mercredi 15 juillet 2015

صحيح سبق العربُ الغربَ منذ القرن السابع ميلادي لكنهم لم يواصلوا السباق وحرنوا، تجاوزهم الغربُ عَدْوَا وأصبح لهم قُدْوَة! مواطن العالَم د. محمد كشكار

صحيح سبق العربُ الغربَ منذ القرن السابع ميلادي لكنهم لم يواصلوا السباق وحرنوا، تجاوزهم الغربُ عَدْوَا وأصبح لهم قُدْوَة! مواطن العالَم د. محمد كشكار

سبق العربُ الغربَ في تمكين الزوجة من حق التصرف في أموالها الخاصة، حق تحصلت عليه الزوجة الفرنسية بعد 14 قرن أي سنة 1965. قبل هذا التاريخ الحديث جدا كانت تحتاج لترخيص من زوجها لكي تشتغل خارج المنزل أو تفتح حسابا جاريا في البنك لكن اليوم "شوف الفرنسية فين والعربية فين". اقتصرت حرية المرأة عندنا على عدة شعارات معلقة في السماء (وهي في الحقيقة آيات مُحكمات وأحاديث صحيحة وبعض السلوكيات الاستثنائية لبعض المسلمات المشهورات) نلوكها ونجترّها دون أن نهضمها لأننا فقدنا أنزيماتها المناسِبة ونرددها متباهين بما يوجد في كتبنا المقدسة والفقهية متغاضين على وضعية المرأة المتردية في الدول العربية والإسلامية فأصبحنا كـ"الحمار يحمِل أسفارًا".
سبق العربُ الغربَ في تجريد التوحيد المطلق وها نحن نسبح اليوم في مستنقع المحسوس المطلق. عيدنا ذبحٌ ولحمٌ مشويٌّ في الكبير وحلويات في الصغير. رمضاننا تخمة في المعدة وخَواء في القشرة المُخِّيّة. حَجُّنا استعراضٌ للقدرة المادية وسوق مربِحة للغرب. صلاتُنا رياضة بطيئة في قاعة مغطاة. زكاة أغنيائنا في الخليج تموّل الإرهاب.
سبق العربُ الغربَ في إقامة علاقة عمودية مع الخالق، علاقة لا بابَا فيها و لا آباء ولا أخوات ولا أديرة ولا صكوك غفران، علاقة وصلت إلى تحقيق بعض جوانبها المسيحية البروتستانتية أخيرا في القرن الخامس عشر ميلادي. وعلى أساسها بَنَتِ البروتستانتية دولا ونهضة رأسمالية أما نحن فبعدما حرّرَنا الرسول صلى عليه وسلم استعبدتنا الخلافة الإسلامية طيلة 13 قرن.
سبق العربُ الغربَ في التشجيع على تحرير العبيد الذي ورد أحادي الدلالة في القرآن الكريم  لكننا تمسكنا بالعبودية لمدة 14 قرن وكأن الله أمرنا بالعكس حتى حرر الغربُ عبيدَه فتبعناه صاغرين.
سبق العربُ الغربَ في العلوم التجريبية والتشريح. واليوم نتعلمه من الغرب ولا نتقن من التجريب إلا الشعوذة وبول البعير ولا نتقن من التشريح إلا قطع رقاب المسلمين و غير المسلمين بغير حق.
سبق العربُ الغربَ في تحليل (من الحلال) التمتع بالملذات الحسية والجنسية وقد كفله الشرع لكل المسلمين بما فيهم علماء الدين أو رجاله. حللته المسيحية البروتستانتية في القرن الخامس عشر ميلادي. وصلوا إلى مجتمع الوفرة (Société d`abondance) حتى أصبح فقيرهم يعيش عندهم حياة الطبقة الوسطى عندنا.
سبق العربُ الغربَ في تيسير العبادة (يَسِّروا ولا تُعسِّروا) واليوم نحن عَسّرناها وصعّبناها فهجرناها ونفرناها وأسطَرْناها (حوّلناها إلى أوهام وأساطير)، فقّرناها فأفقرتنا، أغلقناها فأغلقتنا وكفّرَ بعضُنا بعضَا وهم يَسّروها فصاحبوها وكيّفوها وأقلموها مع بيئتهم الحديثة وأغنوها فأغنتهم.
سبق العربُ الغربَ في دسترة حرية الضمير والمعتقد في القرآن الكريم واليوم أصبحنا نستوردها مُكرهين من الغرب "الكافر".
سبق العربُ الغربَ في دسترة حرية الرأي والنشر في القرآن الكريم لمّا أورد الله فيه حُججَ مَن عصا أوامره ولم يسجد لآدم عليه السلام ولمّا أبلغَنا كلام خصوم الرسول صلى الله عليه وسلّم. تخيل جريدة "صوت الشعب" لحزب العمال تُفرِد صفحة أسبوعية لكلام النقاد اليساريين غير الماركسيين المستقلين من أمثالي وأخرى للنقاد الإسلاميين أو جريدة "الضمير" لحزب النهضة تُفرِد صفحة أسبوعية لكلام النقاد اليساريين غير الماركسيين المستقلين من أمثالي وأخرى للنقاد الماركسيين الستالينيين.
سبق العربُ الغربَ في دسترة الحفاظ على البيئة في الأحاديث والسِّيَر: "دخلت امرأة النار في هِرّة" أو "لا تحرقوا شجرة و لا تقلعوا زرعا" أو "في عهد الخليفة الراشد الخامس، نُشِر القمحُ على رؤوس الجبال حتى لا يُقال جاع الطير في دار الإسلام". هم طهّروا بيئتهم وبموافقة حُكامنا صدّروا لنا نفاياتهم تُلوث شطآننا وخلجاننا في ڤابس وصفاقس ونحن أتممنا الباقي و ملأنا مدننا بالفضلات المنزلية.
سبق العربُ الغربَ في الإعجاز العلمي البشري واليوم تجاوزنا الغربُ بسنين ضوئية في هذا المجال بفضل الجِد والجَد والبحث العلمي داخل المخابر وخارجها. أصبحنا اليوم نتباهى بما ليس فينا أي "الإعجاز العلمي في القرآن والحديث" مع الإشارة أنْ لا وجود لمعجزات في العلم وإلا لَما سُمِّي علما. ولو فرضنا جدلا أنه صحيح: هل لنا فيه نحن البشر دورٌ أو استحقاق؟ هل القرآن عند المسلم يحتاج إلى إعجاز علمي ليثبت صِدقه؟ يظن المسلم خطأ أن العلم هو شيء مستتر موجود في الطبيعة ينتظر فردا محضوضا يكشف عنه ويرفع عنه الغطاء. العلم ليس اكتشافا لشيء موجود. العلم بحثٌ واجتهادٌ بشري. العلم ينبثق من التراكم العلمي البشري المكتسب بعد بحث وتجارب أكثرها فاشل وبعضها ناجح، العلم بِناء بشري ناقص وسيبقى ناقصا ولو اكتمل لَمات. أما القرآن فهو كامل منذ ولادته ولا يحتاج للعلم ليكمّله أو يجمِّله، هو جميل بطبعه. أما ضعيف الإيمان فهو الذي يحتاج لتجميل إيمانه فيلتجئ إلى الافتراء على الله وعلى رسوله وعلى اللغة العربية لغة القرآن والحديث ويقوِّلهم ما لم يقولوا أبدا. أما العالِم وخاصة الطبيب فهو الذي يحتاج للإيمان خاصة في أوقات الفشل أو العجز حتى يعطيه شحنة من القوة والأمل لكي يواصل مشواره لا لكي يتركه ويركن للكسل والقضاء والقدر. ما ورد في القرآن هي آيات متشابهات ولو أراده كتاب علم لَفعل لكنه اكتفى بما أهم وحثّنا على البحث العلمي فإذا كان العلم كله موجود في القرآن فعَلى أي تحصيل علمي يحثنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يا ترى؟ أكتفِي بإعطاء مثال واحد معبّر على الغش والافتراء، مثال سمعته اليوم صباحا، الأربعاء 15  جويلية 2015، في قناة "الزيتونة" التونسية، وشهد شاهد من أهلها: "ذِكر شق القمر كمعجزة علمية وردت في الحديث وتداولتها في وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام الأنفس الضعيفة المعقدة من العلم مع أن العلم يحيِّر ولا يطمئن النفوس كالإيمان، تداولتها وضخّمتها بمناسبة رؤية شق في القمر من قِبل وكالة النازا الأمريكية رغم أن هذه الوكالة نفسها وضّحت الخبر وقالت أن ما رأته هو أخدود بِطول 70 كلم فقط مع العلم أن محيط القمر يبلغ 10921 كم". أي إثباتٍ هذا الذي يطلبه دينٌ من دنيا؟ أي مسلمٍ هذا الذي ينتظر تقوية إيمانه من عالِمٍ كافرٍ بالإسلام؟

إمضائي
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 15  جويلية 2015.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire