اليسارات التونسية
القديمة (1960, 1980) استهانت بِــطاقات اليسارات التونسية الجديدة (2011)، والعكس أيضًا صحيح. ومشروع جمعية
"نشاز" يُعتبرفي هذا السياق محاولة لتلافي ذلك... اليسار الجديد بعد
الثورة لديه نزعة "سياقية"، أي أنه مرتبط بتحولات السياق السياسي كما
يقرؤها هو. هو أكثر قدرة على الاطّلاع على التجارب من دون الارتباط بأدبيات حزبية
مبرمَجة في اتجاه معيّن. ويرتبط هذا بنوع من ديكولونيالية التفكير (décolonialisme ) وإعادة بناء الفكرة
اليسارية بطريقة مختلفة عمّا كان سائدًا حتى الآن، حيث لا يحتاج بالضرورة إلى
المرور بباريس أو أي عاصمة أوروبية أخرى (eurocentrisme)، وإنما يمكنه الاستفادة
من تنظيرات (ادوارد سعيد، فرانز فانون، الأمين بوعزيزي وغيرهم كثير) وتجارب من
بلدان مختلفة من الجنوب (خاصة بلدان أمريكا الجنوبية) والانفتاح على القراءة باللغة
الأنـﭬليزية مهمّ جدًّا في هذا الصدد لدى الكثير من عناصر هذا اليسار الجديد (كنت
دائمًا أقول أن الجاهل باللغة الأنـﭬليزية هو كائن مصاب بفقر الدم الثقافي وأنا أول
المصابين).
وفي مظهر آخر
من مظاهر سياقية هذه المجموعات اليسارية الجديدة، يبدو أن هذا الجيل صَرَفَ النظر
عن تصور فكرة تنظيمية جماعية ثابتة (أنا صَرَفتُ النظر عنها منذ السبعينات، حَدَسٌ
وليس عِلمًا). لأن فكرة عدم وجود قيادات وعدم الالتزام بهيكلة تنظيمية مُلزِمة
نوعًا ما أعطى للكثيرين قدرة أكبر على الاستجابة للسياق وعلى خوض معارك غير مرتبطة
بالضرورة ببناء تنظيمي وسياسي جامع، وكأن هذه المسألة أصبحت خارج مطلوبهم.
المصدر: "مانيفستو"
اليسار التونسي، مؤلف جماعي، تنسيق: ياسين النابلي، المفكرة القانونية تونس أفريل
2023، 182 صفحة (يوزع مجانا في مكتبة "Le Gai savoir").
تاريخ أول نشر على صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 6 جوان 2023.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire