حكيات) الجارة والجار حول الغول وسيدنا علي و"الزازية" وبوزيد الهلالي.
-         تداوينا بالأعشاب وآيات القرآن وشُفِينا.
-         عُمنا في العين القديمة وفي شرشارة العين الجديدة.
-         سرقنا العنب والخوخ والتفاح ليلاً، ثمارًا طازجة لذيذة، وأكلناها دون غسيل. واقترفنا ذنوبًا أشنعَ يمنعني الحياء واللياقة من ذكرها، لكنني واثقٌ تمام الوثوق أن الله سيغفر للصغار ما خفي من زلاتهم وما ظهر. 

طفولة ابني بعد سنة 2000 في مسقط رأسه مدينة حمام الشط: والله العظيم لم يفعلْ المسكينُ شيئًا واحدًا مما فعلتُ. كيف يقضي إذن أوقات فراغه؟ يقضيها كلها مع مخه الخارجي الساكن في الحاسوب. بِحَيرَةِ أبٍ خائفٍ على توازنِ ابنه النفسي والاجتماعي، وبِجدٍّ أتساءل: هل الفضاء الافتراضي قادرٌ على تعويض الفضاء الحقيقي، وهل سيتعلم ابني من الافتراضي ما تعلمتُ أنا من الحقيقي؟ أتمنى من كل قلبي أن تكون الإجابة بنعم!

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 4 جوان 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire