lundi 4 novembre 2024

التسيُّبُ السائدُ اليوم بين المواطنين العرب المسلمين أنفسهم وفي بلدانهم فيه شيء من الشِّرك ! فكرة فيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة، صياغة وإضافة مواطن العالَم

 

 

(Le micro-pouvoir foucaldien)

نتذمّرُ من ازدراءِ الغربيين لِديننا، ونحن المواطنون العرب المسلمون المعاصرون نلعنُ دينَنا في اليوم مليون مرة، نلعنه بأفعالِنا السيئة و"باردوكسالُّمُون"  (Paradoxalement) نمجده في صَلَواتِنا. تَفضحُنا سلوكاتِنا ولن تُفلِحَ أوهامُنا في سَتْرِ عُيوبِنا.

أن تَنفِي الآخرَ وتُقصيه وتتجاهله، يعني أنك نَفَيْتَ الله في الآخرَ (الإنسان عمومًا دون تمييز من أي نوعٍ). قال الله تعالَى: "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ولم يقل "إن أكرمكم عند الله مسلِمكم". خَلَقَنَا مختلفين لِحِكمةٍ نقبلها حتى ولو كنا نجهلها. الله سبحانه غنيٌّ عن صلاتِكَ أيها المسلم، وعن صيامِكَ وقِيامِكَ، وعن عِباداتِكَ جملةً وتفصيلا. الله مُجرّدٌ حيٌّ قَيُّومٌ، عالٍ متعالٍ، مستقلٌّ بذاته عن جميع مخلوقاته ولا يحتاجُ لإثباتٍ من أحدٍ. أما أخوكَ الإنسان فهو في أشد الحاجةً إليك، بل لا يستطيعُ العيشَ بدونك وبدون اعترافك به كآخر، وإن كفرتَ به فقد كفرتَ بالله الذي خلقه كما يشاء هو سبحانه لا كما تشاء أنتَ أيها الغِرّ المعتد بنفسه، فاتقُوا الله في خلقِه تفوزون بالدنيا وقد تفوزون بالآخرة أيضًا.

في مقهى البلميرا سُئِلَ فيلسوف حمام الشط: ما الفضيلةُ يا سي الحبيب ؟ أخذ نَفَسًا كبيرًا وكأنه يُهيِّئ نَفْسَه للغوصِ في الأعماق ْثم أجابَ قائلاً: الفضيلةُ هي عادة ممارسةِ الفضيلةِ

(L`apprentissagehabituel de la Vertu)

في الواجب وخارج الواجب، في البيت والشارع، في الوطن وخارج الوطن، مع المسلم وغير المسلم، مع الصغار والكبار، مع الرجل والمرأة، مع البشر والشجر والحجر، مع المريض والسليم، مع الحاضر والغائب، إلخ. الفضيلةُ ليست فِعلٌ أو قولُ يُكتَفَى به أو يُحتذَى به في المناسبات والمواسم. الفضيلةُ ليست صدقةً من حين لآخر أو شفقةً في المصائب أو فَطرةً نوزعها في العيد الصغيرِ أو تبرّعًا لبناء جامِعٍ أو خمسَ صلواتٍ نقيمها في اليوم دون خُنوعٍ لله أو خشوعٍ، أو صيام شهرٍ في السنة فيه البطنُ خاويةٌ والتقوى غائبةٌ. قال الله تعالَى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، اعملوا لا تعنِي

(Travailler comme enseignant oui ngénieur ou autre)

 ولا تعني الاكتفاءَ بأداءِ الفرائض، بل تعنِي عملَ الخيرِ.

وما الخيرُ يا سي لَحْبِيبْ ؟

الخيرُ هو العملُ التطوعِيُّ النزيهُ المجرّدُ من كل غرضٍ دنيويٍّ أو أخرويٍّ (Une occupation complètement désintéressée) دون انتظارِ جزاءٍ أو شكورٍ من أحدٍ ودون طمعٍ في جنةٍ أو خوفٍ من نارٍ، خاصةً وأن المخدومَ عادةً (الإنسان المحتاج لأخيه الإنسان ماديًّا أو معنويًّا) لا يملك شيئًا يُقدمه للخادِمِ (الإنسان المانِح) سوى رضاءَ الخادم على نفسه وهذا أعز ما يطمح إليه الإنسانُ التقيُّ مهما كانت عقيدته، توحيدًا أو إلحادًا. أأنتَ خلقتَه أم الله ؟

سي لَحْبيب يُغنّي وجناحُه يردّ عليه والغِناء عند حبيب فلسفةٌ والفلسفة عنده حوارٌ أو لا تكون. ومن يا تُرَى يكون جناحُه بحمام الشط ؟ جناحُه هو العبد الفقير لله الذي نشرَ على لسانه (حبيب) قرابة العشرين مقالاً.

تدخلتُ في النقاشِ شارِحًا مستشهِدًا بأمثلة تُؤيد حبيب لأن من عادة الفلاسفة أنهم لا يحبِّذون سَجنَ فكرتهم في مثالٍ حرصًا على عدم اختزالها، اختزالٌ قد يشوّهها دون قصدٍ

 (Les exemples sont souvent réducteurs)

وقلتُ: انظرْ للغربيين كيف يحترمون القانون الوضعِي (العقل) والقانون عندهم عالٍ متعالٍ كالإله عند التوحيديين مع الإشارة أنني كمسلم أنزّهُ الله عن كل تشبيه. بعض الغربيين يكرهوك كمسلمٍ دخيلٍ مهاجرٍ، لكن لم يمنعهم حقدهم الموروث اجتماعيًّا من أن يطبّقوا عليك القانون مثلما يطبقوه على أبناء جلدتهم، أي أنهم أناسٌ قادرون على جهاد أنفسهم وكبح جماح عواطفهم وكتم عنصريتهم وكبتِ غرائزهم الفطرية والمكتسبة

 Les réflexesinnés et conditionnels

وفي الوقت نفسه يُبدون الجيدَ فيهم، بشاشةٌ في الوجه، حُسنُ الاستقبالِ، رحابةُ الصدرِ وسرعةُ قضاءِ الحاجةِ.. لا يعني هذا أنهم بلا تقوى ولا روحانيات كما يذهب في ظن الأكثرية من المسلمين المتكبرين بدينهم، ومن المؤسف أن أقول إنهم -وحتى في هذا الميدان- هم أكثر منا حنانًا على بعضهم البعض.

ومَن يا تُرى أُمِرَ بمجاهدةِ النفسِ ؟ هم المسلمون نحن وسميناه جهادًا أكبرَا. جهادُ النفسِ الأمّارةِ بالسوءِ وما أكثرَ السوءَ عندنا ! والمفروض أن خِشية الله عندنا أعلَى من خِشية القانون. فهل إذا الفرعُ (خِشية القانون الوضعي الزجري) بعد الثورة ذهبَ، ذهبَ معه الأصلُ أيضًا (خِشية الله) ؟

نحن  فعلنا عكس الغربيين: فعِوض أن نُلجِم عُدوانِيتَنا المكتسبة اجتماعيًّا، أطلقناها دون لٍجامٍ كـ"الكلب المسعور" تنهش أعراضَنا وتستبيح مقدساتِنا وتُتلِف قيمَنا السَّمحة -بأسلحتِهم طبعًا- ولكن للأسفِ الشديدِ بعقولِنا الجامدةِ وأيدينا الآثمةِ، ولم يسلم من إيذائها (عُدوانِيتَنا)  لا العدوَّ ولا الصديقَ، ووصل شرّها إلى الطريق العام والقطاع الخاص والعام ونجحتْ في تلويثِ حِسنا العام وذوقنا السليم ونشرتْ القبحَ مكان الجمال.

خاتمة:

نحنُ أمّةٌ رُحِمْنا بكثرةِ الصلاةِ وطولِ الصيامِ وابتُلِينا بالكسلِ وعدم إتقان العملِ !

دستورنا لم ينهنا، قانوننا لم ينهنا، تقاليدنا لم تنهنا، صلاتُنا لم تنهنا، صيامُنا لم ينهنا، قرآنُنا لم ينهنا، سُنة رسولِنا لم تنهنا، فمَن يا تُرى سينهنا أو يُمحينا -إذا لزم الأمر- عن بكرة أبينا !

سأل برنار بيفو (منشط سابق في برنامج "أبوستروف" في قناة أنتان 2) مرةً الفيلسوف بول ريكار: "لماذا تصلحُ الفلسفة ؟". أجابه ساخِرًا: "لا تصلحُ لشيئ أو بالأحرى تصلحُ لشيء قريبٍ من اللاشيء (Le Presque-rien) ولكن يبدو أن هذا الشيء القريبٍ من اللاشيء هو كل شيء".

تصبحون إن شاء الله على شيء قريبٍ من اللاشيء...

إمضائي

"فلتكن لديك الشجاعة والجرأة للمعرفة.. و.. اجرؤ على استخدام فهمك الخاص" كانط

حمام الشط، الأربعاء 4 أكتوبر 2017.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire