samedi 28 septembre 2024

هل أصبحنا سجناءَ شهواتِنا ؟. فكرة الفيلسوف ميشيل أونفري، ترجمة وتأثيث مواطن العالَم

 

 

Nos désirs sont-ils nos faiblesses ? (sujet du bac philo français)

من المفارقات الكبرى أننا أصبحنا نعيش في عصر انقلبت فيه المفاهيم، وأصبح كبحُ الشهوات رذيلةً وتلبيتُها فضيلةً ! لو أردنا الاستمتاع بحياتنا -دون إلحاق أي ضررٍ، لا بغيرنا ولا بأنفسنا- وجب علينا تدريب أنفسنا وتربية أولادنا على الإعلاء من قيمة كبح الشهوات، نلجمها عوض أن نطلق لها العِنانَ.

1.  كيف نفعل مع أنفسنا ؟

الشهوات لا تنتهي.. شهوة تنادي شهوة.. شهوة تدفعك إلى ما أشهى.. سلسلة لا نهاية لها إلا تحت اللحد: 

-       مَن رزقه الله خِلفةً بنات، يشتهي خلفة صبيان !

-       مَن كان له طابقًا سكنًا، يشتهي طابقًا ثانيًا وثالثًا !

-       مَن كان يملك سيارة "نصف لْباس"، يريد سيارة " لْباس ونصف" !

-       مَن كان له دخل حلال، يطمع في دخل حرام.

-       مَن كان له جهاز تلفزة واحد، "يطمح" إلى امتلاك اثنان أو ثلاثة !

-       مَن كان له زوجة واحدة أو حتى أربع، يرغب دائمًا في عشيقة !

كل هذه الشهوات المذكورة أعلاه، شهوات غير طبيعية (لا توجد عند الحيوانات) وغير ضرورية (نستطيع أن نعيش دونها مثل السيارة الفاخرة، الجاه والسلطة، إلخ.)، هي رغبات لا تضيف شيئًا كثيرًا إلى حياتنا، لكنها تضيف الكثير الكثير للغني على حساب الأجير الفقير، تضيف المال الوفير إلى جيوبِ الرأسمالي الذي ولّد فينا هذه الشهوات، وهل يوجد مفسد أكثر منه فسادًا وإفسادًا، أعنيه ولا أعني أحدًا غيره، الرأسمالي الجشع، الطفيلي الذي لا يشبع أبدًا. رغبات لا تزيدنا بهجة ولا سعادة، بل تزيدنا أرقًا وقلقًا لاستحالة تلبيتها جميعًا. رغبات تزيد الفقير فقرًا والثرِي ثراءً.

vendredi 27 septembre 2024

الأممية الإنسانية في أبهَى تجلّياتها

 


 

الكولونال ماركوس، الناطق الرسمي باسم الجيش الزاباتي للتحرير الوطني بالمكسيك (Chiapas)، قال: "أنا زاباتيست في المكسيك، وفي الوقت نفسه مِثلِي (gai) في سان فرنسيسكو، وأسود في جنوب إفريقيا، ومسلم في أوروبا، وأمريكي-جنوبي (Chicano) في أمريكا الشمالية (USA)، وفلسطيني في إسرائيل، ويهودي في ألمانيا النازية، ومسالِم في البوسنة والهرسك، وامرأة وحيدة في أي مِترو العاشرة ليلا في أي مدينة في العالم، وفلاح دون أرض في أي بلد في العالم، وعامل في "الشوماج" في أي مدينة في العالم".

 

NB : Rafael Sebastián Guillén Vicente, dit « sous-commandant Marcos », né en 1957 à Tampico, est un insurgé mexicain, l'ancien chef militaire et porte-parole de l'Armée zapatiste de libération nationale dans le conflit en cours au Chiapas, un anticapitaliste et une icône de l'opposition à la mondialisation néolibérale.
Source : Manière de Voir fév-mars 2023. Le Monde diplomatique.

jeudi 26 septembre 2024

ما أعيبه على "الطب العربي" أو "الطب التقليدي" ؟ مواطن العالم (غير مختص في الطب الحديث ولا في الطب العربي لكنني مختص في إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا أو ما يسمّى بالديداكتيك)

 

 

1.   "الطب العربي" أو الصيني أو الهندي، إلخ، هو طب تقليدي يداوي عادة بالأعشاب. والأعشاب هي غالبًا أهم مكونات الأدوية الحديثة لكنه انتشر في العالم أجمع في عصور ما قبل العلم الحديث  (préscience) فلا علاقة له إذن بالطب الغربي العلمي الحديث.

2.   "الطب العربي" هو نوع من التطبيب يفتقر لقياس الجرعات المفيدة - وإذا غاب القياس غاب العلم الحديث - لذلك أدعو إلى إخضاعه للبحث العلمي حتى نفرز الغث من السمين فيه.

3.   ممارسو "الطب العربي" عادة ما يكونوا أمّيين أو على الأقل لم يتلقوا تكوينًا في الميدان ولا علم لهم بوظائف الجسم الفيزيولوجية ولا بالتركيبة البيولوجية لأعضاء الجسم البشري.

4.   نجاحات "الطب العربي" غالبا ما تكون نتيجة "العلاج الوهمي" (Effet placebo)، أي الجسم يسكّن أمراضه بنفسه بواسطة إفراز هرمونات دماغية سحرية مسكّنة مثل الدوبامين والسيروتونين وغيرها دون استعمال أدوية كيميائية فعّالة (substance chimique effective et efficace). مثال: العلاج بالقرآن قد يشفي المريض دون تناول أدوية كيميائية فعّالة لكن لا يشفي إلا المؤمنين به على عكس الأدوية الحديثة التي تشفي المسلم واليهودي والمسيحي واللاأدري والملحد.

5.   "الطب العربي" تبهرنا نجاحاته النادرة عادة ونقرأها في الجرائد، لكننا نجهل فشله المتكرر والكارثي أحيانًا.

6.   نجاحات "الطب العربي" القليلة والمشهدية عادة ما ننسبها إلى "الطبيب العربي" وننسى أن الجسم، وفي عديد الحالات، يعالج نفسه بنفسه لكن ببطء شديد. مثال: زرت مرة في مدينة ليون طبيبًا فرنسيًّا وكنتُ أعاني من أوجاع داء "عِرق الأسى" (le nerf sciatique) وطرحت عليه أسئلة حول بعض نجاحات "الطب التقليدي" في شفاء هذا الداء، فقال لي: "90% من الحالات، يجد لها الجسم حلولاً حتى ولو لم تزر طبيبًا حديثًا أو تقليديًّا".

خلاصة القول: "الطب العربي" أو "الطب التقليدي"، تراثنا لا ننكره ولا نأخذه كله ولا نرميه كله بل نغربله ونصفّيه من الشوائب التي علِقت به طيلة عصور ما قبل العلم الحديث. نغربله بأدوات علمية غربية حديثة مستنجدين بأدوات معرفية نابعة من ثقافتنا العربية-الإسلامية العريقة.

 

تاريخ أول نشر على الفيسبوك: حمام الشط 26 سبتمبر 2024.

mercredi 25 septembre 2024

Qu'est-ce qu'être de gauche ? Qu'est-ce qu'être "citoyen du monde" ? Edgar Morin

  

Qu'est-ce qu'être de gauche ? A mes yeux, c'est se ressourcer dans une multiple racine : libertaire (épanouir l'individu), socialiste (amélioration de la société), communiste (communauté et fraternité), et désormais écologique afin de nouer une relation nouvelle à la nature. Etre de gauche c'est, également, rechercher l'épanouissement de l'individu, et être conscient que l'on n'est qu'une infime parcelle d'un gigantesque continuum qui a pour nom humanité. L'humanité est une aventure, et "être de gauche" invite à prendre part à cette aventure inouïe avec humilité, considération, bienveillance, exigence, créativité, altruisme et justice. Etre de gauche, c'est aussi avoir le sens de l'humiliation et l'horreur de la cruauté, ce qui permet la compréhension de toutes les formes de misère, y compris sociales et morales. Etre de gauche comporte toujours la capacité d'éprouver toute humiliation comme une horreur.

(…) Jean Jaurès conciliait patriotisme et internationalisme. Aujourd'hui il faut associer ces deux termes qui sont antagonistes pour la pensée non complexe : patriotisme et cosmopolitisme signifiant "citoyen du monde".


mardi 24 septembre 2024

فلسفة الأخلاق ؟


 

 

  • الفيلسوف لِيفِيناس يؤكد أن السؤال، "لماذا يجب عليّ أن أكون أخلاقيًّا ؟"، ليس بداية طريق السلوك الأخلاقي السليم بل هو علامة نهايته. 
  • شعار "أحتاج لأخلاقيات" يضم كلمتين متناقضتين (oxymore)، لأن البحث عن تلبية حاجة من وراء فعل أخلاقي يفقِد هذا الفعل قيمته الأخلاقية. 
  • الأخلاقيات ليست إلا تعبيرة إنسانية عفوية، تعبيرة لا تجلب أي مصلحة شخصية ولا يقودها انتظار ربحٍ أو رفاهة أو مجد أو تحسين وضعية اجتماعية.
  • كلنا اليوم نتفرج في التلفزة ونرى عن بُعد مآسي الآخرين (حروب، فيضانات، إلخ) لكننا لا نقدر على مساعدتهم عن بُعد فينتابنا شعورٌ مرّ بالعجز والقلق.
  • قديمًا كان الجار يعرف ظروف جاره المادية والمعنوية ويمد له يد المساعدة عند الحاجة. اليوم عَزلنا مجتمع الاستهلاك ما بعد الحداثي السائل فأصبح الجارُ منّا لا يعرف شيئًا عن جاره.

Ma source dinspiration : Lamour liquide. De la fragilité des liens entre les hommes, Zygmunt Bauman (sociologue-philosophe), Ed. Pluriel, 2010, 185 pages, 7,60€.

 

 


mercredi 11 septembre 2024

البعض من كوارث المجتمع الرأسمالي السائل ؟

 


 (La société liquide)

1.  في العالَم: كثرة الاستهلاك وكثرة إنتاج الفضلات الملوِّثة، السائلة والصلبة والغازية. وضعُ اللاجئين المؤقتُ أصبح دائمًا (الفلسطينيون يعيشون في مخيمات منذ 71 سنة). تخلت الدولة عن دورها الاقتصادي (خصخصة شركات القطاع العام) والصحي (إهمال المستشفيات العمومية والطب الوقائي وفي المقابل تشجيع الاستثمار في القطاع الخاص) والاجتماعي (التخلي عن دعم الطبقات الفقيرة) والثقافي (تهميش دُور الشباب والثقافة العمومية)  والتربوي (إهمال المؤسسات التربوية العمومية وفي المقابل تشجيع الاستثمار في القطاع الخاص) .

2.  ومن علاماته الأخطر في تونس: نظامنا التربوي يلفظ سنويًّا 100 ألف تلميذ. منوالنا التنموي عطّل عن العمل 637 ألف شاب، منهم ربع مليون خرّيجو جامعة.

سؤال: ماذا تتصورون أن تفعل المسطرة وكيف سيكوّر البركارلمقاومة المجتمع الرأسمالي السائل (La société liquide) ؟ متشائل(peptimiste) !

Ma source d’inspiration : Le présent liquide, peurs sociales et obsession sécuritaire, Zygmunt Bauman, Ed. du Seuil, 2007, 142 pages.

lundi 9 septembre 2024

ما هي الفئات الاجتماعية التي انخرطت كليًا في النمط المعَوْلَم الحداثي السائل ؟

 

 فئة المواطنين الاقتصاديين (homo œconomicus)  وفئة المواطنين المستهلكين  (homo consumens)، هما الفئتان الوحيدتان، رجالاً ونساءً، اللتان قَطَعَتَا كل صلةٍ مع باقي فئات المجتمع (des hommes et des femmes sans liens sociaux). هما الفئتان المثاليتان بالنسبة لاقتصاد السوق والفئتان المفضلتان لدى الدوائر المالية العالمية والمدافعين عنها (خبراؤها ومحلّلوها التونسيون). هما أيضًا وَهْمَا النمط الحداثي السائل. هما الفئتان الفاقدتان لكل مقومات الإنسانية مثل البِر والرحمة والتكافل والإيثار والتضامن والتعاون والرأفة والشفقة والحنان والحب والمودة والرفق والإحسان...

1.  المواطن الاقتصادي (homo œconomicus) هو الفاعل الاقتصادي المنعزل الأناني، النرجسي المنشغل بنفسه، الباحث على أفضل الصفقات غاضًّا الطرف على الأخلاقيات، ظاهريا يقوده "الاختيار العقلاني"، الحذر الحريص على ألا يرضخ لعواطفه ولا لضميره الإنساني

La seule et unique alternative en Tunisie réside dans léconomie morale comme léconomie sociale et solidaire pratiquée depuis 2011 par lassociation de sauvegarde des oasis de Jemna.

2.  المواطن المستهلك  (homo consumens)، هو الشاري المنعزل، مثل زميله المواطن الاقتصادي، هو كائنٌ نرجسي ومنشغل بنفسه، يبحث على أفضل فرصة استهلاك ليملأ بها وحدته ظنا منه أن دواءه فيها لا في غيرها من الاهتمامات الاجتماعية الأخرى (مثل استهلاك الثقافة والعمل التطوعي). هو مواطنٌ لا يشرح صدره إلا رؤية الزحام حول منتوج مستورد جديد في أروقة المغازات الكبرى (exp : Carrefour et Géant)

Ma source d’inspiration : L’amour liquide. De la fragilité des liens entre les hommes, Zygmunt Bauman (sociologue-philosophe), Ed. Pluriel, 2010, 185 pages, 7,60€, p. 88-89.

dimanche 8 septembre 2024

ماذا وراء التحرر الجنسي في مجتمعاتنا الحديثة السائلة ؟

 

 

 

-       الحب االجارف هو الشقيق الملتصق (siamois) للرغبة في التملّك والتعطّش إلى التسلّط، لا يتفارقا وإذا فُصِلا عن بعضهما يقتلهما الفراق. 

-       لو كانت الرغبةُ تطلبُ الإشباعَ، فالحبُّ يطلبُ التملّكَ، ولو كانت الرغبةُ تَقْضِي على نفسِها بنفسِها، فالحبُّ يُحْيِي نفسَه بنفسِه.

-       التحرر الجنسي سلب الجنس متعته الماوراء-حسية (métaphysique) وأنزله من عليائه فأصبح كمتع الإدمان، متع مكثفة لكنها عابرة ودورية. 

-       ظن الجيل الجديد أن التحرر الجنسي هو الدواء السحري لكل أمراض الحرمان العاطفي، لكن يبدو أنه خلق حرمانا أكثر إيلاما من الذي وعد بعلاجه.

-       العلاقة الحميمة بين الجنس والحب، الأمان، الدوام، والخلود عبر الإنجاب، عناصر لم تكن قيودًا عديمة الفائدة كما شعرنا بها سابقًا أو اتهمناها. 

-       الإنسان الحداثي النهم جنسيا (homo sexualis): إنسان يقطر قلقا، محكوم عليه أن يعيش دوما في حالة عدم استقرار وعدم إشباع حتى في شيخوخته (viagra).

-       في مجتمعاتنا الحديثة السائلة، يبدو أن حكامَنا لم يعودوا يهتموا برسم الحدود بين الجنسانية السليمة والشاذة (La bonne sexualité et la perverse).

-       سبب القلق عند الإنسان الحداثي النهم جنسيا (homo sexualis) قد يكون يكمن في النقص على طلب توظيف فائض الطاقة الجنسية لخدمة قضايا فنية أو إنسانية أو حضارية (Absence de sublimation) .

-       كانت الرأسمالية تستغل تحويل فائض الطاقة الجنسية للعامل في تركيب السيارات. اليوم، الروبوتيك حررتها لاستغلالها في عشق وشراء السيارات. 

Ma source d’inspiration : L’amour liquide. De la fragilité des liens entre les hommes, Zygmunt Bauman, Ed. Pluriel, 2010, 185 pages, 7,60€.

jeudi 5 septembre 2024

الأحزاب الصلبة والنصف-صلبة والسائلة ؟

 

 

الأحزاب الصلبة تندثر (مثل الأحزاب الدينية أو الشيوعية) والنصف-صلبة لن تستمر (مثل الأحزاب الوسط بين اليمين واليسار)، أما الأحزاب السائلة فستستمر لكنها لن تنجز شيئًا صلبًا (مثل الأحزاب النيوليبرالية).

Ma source d’inspiration : Le présent liquide, peurs sociales et obsession sécuritaire, Zygmunt Bauman (sociologue-philosophe), Ed. du Seuil, 2007, 142 pages.

D'après lui, dans notre société mondiale postmoderne liquide, on n'a plus le choix, navigation collective ou naufrage collectif. Et selon lui toujours, notre ère postmoderne a vu l’avènement d’une « société liquide », dans laquelle la communauté cède le pas à l’individualisme, le changement est la seule chose permanente et l’incertitude la seule certitude.

الفيلسوف أدورنو قال: "التفكير النقدي لا يتمثل في المحافظة على الماضي بل يتمثل في تحقيق آمال الماضي وأحلامه".

وعلى منواله أنسُجُ: التفكير الإسلامي النقدي لا يتمثل في إحياء ماضي السلف الصالح على أهميته بل يتمثل في تحقيق ما ينتظره رسولُنا منا: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". أفهم الحديثَ كالآتي: أخي اليوم ليس هو أخي في الأمس فقط، أخي اليوم هو اليساري والقومي والليبرالي، هو المسيحي واليهودي والبهائي والبوذي والهندوسي وحتى اللاأدري والملحد، أخي في الإنسانية، والإنسانية أرحب من الأديان والإيديولوجيات والأعراق والقوميات، أخي هو ماهية الإنسان. ولكي نحقق ما ينتظره رسولنا منا، يجب علينا أن نغذّي هذا "الأمل النبوي" الذي أناطه الرسول أمانة بأعناقنا وأودعه في عهدتنا وزرعه فينا، نغذّيه، نرعاه، نسقيه، نحفظه، نصونه وننمّيه.

"أملٌ نبويٌّ" يدفعنا إلى الإيمان بأن تحقيقَ آمالنا وأحلامنا أمرٌ ممكنٌ وهيّنٌ لو تعلقت هِمَمُنا بالأمل وبما وراء الأمل

Plus quun espoir, un méta-espoir

أنا أعي جيدًا بنبل المهمة وجسامتها في نفس الوقت، وأعي أيضًا أن الجبلَ الذي نروم صعودَه، جبلٌ مزروعٌ أشواكًا، وحجره حجرٌ مذبّبٌ صوّان، والأقدام تمشي حافية، والضميرُ تعبان، لكن القلبَ فَتَى ولهانْ من شدة الإيمانْ.

نحن، المسلمون، يجب علينا ألا نكتفي بالتغنّي بأمجاد السلف الصالح وإلا كان حالنا كحال مَن "يذرف واقفًا دمعًا على رَسْمٍ دَرَسْ، ما ضرَّ لو كان جَلَسْ". يجب علينا ألا نرضى بحاضرنا الإسلامي المخيّب لطموحاتنا والمخيّب في نفس الوقت لمدى جدارتنا بثقة رسولنا التي وضعها فينا. ولكي لا نخذل أنفسنا يجب علينا أن نبحث في أسباب تخلفنا وفي الوسائل المتاحة لنا لتجاوز محنتنا وأزمتنا حتى ننال رضاء رسولنا علينا فيحق لنا أن نطمعَ في شفاعته يوم القيامة بإذنه تعالى.

واقعُنا، تخلّفُه يكاد يفقأ أعينَنا. واقعُنا، لا يطلبُ منا عِللاً أو أعذارًا وتبريرات (وهمُ نظرية المؤامرة)، أوهامٌ نخفّف بواسطتها وقعُ الصدمة علينا. واقعُنا، ينتظر منا وقفةً حازمة وهِمّة عالية وعزيمة تَهدّ الجبال وتُفتّت الصخرَ وتمهّد لنا الطريق لتحقيق كل غاياتنا الإنسانية النبيلة، الصغيرة منها والكبيرة، الفردية والجماعية، القومية منها والأممية، تحقيقها يخدمنا ويخدم في نفس الوقت كل الإنسانية. 

أمَلِي في المسلم -وفي الإنسان عمومًا- كبيرٌ جدًّا جدًّا (un méga-espoir):

 

homo sapiens depuis environ 300 mille ans. Pour reprendre linoubliable formule dErnest Bloch, avant dêtre homo sapiens, une créature pensante, lhomme est une créature espérante, Emmanuel Levinas entendait la même chose lorsquil soutenait que léthique précédait lontologie

خاتمة:

أنهِي مقالي التفاؤلي حول "البيداغوجيا النبوية" بطرح إشكالية قابلة للإثراء: هل من الممكن أن نحوّل فضاءاتنا المدنية (دُور الثقافة) وفضاءاتنا الدينية (دُور العبادة) إلى فضاءات نقدٍ وحوار من أجل تقريب وجهات النظر بين الإخوة الفرقاء، وذلك عبر إقامة جسورِ تفاعلٍ وعبورٍ في الاتجاهَين. عبورٌ بين ضفتَيْ نهرٍ، أي بين أبناء وطنٍ واحدٍ، ولِمَ لا بين ضفتَيْ بحرٍ، أي بين أبناء جميع الأوطان وجميع الأديان.

نحن البشر، أمةٌ واحدةٌ، من القطبِ إلى القطبِ، نُسَخٌ غير متطابقةٍ من ADN واحدٍ، تُغطّينا سماءٌ واحدةٌ ولنا ربٌّ واحدٌ، نعيش على كوكبٍ واحدٍ، نتقاسم حلوه ومرّه، حاضره ومستقبله، لا شيء مما نفعله أو نفشل في فعله هو بمعزلٍ عن الآخر، لا أحد منا يستطيع - حتى لو رغب في ذلك - أن يستغني عن الآخر أو يتجاهله، الآخر حاضرٌ فينا غصبًا عنا، ولا أحد منا أيضًا في مقدوره أن يتجنب زَبدَ عواصف الآخر أو يهرب من شظايا حروب الآخر حتى ولو وقعت في برٍّ آخر أو بحرٍ آخر أو جوٍّ آخر.

لم يبقَ أمامنا إذن إلا خيارٌ واحدٌ: "التجديفُ معًا أو الغرقُ معًا" (Z. B).

 

Ma source dinspiration : Zygmunt Bauman (sociologue-philosophe), La vie liquide, Ed. Fayard/Pluriel, 2016.