dimanche 5 mai 2024

وددتُ لو تعددت العواصمُ في كل دولة ؟ مواطن العالَم، ريفي النشأة والعقلية مقيم في العاصمة

 

 

ماذا يوجد في العاصمة الفريدة ؟

توجد فيها السلطة ويتجمع فيها نوابُ الشعب لتمرير قوانين أغلبها يخدم شركاءهم في الحكم وبعضها يجازي لوبيات الفساد على كرمِها معهم وقليل منها يلبّي مطالب الشعب، طبعًا دون تعميمٍ ظالِمٍ وغير علمي. تجمّعٌ يسهل التأثير عليه واستمالته بالمال أو بالإعلام أو بالوعد بمنصبٍ عالٍ في الحكومة. سندهم الوحيد الذي يتكئون عليه يتمثل في انتخابهم عبر الديمقراطية غير المباشرة لمونتسكيو ناسين أو متناسين أن الديمقراطية المباشرة لروسّو تكمل الأولى وتُجمّلها وتهذبها وتعيد أنسنتها على حد قول إدڤار موران، فيلسوف الإنسانية.

تستقر في العاصمة كل الوزارات وجميع المقرات الرئيسية للشركات الكبرى ومن مينائها، رادس، يمر ثلثي السلع المهرّبة.

تستفرد بأكبر التظاهرات الثقافية والمهرجانات الغنائية.

تعشش فيها أوكار المخابرات، ومن كثرة حرصها عل تجميع كل المصالح العليا في مدينة واحدة تسهّل على المسؤولين مهامهم وتريحهم من عناء التنقل بين المدن حتى لا ينكشف أمرهم. أما راحة المواطن الذي يتنقل من ڤبلي (تبعد عن العاصمة 500 كم) لاستخراج وثيقة إدارية، فاسأل عنها نواب ڤبلي.

العاصمة تأكل الغلة وتحتقر العامل الفلاحي الريفي الذي أنتجها وتستهزئ من لهجته في مسلسلاتها التلفزية.

ماذا يوجد في المدن الأخرى ؟

يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر: في مدينة دوز (تبعد عن العاصمة 530 كم) يوجد نشاط ثقافي جمعياتي نسائي نفتقده نحن سكّان مدينة حمام الشط. في مدينة جمنة توجد تجربة اقتصاد اجتماعي تضامني لا توجد مثلها أو حتى أقل منها في العاصمة.

جل المصانع الكيميائية أبعِدت عن العاصمة ولا يهم الطبقة الحاكمة إذا مات خليج ڤابس محضنة سمك البحر الأبيض المتوسط وعش صغاره (La pépinière des alevins) أو تَلوَّثَ جو صفاقس وشاطئها.

تعليق:

حتى ولو تميزت كل الدول بعاصمة واحدة، فلماذا لا نكون السبّاقين في تعدد العواصم ؟

ما ضرّ لو طُبِّق التمييز الإيجابي في هذا المضمار وتعددت العواصم واقتربت السلطة من المواطن حتى تَسْهُلَ عليه مراقبتها ويقل تعرّضُ ممثليها للفساد ويصعب على الجواسيس والسفراء التأثير على قراراتهم السيادية.

لماذا لا تستقر وزارة الثقافة في الكاف مثلا ووزارة الشؤون الدينية في القيروان ووزارة الطاقة في ڤفصة ووزارة الاقتصاد في صفاقس ووزارة البيئة في ڤابس، ووزارة السياحة في جربة، إلخ ؟

لماذا لا يُوزَّع نشاط التصدير والتوريد البحري بالتساوي على عدة موانئ مثل ميناء صفاقس وڤابس وجرجيس ؟

خاتمة: أيها المسؤولون خطِّطوا للمستقبل وإلا سيتجاوزكم الزمن كما تجاوز مَن سبقكم رغم قبضته الحديدية (بن علي). المستقبل ملكٌ للأجيال الصاعدة والقادمة، ومَن يرفض التأقلم معه سينقرض، فالعلم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة حتمًا ستهزمكم عاجلاً وليس آجلا، فلا تهنؤوا في عاصمتكم الوسخة الباهتة ولا تتباهوا علينا وتفتخروا بانتهازيتكم وتفاهتكم في بلاتوهات تلفزاتكم السخيفة.

إمضائي

"عَلَى كل خطابٍ سيئٍ نردّ بِخطابٍ جيدٍ، لا بِالعنفِ اللفظِي" (مواطن العالَم)

وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire