سؤال غبي لأن الكل يعرف
الجواب، و رغم ذلك سأنشره، أليس من حق الأغبياء نشر غبائهم؟: مَن استفاد من الثورة
التونسية حتى الآن؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار
يقولون أن "المال
السايب، إعلّم السرقة".
و أنا أقول: "الثورة
السايبة تعلّم الإرهاب و التهريب و التجارة الموازية و الكسل و التواكل و الربح
السهل و المافيا عموما".
يبدو لي أن ثورتنا وُلِدت لقيطة
من دار بلا حضارة و لا تاريخ، لا أم و لا أب ، لا أخ ولا أخت، لا قريب و لا قريبة،
لا صديق و لا صديقة. ظهرت في صورة طفلة صغيرة طيبة ريفية جميلة عارية هاملة في
الشارع - لا تاريخ يشرّف وراءها و لا
مستقبل مرسوما أمامها- بريئة قد ترتمي و تحتمي في أول حضن يقيها من برد و جوع
جانفي 2011.
و هي تسير في أول الطريق،
اعترضتها عصابة تتمثل من الإخوان الآتية أسماؤهم: الإرهابيون المتاجرون بالدين
الإسلامي و الكسالى و المهربون و رموز التجمع و رموز الدولة العميقة و التجارة الموازية
و حكومة بن جمعة. بدأ التسابق بين المختطفين مَن سيفوز بهذه الجميلة الواعدة الولاّدة:
-
قال لها الإرهابيون: نحن مطمحُنا الجنة، مطمح يفوق
مطامح كل الآخرين، و من شدة حبنا لك و
عطفنا عليك، سوف نبعثك عروسة في أول رحلة إلى الجنة و كأنهم يعرفون مكانها و
عنوانها (الجنة).
-
قال لها المهربون أصحاب التجارة الموازية: كانت تسيطر
على هذا "المجال الإقتصادي الحيوي الخارج على القانون" جماعة محدودة
العدد، عائلة واحدة تدعى عائلة الطرابلسية أصهار الرئيس بن علي، كانت تمثل الحيتان
المركزية الكبيرة المسيطرة على سوق التجارة الموازية، أما اليوم يا ابنتي لقد هربت
الحيتان الكبيرة الشبعانة إلى بحار أوسع و فسحت لنا مجال التهريب فأصبحنا دلافين صغيرة غير أليفة بعد ما كنا أسماكا
محلّية صغيرة، كبُرنا و الحمد لله بسرعة و أصبحنا نتجول في الأسواق دون أن نجلب
انتباه البوليس، و حتى إن اعترضنا بوليس فلن يرفع رأسه أكثر من طربوشه، و إن طمع و
رفعه فنحن نعرف بالتجربة أنه مرتش رخيص، مرتش يرنو فقط إلى "خمّوس" (رشوة
قدرها خمس دنانير تونسية) أو "عاشور" و بعد أن يضع "السم" في
جيبه، يُظهر استعدادا لمزيد من الارتشاء، استعداد قد يشمل حتى بيع بلاده إن زودت
له في "السم"، و دون أن نطلب منه ذلك يدلنا على مكامن الدوريات الأخرى
حتى نتجنبها بسلام فيوفر علينا عناء دفع رشوة ثانية لمرتش ثان و ما أكثرهم في
بوليسنا و في إدارتنا عموما.
المهربون
يستعملون المرافق العامة و لا يدفعون الضرائب (يسرقوننا مرتين) يوردون السلاح
للإرهابيين و السلع الرخيصة المغشوشة للمواطنين الفقراء، و يصدّرون السلع المدعومة
الحياتية كالأدوية و الأغذية الأساسية، مما يتسبب في فقدان بعض السلع أو الزيادة
في أسعارها .
-
قال لها رموز التجمع: ها قد رجعنا يا لقيطة، رجعنا دون
محاسبة أو حتى دون اعتذار، لأننا نعرف جيدا أنك لقيطة، نحن متأكدون أن ليس لك أب و
أم يحميانك من غدرنا، و ليس لك أخ و عم يذودان عن شرفك المسلوب. لو كان في مخ أهلك
ذرة ذكاء معجونة بذرة كرامة، و حتى لو لم يفقدوا أهلك شهيدا واحدا في شهر الثورة، لَحَاسبتمونا
على حكمنا فيكم على مدى ثلاثة و عشرون سنة من الظلم و القهر و النفي و التشريد و
التجويع و التعذيب و الترويع و السجن و الإقصاء، و لما احتجتم لمحام واحد يترافع
عن شهدائكم لأن الثورة هي الشعب، و الشعب كله خرج مترافعا عن قضيتكم من 17 ديسمبر
2010 إلى 14 جانفي 20111، و مَن كان الشعب محاميه و قاضيه فهل يحتاج لمحام فاشل أو
قاض باع ذمته للشيطان؟
-
قال لها أعضاء حكومة مهدي بن جمعة (الوزير الأول
الحالي): نحن لم نعش و لن نعيش "الثورة و لا قبلها و لا بعدها" في تونس،
لا نعرفك يا بنت الناس، قالوا لنا أن بُنيّة فقدت بكارتها من كثرة المغتصبين،
فجئنا "متطوعين" لنحاول إصلاح ما أفسده الدهر، نحن مبعوثون من عزرائيل
الدول الفقيرة الساكن عند الدول الغنية، لكننا لسنا كعزرائيل المعروف الذي يقبض
الأرواح مرة واحدة، نحن يا عزيزتي عزرائيل من نوع آخر، عزرائيل يُميت ثم يُحي ليُميت
من جديد، و هكذا يفعل لغاية في نفس العم سام، غاية نتجاهلها كلنا يا بنيتي و لا يدعي
معرفتها أو القرب منها إلا الأغبياء من أمثال كاتب هذا المقال، و حتى و لو عرفها
هو و من لف لفه فلن يقدروا على نظامنا و لن يبدّولوا فيه أي تبديل إلى يوم يخلق
مواطنو العالَم شروط الثورة العالمية فتتحقق لأول مرة الحرية و العدالة معا و
عندها لن نحتاج للقيام بثورة أصلا .
تاريخ
أول نشر على النت:
حمام الشط، عيد العمال، الخميس غرة ماي 2014.
جميل
RépondreSupprimerهايل