الأول هو العبد لله محمد كشكار.
الثاني هو فيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة.
أنبِّه القارئ ألا يتسرّع في تفضيل الأول عن الثاني وألا يثق كثيرًا في الانطباع
الأول (À mon avis, il faut se méfier de la première impression, car elle mène
souvent en erreur).
الأول يقرأ بنهمٍ بالعربية والفرنسية كل ما يجد في المكتبة العمومية بحمام الشط
الغنية نسبيا ويقرأ الصحيفة الشهرية "لوموند ديبلوماتيك" بالفرنسية
ويقرأ من الجديد ما يمنّ به عليه أصدقاؤه من الإصدارات الحديثة.
الثاني يقرّ ويعترف علنا ودون عُقد أنه وبعد تخرّجه في أواخر الستينيات لم يعد
يقرأ، لا الصُّحُفَ ولا الكُتُبَ، لا بالعربية ولا بالفرنسية. لكنه وبعد صمتٍ
عميقٍ يضيف: "كنتُ قبل التخرّج أقرأ كثيرا بالعربية والفرنسية
والألمانية". أما الأنڤليزية فلغة يتشارك الاثنان في جهل أصولها.
الأول كَتَبَ آلاف المقالات في الفيسبوك في عديد المواضيع ونُشِر له كتاب
ألكتروني في ألمانيا وكتاب ورقي في تونس والثالث في الطريق وله في الجملة 13 كتابا.
الثاني لم ينشر حرفا، لا ألكترونيا ولا ورقيا، لا في تونس ولا في ألمانيا التي
زارها عديد المرة مذ كان تلميذًا في الصادقية.
الاثنان يساريان غير منتميان ولا يعاديان التونسيين غير اليساريين سواء كانوا
قوميين أو إسلاميين. الأول ابن الريف والثاني ابن العاصمة. الأول يساري تخلى عن
ماركسيتة والثاني لا زال يتمسك بماركسيته رغم نقده الموضوعي للينين وماو وستالين.
الثاني حصل على الأستاذية اختصاص فلسفة قبل أن تُعرَّب.
الأول حصل على الأستاذية في تونس اختصاص علوم الحياة والأرض وعلى الدكتورا في
فرنسا اختصاص إبستمولوجيا تعليم البيولوجيا (Didactique de la
Biologie, 2007).
الثاني ، الدنيا أمامه -فعليا وبصدقٍ- كتابٌ مفتوحٌ.
الأول وبالمقارنة، لا زال في هذا الكتاب يتهجى الحروف.
الثاني، لا يضاهيه في الثقافة أحدٌ في حمام الشط.
الأول في حضور الثاني كالتلميذ أمام الأستاذ، يستفتيه في الأفكار التي ينوي
الكتابة فيها وغالبا ما يجد عنده التحليل المنطقي والتعديل غير المنتظر أو الجواب
المخالِف والمقنِع.
هل فهمتم لماذا نبّهتكم في بداية المقال بعدم التسرّعِ ؟
الثاني قال والأول كله آذان صاغية ولو كان بإمكانه لاستلَفَ آذان جميع
السامعين: "الوعيُ بالدنيا (La conscience) لا تُكتسبُ بالتعلم (L`apprentissage) وقليله وإن
كان ضروريا فقد يُغني عن كثيره وهو في غالِبِه تقليدُ خالٍ من الخلق والابتكار،
أما الإبداع (La créativité) فيأتي كحزمة من نورٍ دُفعةً واحدةً وليس تدريجيا كما يعتقد عادة
الكثيرون ولا ينتج حتميا عن اطلاع أوسع حتى لو كان في أفضل الجامعات
الفرنسية".
إمضائي:
بالفلاقي، فدّيت مِن تعاليق بعض القرّاء: "حقّك اكتبت هَكَّا ولّ ما حققش
اكتبت هَكَّا". والِّلِّشاهي شهوة إديرها في عشاه والِّلِّعندو فكرة مخالفة
لفكرتي ينشرها في جورنالو وقِيلوني لله يرحم والديكم. أنا شيخ شايخ فلا تطيِّروا
من رأسي السكرة الصوفية وأخيرا أقول لكم: ربي (le bon Dieu) عندي فيه
بَايْ وفي القرآن عندي بَايِينْ والله لم يبنِ بينه وبيني لا حْجابْ ولا حْجابينْ
ويرحم والدين مخترع الفيسبوك ولو كُتِبت له النار ككافر وكُتِبت لي الجنة كمسلم
لرَجوتُ الله أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولو كان بإمكاني لَمنحته مكاني !
حمام الشط، الثلاثاء 24 ماي 2016.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire