mercredi 27 mai 2020

الذاكرة (La mémoire): قدرةٌ ذهنيةٌ خرجت من تلافيفِ المخِّ وحُفِظت في القُرْصِ الصلبِ داخل الحاسوبِ إلا عند العربِ! مواطن العالَم



أصبحت الذاكرة اليوم تقريبًا غير ضرورية بفعل الاكتشافات العلمية والتطبيقات التكنولوجية. قبل اكتشاف الكتابة أو قبل انتشارها في بعض المناطق الجغرافية (الجزيرة العربية في فجر الإسلام)، كانت الذاكرة ضروريةً عند العربِ وساهمت مساهمة كبيرة في حفظِ وتوارُثِ الشعرِ والقرآن والحديثِ والسيرةِ النبويةِ، ثم انحسر دورها في المجال التربوي زمن ازدهارِ المدرسة السكولاستية (التلقين والحفظ واسترجاع المعلومات عند الامتحان)، منوالٌ تربويٌّ  ساد ثم انقرض في الغرب منذ القرن السادس عشر ميلادي على يدَي ديكارت.

الذاكرةُ المَحشُوّةُ (Une tête bien pleine)، تجاوزها الغربُ والحمد لله، أخرجها  من المخ وأسكنها الحاسوبَ فتحرّر عقلُه من عِبءِ الحفظِ وتفرّغ للتفكيرِ والملاحظةِ والتجريبِ والاكتشافِ العلميِّ، أما نحن، العربُ المقيمون في الدول العربية، فقد أبينا أن نُخرِجَها من مخنا، وللأسف لا زلنا في مدارسنا نَنْقُلُ، نلقِّنُ، نُحفِّظُ، نَحفَظُ ونلوكُ معارِفَ الغربِ كما تلوك البقرةُ العشْبَ، لذلك لم نكتشِفْ شيئًا رغم انتشارِ التعليمِ في ربوعِنا منذ نصفِ قرنٍ أو أكثرَ. أما العربي المقيم في الدول الغربية فهو عالِمٌ وباحثٌ ومنتِج معرفة مثله مثل الغربيين.

لا أحفظُ إلا القليلَ القليلَ من القرآن الكريمِ والأحاديثِ، لكن وبفضلِ الحاسوبِ والأنترنات لم أعد أشعر بأي حاجةٍ إلى الذاكرة المخية عندما أكتبُ مقالاتٍ أضطرُّ فيها للاستشهادِ بآياتٍ من الذكرِ الحكيمِ وفي الأثناء أقرأ التفاسيرَ فتكونت عندي ثقافةٌ إسلاميةٌ لم أكن أحلُمُ بها قبل استعمالِ الذاكرة الصناعية واستغلالِ الأنترنات خاصة في المجال الفقهي المكتوب باللغة العربية ويا ليتها تكون بنفس الجودة في المجالات العربية الأخرى كالنحو والصرف والعلم والكنولوجيا.

خاتمة: أنظمتنا العربيية السياسية والتربوية هي المُكبِّلُ والمُجهِّلُ وليس خلايانا المخية.
اللهم ارزقنا بِديكارت مسلم-عربي يمحو ما تعلمناه ويُفَرْمِتُنا من جديد (Formatage

L`idée principale de cet article est inspirée de Michel Serres, Hominescence, Ed. Le Pommier, 2001, p. 264

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"على كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 11 نوفمبر 2017.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire